حسمت المحكمة الدستورية الاثنين الماضي الإشكال الدستوري القانوني بشأن انتخابات 2013 البرلمانية، فثبّتت المجلس وصحّحت نتائج العملية الانتخابية، فأقصت مَن أقصت، وأعادت مَن انتخبه الناخبون انتخاباً صحيحاً إلى موقعه في قاعة عبدالله السالم، في حين حسمت الحكومة أيضاً وضعها المهزوز بتقديم استقالتها أو استقالة وزرائها دون رئيسها، بينما مازال الوضع السياسي وأحوال البلد على وضعهما دون حسم، فالبلد يعاني نفس ما يعانيه منذ سنوات رغم أنه في كل مرحلة مهمة سابقة كنا نعتقد أننا حسمنا أمورنا ونستعد للانطلاق إلى الاستقرار والتنمية فنجد أنفسنا في ذات "المعمعة" والورطات والمشاكل المتتالية التي تغرقنا في أمواجها المتلاطمة.

Ad

بعد مرحلة أحداث 2010-2011 وأزماتها المتتالية وصدامات الشوارع والساحات، وبعد أن صدر مرسوم الصوت الواحد والاستجابة الشعبية معه، لاسيما ما رافقه من مراسيم تتعلق بمحاربة الفساد وكشف الذمة المالية، توقعنا حينئذ أننا حسمنا تلك المرحلة واستعددنا لانطلاقة نوعية ستحل مشاكل البلد وتنقله إلى التنمية والإنجاز والإدارة الفاعلة والتطبيق الحازم للقوانين، لنصطدم مرة أخرى بحالة من التردد من أطراف مهمة في السلطة، وارتباط بعض أجنحتها بعلاقات مع مَن كان يجر البلد إلى الهاوية، وهو الأمر الذي انعكس على أداء الحكومة وكبّلها باستحقاقات قديمة شلّتها وجعلتها تبقى في نطاق أداء الحكومات السابقة المحبط والمخرب، واكتمل ذلك بالأخطاء الدستورية التي أدت إلى إبطال برلمانات سابقة.

وحالياً نجتر نفس المشاهد السابقة بعد أن حكمت "الدستورية" وثبّتت وضع المؤسسة التشريعية، فالمتبقي هو حسم وضع الحكومة التالية لسمو الشيخ جابر المبارك، وكيف سيتم حسم "دينامو" الدولة المتمثل في سلطتها التنفيذية المكلفة إدارةَ شؤونها وعدم إعادة مشاهد الحكومات الضعيفة والمتخبطة السابقة، وبالتأكيد فإن الشيخ جابر المبارك يستطيع أن يصنع مجداً لا مثيل له سواء، إن استطاع أن يشكل حكومة "ثورية" بمعنى حكومة إنقاذ لكل أوضاع البلد المتردية، أو حتى اعتذر إن أحسّ بأن هناك ظروفاً وموانع تحول بينه وبين إنقاذ الكويت مما تعانيه في هذه المرحلة الحرجة التي وصلت فيها الديرة إلى أسوأ مراحل الإحباط والتخبط، ورفض سموه أن يرتبط اسمه بما سيؤول وضع البلاد إليه من مزيد من التردي إن استمرت الأوضاع على ما هي عليه.

لن نثقل على سمو الشيخ جابر المبارك ونعيد نفس "الاسطوانة" بأن الكويت لا تريد حكومة محاصصة ولا ممثلين عن تجمعات المصالح والتكتلات الفئوية والقبلية والطائفية، ولن نكرر أننا بحاجة إلى وزراء ينزلون إلى مواقع العمل ويحطمون البيروقراطية وينهون حالات التسيب، ويقترحون تجديد التشريعات البالية بقوانين جديدة لا تنحاز إلى هذا الطرف أو ذاك، فبالتأكيد سمو الرئيس بخبرته الواسعة يعلم كل ذلك، ويعلم أيضاً أن استمرار تعطيل تنفيذ كشف الذمة المالية وتصاعد تداول مصطلح "البزنس- الحكم" في الكويت ينذر بعواقب وخيمة. قطعاً سمو الرئيس يعرف كل ذلك وأكثر، ولذلك يتساءل كثير من الكويتيين: هل سيحسم الشيخ جابر المبارك خياراته وخيارات السلطة تجاه الأوضاع الحالية في حكومة رأس السنة الجديدة، أم أننا مازلنا في مرحلة اللااستقرار والإحباط؟!