الحق أن كثيرين ربطوا بين ظهور مديحة يسري، {سمراء النيل}، {ذات العينين الكحيلتين}، واللحظة السينمائية الخاصة مطلع الأربعينيات من القرن الماضي، هل كان صانعوا السينما آنذاك يبحثون حقاً عن نجمة جديدة تزين الملصق، نجمة لا تقع في مصيدة الأداء الانفعالي، كغيرها ممن سبقنها إلى شريط السينما، خصوصاً القادمات من خشبة المسرح، وفي مقدمتهن أمينة رزق، فاطمة رشدي، راقية إبراهيم، رجاء عبده، نجاة علي وعقيلة راتب، وحتى من ظهرن معها، ومن ظهرن بعدها، كن أكثر اعتدالاً في الأداء مثل شادية، ليلى فوزي، وتحية كاريوكا، حيث الاعتماد أكثر على التلقائية في الأداء والبساطة والقدرة على التعبير من دون افتعال، يضاف إلى ذلك الصدق في تقمص الشخصيات.

Ad

المؤكد أن الساحة السينمائية المصرية زمن ظهور مديحة يسري كانت شبه خالية. باستثناء صاحبة الحضور الخاص، الموهبة المتألقة الفنانة ليلى مراد، لم تظهر فنانة أخرى تتوافق ومواصفات النجومية، التي تحمس المواطن لأن يذهب بإرادته الحرة المستقلة إلى دور العرض فيقطع التذكرة كي يشاهدها، يضاف إلى ذلك أن ليلى جمعت بين التمثيل والغناء، ومن ثم فهي كانت أكثر انتماء إلى السينما الغنائية، خصوصاً مع سيطرة الرجل النجم (شكلاً ومضموناً) على الساحة السينمائية عموماً، وخصوصاً في مرحلة البدايات.

الشيء الآخر، المؤكد والأهم، أن بدايات مديحة يسري في الأربعينيات تواكبتْ مع حاجة السينما المصرية الملحة، إلى اكتشاف المواهب حيث ظهرت في مناخ ملائم تماماً لاستقبالها كنجمة جديدة، إذ كان متوسط إنتاج الأفلام قبل ظهورها(1938 – 1941) يتراوح بين 11 و13 فيلماً في السنة، وارتفع العام 1942 إلى 21 فيلماً، وصلت عام 1945 إلى 42 فيلماً ثم استقر في السنوات التالية، حول 50 فيلماً حيث دخلت ساحة الإنتاج شركات جديدة، كان أصحابها من أثرياء الحرب وتجار الخُردة، الذين وجدوا في السينما غايتَهم.

في هذه الأجواء، جاءت {أول خطوة} صعدت من خلالها مديحة سلم المجد، بعد لقاء الصدفة الذي جمعها بالمخرج الكبير محمد كريم، وعرضه عليها المشاركة في فيلم مع الموسيقار محمد عبد الوهاب...

                          

رهينة

تقول الفنانة مديحة يسري إنها ورغم أنها رأت في حديث المخرج محمد كريم بداية لمستقبل حلمت به كثيراً، فإن قلقها كان من تحفظ عائلتها على دخولها مجال التمثيل، كان هاجساً يؤرقها: {حين كنت أستمع إلى عرض المخرج محمد كريم، شردت في ما يمكن أن تفعله الأسرة لرفض هذا الحلم، حِرت بين الرغبة في أن أصبح نجمة يشاهد الناس صورتي على الشاشة، وتتصدَّر المجلات والصحف، والخوف من رد فعل الأهل، خصوصاً أبي، إذا ما عرف أن ابنته ترغب في العمل في السينما، لا سيما أنه كان شديد التمسك بالعادات والتقاليد، التي ترفض جميعها عمل الفتيات في الفن}.

تتذكر النجمة الكبيرة، كيف كان عرض المخرج عليها مثيراً للحيرة، تتذكر أن الفن آنذاك لم يكن أمراً مشرفاً تماماً، فكان يُطلق على الفنان لقب {المشخَّصاتي}، حيث لا تُقبل شهادته في المحاكم بوصفه يمتهن مهنة غير مقبولة اجتماعياً، لكن ذلك كله لم يكن يخيفها أو يؤثر في عزيمتها، وعندما لاحظ كريم القلق على ملامح مديحة يسري سألها:

أنت ليه قلقانة؟ أنت مش عاوزة تشتغلي في السينما؟

أبداً يا أستاذ، ده حلمي... بس... أنا خايفة إن أهلي يعترضوا أو يمنعونني.

لحظة صمت مرت قبل أن تسأل مديحة:

- هو أنا ينفع أشتغل من غير أهلي ما يعرفوا؟

صدمها كريم قائلاً:

أكيد لا... انت لسه صغيرة، ولازم يكون في حد معاكِ هو المسؤول عن حضورك في مواعيد التصوير، لأن أكيد مش هينفع تيجي لوحدك}.

زادت إجابة كريم من حيرة مديحة وقلقها، وانصرفت على وعد بلقاء آخر في مكتب الشركة المنتجة تكون بصحبة {ولي أمرها}، وفي الطريق إلى المنزل كانت تفكر كيف تخرج من هذا المأزق، وتقنع والدها بالموافقة رغم أنها كانت تعرف موقفه سلفاً، فهل تطلب مساعدة والدتها؟ ومجدداً تراجعت عن الفكرة فهي لا تضمن رد فعلها أيضاً؟ وظلت تُمعن في التفكير قبل أن يخطر على ذهنها اللجوء إلى خالتها لمساعدتها، فقد كانت صديقتها رغم فارق السن بينهما، وكثيراً ما كانت تطلعها على أسرارها وتأمنها عليها، وفعلاً طلبت منها أن تقوم بدور أمها أمام المخرج والشركة المنتجة، وتوقع على العقد بوصفها ولي أمرها.

وفعلاً نجحت مديحة في إقناع خالتها بعد إلحاح، وفي اليوم المحدد توجهت بصحبتها إلى شركة الإنتاج وكانت وسط القاهرة. صعدت سلالم العقار وكل جزء في كيانها يرتعد، فيما نبضات قلبها تتصاعد وجسدها كله يرتجف من الخوف، فهي سترى بعد ثوان موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وجهاً لوجه وللمرة الأولى، سترى من تحلم به الفتيات ويعشق صوته الجميع.

كان اللقاء الأول بينها وبين عبد الوهاب قصيراً ومُقتضَباً، إذ أدخلها كريم مع خالتها إلى غرفة، حيث كان عبد الوهاب ينتظرهم،  وعندما شاهدها رحَّب قائلاً:

*أهلا... انت اسمك إيه؟

تلعثمت وبصوت خافض قالت: {غنيمة} وأهلي بينادوني هنومة.

ابتسم قائلاً: عاوزك بكرة تيجى الأستديو الساعه 10 صباحاً ممكن.

ردت والعرق يتصبب منها: حاضر... إن شاء الله يا أستاذ.

ثم خرجت مسرعة من الغرفة فيما بقيت خالتها لتوقيع العقد وتقاضي أول أجر لمديحة نيابة عنها وكان 10 جنيهات فقط.

في طريق العودة لم تكن مديحة سعيدة بالعشرة جنيهات، رغم أنه أول مبلغ تتحصل عليه من عملها وليس مصروفاً، ولكنها كانت مهمومة بكيفية تدبير فستان سهرة لزوم تصوير المشهد في اليوم التالي، فلم يكن لديها فستان مناسب للمشهد، وأجرها في الفيلم والذي تحصلت عليه لم يمكنها من شراء فستان جديد، فكل ما أعجبها من فساتين لم يقل سعره عن 15 جنيهاً، وهو مبلغ كبير آنذاك، وعليه قررت مديحة أن ترهن ساعتها الذهبية والتي أهداها لها والدها، لتشتري الفستان الذي أعجبها. فعلاً، ذهبت إلى متجر ساعات كان يملكه أحد أصدقاء والدها، إلا أنها لم تتخيل أن يتطوع هذا الصديق لإخبار الوالد بما فعلت، لتفاجأ به يعيد إليها ساعتها.

دخل الأب المنزل مُنفعلاً، ونادى مديحة لتخرج له من غرفتها، بينما كانت جالسة تمارس الرسم هوايتها المفضلة:

- أنت إيه اللي خلاكِ ترهني الساعة يا {هنومة}؟

* كنت ناوية أفك الرهن أول ما أحوش فلوسه.

- أيوه يعني ليه رهنتِ الساعة؟

* كان نفسي في فستان حلو، ومكنتش عاوزة آخد فلوس من ماما.

- طيب متعمليش كده تاني...

كانت مديحة اشترت الفستان واحتفظت به في منزل خالتها، لتتوجه به معها إلى الأستوديو صباح اليوم التالي. كانت تخطو بثبات وثقة في النفس، لم تعلم أن القدر الذي دفع بها إلى هذا العالم يضعها أمام أول أزواجها المطرب الشاب محمد أمين، الذي كان يعتبر عبد الوهاب بمثابة أبيه الروحي. كان أمين يعمل مهندساً للصوت في أستوديو مصر، واكتشف عبد الوهاب جمال صوته فشجعه على الغناء والتمثيل لاحقاً، وكان المطرب الوحيد الذي منحه عبد الوهاب فرصة الغناء في أحد أفلامه. صحيح أن كثيرات غنين أمام عبد الوهاب ومن أشهرهن ليلى مراد، إلا أن أمين ظل الوحيد الذي حظي بهذا الشرف من الرجال.

حب من أول نظرة

كانت الصدفة وحدها وراء وجود المطرب محمد أمين، في يوم تواجد مديحة يسري مع عبد الوهاب، حيث كان بصحبته أثناء دخوله الأستوديو ليس فقط بوصفه مهندس الصوت الذي يأمن عبد الوهاب على تواجده ولكنه كممثل أيضاً في الفيلم {ممنوع الحب} حيث رحب بالظهور في دور صغير جداً (مراكبي) رغم أنه كان قد حقق قدراً لا بأس به من الشهرة وكان بصدد تسجيل أولى أسطواناته قبل أن يلتقي مديحة.  

حينما دخلت مديحة يسري المسرح ورأت الديكورات كانت منبهرة جداً، وكان المشهد الذي ستظهر فيه أغنية للموسيقار محمد عبد الوهاب {بلاش تبوسني في عينيا} داخل فيللا فخمة، وكان مطلوباً أن ينظر إلى عينيها السوداوين، خلال تصوير الأغنية، التي كتبها حسين السيد، ولحنها عبد الوهاب.

اقترب منها عبد الوهاب وأمين، فيما المخرج محمد كريم كان يراجع اللمسات الأخيرة قبل بدء التصوير، وحينما شاهد مديحة سلم عليها وعرفها بأمين ثم سألها:

أنت متمسكة بأن اسمك يبقي هنومة؟

بذكاء ردت مديحة: أنا مستنية الاسم اللي هيختاره لي الأستاذ محمد كريم.

كان أمين يقف إلى جوار عبد الوهاب يمعن النظر فيها ويراقب طريقتها في الكلام. كانت نظراته تعبر عن إعجابه بالسمراء الفاتنة التي سيغني عبد الوهاب لعينيها الساحرتين بعد قليل.

تدخل أمين في الحوار وأخبرها أن لديه اسماً يليق بها وبجمالها، فسألته: إيه هو يا أستاذ؟

فرد: مديحة.

وقبل أن ترد عليه كان موسيقار الأجيال قد بادر بإبداء إعجابه بالاسم مقترحاً أن يضاف إليه اسم يسري ليكون اسماً فنياً لها.

تحمست مديحة وشكرت الأستاذين الكبيرين، وهو ما أثنى عليه أيضاً المخرج محمد كريم الذي أخذها من يدها استعداداً للتصوير ويبدأ في تدريبها مع الفتيات على الحركة أمام الكاميراً، قبل أن يبدأ التصوير، فعرفت مكان وجودها بدقة وكيف تتحرك ومتى، وماذا ستفعل حينما تقف أمام عبد الوهاب والذي بدأ في الغناء:

{بلاش تبوسني في عينيا دي البوسة في العين تفرق

يمكن في يوم ترجع ليا والقلب حلمه يتحقق

خلي الوداع من غير قُبل

علشان يكون عندي أمل

وبلاش تبوسني في عينيا}...

أنهى عبد الوهاب تصوير الأغنية، وقبل أن تغادر مديحة الأستوديو كان محمد أمين يختلق سبباً لتجاذب أطراف الحديث معها، فأوقفها بعد انتهاء التصوير قائلاً:

عملتي إيه يا هنومة ولا أقولك يا مديحة خلاص.

* الحمدلله كان الموقف سهل مش صعب.

- وانت منين بقي يا حلوة؟

* أنا ساكنة في شبرا مع بابا وماما وبأدرس في مدرسة التطريز.

- طيب ربنا معاك شكلك هتبقي ممثلة شاطرة.

ابتسمت مديحة في وجه أمين قبل أن تستأذن للمغادرة، بعدما أخفت عنه أنها لم تجرؤ على مصارحتهما برغبتها في التمثيل وأنها هنا من دون علمهما.

مع نهاية التصوير، وبينما كانت تتأهب لمغادرة الأستوديو تصادف وجود المخرج عبد الفتاح حسن الذي كان يبحث عن فتاة شابة تظهر في دور ممرضة ضمن فيلم تسجيلي يصوِّره.

لم تتردد مديحة في الموافقة وكانت معها خالتها، فالفيلم لن يحتاج منها سوى إلى الحضور مرة إلى الأستديو، فوافقت على التصوير ووقعت خالتها على التعاقد مع وزارة الصحة، التي كان مندوبها يتفق مع الفتيات، وكان أجرها في الفيلم جنيهاً، حصلت عليه بعد توقيع خالتها للعقد، وغادرت مديحة معها من دون أن تعرف تفاصيل دورها، فما علمته هو أنها ستقوم بدور ممرضة فحسب.

تقول النجمة القديرة: {توجهت صباح اليوم التالي برفقة خالتي إلى الأستوديو، وبدأت في الجلوس مع المخرج للاتفاق على الدور في الفيلم، والذي حمل اسم {الوقاية من الغازات} وكان هدفه توعية المواطنين من انتشار الأوبئة خلال الحروب، وعرفت أن دوري ممرضة تقدم نصائح للأصحاء خلال زياراتهم للمستشفى وتعالج المرضى. فعلاً، أنهيت تصوير دوري من دون أن أعرف موعد العرض، لكن يشاء القدر ألا يخرج الفيلم إلى النور حتى الآن ويظل حبيس الأدراج، ليكون أول وآخر إعلان في حياتي}.

تتذكر مديحة يسري ذلك وهي تبتسم للمفارقة، بين أول فيلم تصوره مع شركة كبيرة وبين ثاني فيلم لا يعرض أصلاً، بعد أسابيع عدة علمت أن تصوير فيلم {ممنوع الحب} انتهى، وباتت تترقب على أحر من الجمر، طرحه في دور العرض لترى نفسها على شاشة السينما، فقد كانت ترغب في أن تصطحب صديقاتها إلى السينما ليشاهدنها والفنان الكبير عبد الوهاب يغني لها، لم تدرك مديحة أن القدر كان يحتفظ لها بمفاجأة أخرى لتصبح نجمة سينمائية كبيرة.

(الحلقة الرابعة غداً)

الحرب خدعة

عندما طرح فيلم {ممنوع الحب} في دور العرض السينمائية شاهده المنتج اللبناني جبرائيل حلمي، ورغم أن ظهور مديحة في الفيلم لم يتجاوز الدقائق المعدودة فإنها لفتت نظره، فالرجل اللبناني كان يبحث عن بطلة لفيلمه الجديد، تقف أمام الفنان فريد الأطرش بعدما تعذرت مشاركة أسمهان لسفرها إلى لبنان، وجد حلمي ضالته في عيون مديحة، التي أبرزت كاميرات محمد كريم جمالها ومصريتها.

لم يلحظ جبرائيل اسمها على شارة الفيلم ضمن عشرات الأسماء المكتوبة، لكنه ظل محتفظاً في ذاكرته بالمشاهد التي ظهرت فيها، وفي اليوم التالي طلب من قاسم وجدي أن يبحث عنها ويعرف اسمها. وصف له الأغنية التي ظهرت فيها، وطلب منه أن يحدد له موعداً معها في أقرب فرصة.

لم يتأخر وجدي فساعات قليلة وكان على معرفة بالمكان الذي تتواجد فيه مع صديقاتها، في حديقة {غروبي} مجدداً، فأرسل لها من يخبرها برغبته في لقائها اليوم التالي، بعدما حدد موعداً مع حلمي. فعلاً، حضرت مديحة لتجد المنتج جبرائيل حلمي، والذي عرض عليها أن تكون بطلة أمام فريد الأطرش في فيلمه الجديد {أحلام الشباب}. لم تتمالك مديحة نفسها من الفرحة، وكادت أن تطير من مكانها، ولم تصدق أنها مطلوبة بالاسم ومن مجرد ظهور عابر على شاشة السينما.

لم تطلب مديحة مهلة للتفكير في الأمر، بل قررت سريعاً الموافقة قبل أن تقرأ السيناريو، فكل الفتيات كن يتمنين التمثيل أمام فريد الأطرش ولو في مشاهد صامتة، وهي مرشحة للبطولة فكيف ترفض هذه الفرصة. أخبرتهم سريعاً موافقتها وحاولت أن تمسك أعصابها وألا تظهر آثار فرحتها أمامهم، وفعلاً نجحت في أن {تمثل عليهم} عدم الاهتمام وأنها لا تطير من الفرحة، فطلبوا منها أن تأتي في اليوم التالي برفقة والدها لتوقع العقد فهي لا تزال قاصراً وعمرها أقل من 20 عاماً.

صدمتها الفكرة مجدداً، وبالطبع لم يكن أمامها سوى خالتها لتتقمص دور والدتها، وفعلاً اصطحبتها معها واتفقت على أن تكتب في العقد شرطاً جزائياً قيمته ألف جنيه في حالة الاعتذار عن عدم تمثيل الفيلم أو الاعتذار لأي سبب آخر، يحول دون استكمالها العمل، وهو ما تعجب منه المنتج، خصوصاً أنه لم يشترط ذلك، كما أن قيمة المبلغ المنصوص عليه كانت كبيرة جداً في تلك الأيام.

كانت مديحة تدرك أن العمل في أدوار صغيرة عابرة، مسألة من السهل أن تمر مرور الكرام، ولكن بطولة أمام فنان بحجم فريد الأطرش مسألة ليست سهلة، خصوصاً أن الأمر سيتطلب منها التغيب كثيراً عن البيت ولساعات طويلة، فضلاً عن الخروج ليلا وربما السفر، لذا اهتدت إلى فكرة الشرط الجزائي، الذي سيجبر عائلتها على الرضوخ لرغبتها.

على الجانب الآخر، كانت الصحف بدأت تنشر أخباراً عن الفيلم الجديد {أحلام الشباب}، الذي سيقوم ببطولته الفنان فريد الأطرش أمام الوجه الجديد مديحة يسري، مصحوباً بصورة تجمع فريد بالوجه الجديد، وبالطبع لم يكن والدها يعلم قصة العقد ولا أن ابنته ترغب في العمل كممثلة، أو أنها سبق وخاضت فعلاً تجربة التمثيل سلفاً أمام عبد الوهاب في فيلم {ممنوع للحب}.

ذات صباح كان والدها يجلس على المقهى يطالع الصحف، حتى جاءه أحد أصدقائه واطلعه على المجلة والتي تتضمن صورة ابنته بوصفها الوجه الجديد الذي سيشارك فريد الأطرش فيلمه المقبل، لم يصدق الأستاذ خليل والد مديحة الخبر، وأطال النظر في الصورة قبل أن يفارق المقهى والشرر يتطاير من عينيه.