يؤكد رئيس قطاع الإنتاج السابق في اتحاد الإذاعة والتلفزيون في مصر عادل ثابت أن العقبة الأولى التي تواجه الإنتاج، سواء الحكومي أو الخاص، ارتفاع كلفة التصوير في الأماكن السياحية والأثرية، ضارباً المثل بمسلسل «الإمام الغزالي» الذي عرض في 2011، إذ بلغت كلفة التصوير في الأماكن الأثرية والسياحية نصف مليون جنيه مصري.

Ad

يضيف أن وزارة الإعلام بحثت عن صيغة لإمكانية التصوير في الأماكن التابعة لوزارات: الآثار والسياحة والداخلية والدفاع من دون تكبّد قطاع الإنتاج، سواء الحكومي أو الشركات الخاصة، مبالغ باهظة، لكن تعطل كل شيء بسبب الظروف السياسية القائمة.

يلاحظ أن الدراما التركية تروج لبلدها عبر التصوير في الأماكن السياحية، من دون أن يتحمل الإنتاج  تكاليف إضافية، ما يعود بالنفع على الدولة، ذلك أن الناس في العالم أجمع يتمنون زيارة هذه الأماكن الجذابة، وهو ما كان يحدث في سورية أيضاً قبل الأزمة الطاحنة التي تمر بها.

حجج واهية

يرفض رئيس جمعية «مؤلفي الدراما العربية» السيناريست محفوظ عبدالرحمن الحجج التي يسوقها القيمون على الإنتاج الدرامي في التلفزيون المصري، بقولهم إن قلة الموازنات السبب الرئيس في الحالة المزرية التي وصلوا إليها، مؤكداً أن مبنى ماسبيرو، خلال فترات ازدهاره في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي،  لم يكن يملك موازنات كبيرة أو إنتاجا ضخماً، مع ذلك كان ينتج أعمالا جيدة لا يختلف عليها اثنان، مؤكداً أن العبرة ليست بالموازنات المفتوحة بل بالمنتَج الجيد الذي يحتاج إلى سيناريو على مستوى عال، ومخرجاً مبدعاً ومجموعة متجانسة من الفنانين.

يحذر عبدالرحمن من ضعف الأجهزة الحكومية في مواجهة الإنتاج الخارجي، لا سيما أن ابتعاد الدولة عن مهمتها الأساسية أوجد كيانات أخرى هدفها الربح فحسب، مندداً بالنظرة الضيقة المحدودة لبعض القيمين على الإنتاج الحكومي، عندما يفكرون بالكسب والخسارة، موضحاً أنهم إذا اهتموا بجودة العمل فسيدرّ عليهم ربحاً وفيراً، بشكل تلقائي، ومن دون بذل مجهود في التسويق، راجياً المسؤولين في التركيز على القيمة الفنية للعمل فحسب.

يرثي صاحب شركة «كينغ توت» المنتج الدرامي عصام شعبان الحالة التي وصل إليها قطاع الإنتاج الحكومي المصري الذي كان صاحب الفضل على الجميع، وهو أول القطاعات المتخصصة بهذا الشأن في منطقة الشرق الأوسط، مؤكداً أنه عندما تنصلح حال الإنتاج الحكومي، سينعكس على القطاع الخاص، سواء تشارك القطاع العام مع الخاص أو استحوذ التلفزيون على الأعمال التي ينتجها بشكل كامل، في هذه الحال سيحرك المياه الراكدة في السوق الدرامي ويشغل العمالة ويدر الربح على الجميع.

يضيف أن الحل السحري لتجاوز هذه الأزمة هو ضخ أموال في القطاع الحكومي علاوة على سداد المتأخرات، ذلك أن فنانين وفنيين كثراً لم يحصلوا على حقوقهم من التلفزيون المصري عن الأعمال التي أنتجت في العام الماضي، بالإضافة إلى جهات أخرى لها بعض المستحقات لدى التلفزيون.

عائق الموازنة

يرى الناقد الفني نادر عدلي أن الموازنة العائق الأول أمام الجهات الحكومية الإنتاجية، لا سيما بعد تصريح الوزيرة درية شرف الدين بأن مبنى ماسبيرو لا يجد أجور العاملين فيه، مشيراً إلى أنه يفترض ألا تهدف وزارة الإعلام والقطاعات التابعة لها إلى الربح.

 يضيف أن العائق ليس في نقص التمويل، بدليل أن قطاع الإنتاج أنتج العام الماضي ثمانية مسلسلات، سُوّق اثنان منها فيما عرض  الستة الآخرون على قنوات ماسبيرو المصرية المحلية من دون جلب إعلانات، ما يضعنا أمام مشكلتين الأولى ضعف الإنتاج والثانية سوء التوزيع.

يرى أن دخول التلفزيون كمنتج مشارك مع بعض القنوات الفضائية أو إنشاء كيانات إنتاجية مصرية جديدة، يكون ماسبيرو صاحب اليد العليا فيها، يعتبر حلاً وسطاً، مثلما فعل ممدوح الليثي، رئيس قطاع الإنتاج الأسبق، عندما رغبت الدولة في تقديم أعمال فنية محترمة، لافتاً إلى أن القيمين على الإنتاج أصبحوا موظفين يعملون من دون تفكير أو لمسة إبداعية، فيما كان الإنتاج الدرامي في أيام يحيى العلمي، عندما كان رئيس قطاع الإنتاج، الأفضل على الإطلاق.

يطالب عدلي الرئيس المصري المنتَظَر والنظام السياسي الجديد الذي يتأسس حالياً، بالاهتمام بهذا القطاع، «خصوصاً أن القوة الناعمة أهم سلاح نمتلكه، وهو الذي كنا نستخدمه في خمسينيات القرن الماضي وستينياته»، حسب تعبيره.