كثرة القوانين ليست إنجازاً
إن الإنجاز الفعلي للحكومة ليس قدرتها على إقرار القوانين أو كثرة عددها، بل كفاءتها في تحديد الحاجة لقوانين معينة، وقدرة الأجهزة الحكومية على صياغتها بشكل دقيق ثم تطبيقها بعد ذلك، والسؤال الذي يفترض أن يُطرح هنا هو: هل القوانين التي تُقر ترتبط فعلاً بالحاجة إلى تنفيذ سياسات عامة بعيدة المدى أم أنها مجرد اجتهادات شخصية؟
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
لهذا فإن الإنجاز الفعلي للحكومة ليس قدرتها على إقرار القوانين أو كثرة عددها، بل كفاءتها في تحديد الحاجة لقوانين معينة، وقدرة الأجهزة الحكومية على صياغتها بشكل دقيق ثم تطبيقها بعد ذلك، والسؤال الذي يفترض أن يُطرح هنا هو: هل القوانين التي تُقر ترتبط فعلاً بالحاجة إلى تنفيذ سياسات عامة بعيدة المدى أم أنها مجرد اجتهادات شخصية تمليها الرغبة الحكومية الآنية في إرضاء قوى الضغط الاقتصادية والسياسية؟ لنأخذ، على سبيل المثال لا الحصر، التعديلات التي أدخلتها الحكومة مؤخراً على قانون الإسكان هل هي اجتهادات خاضعة لرغبات قوى متنفذة ومتمصلحة، أم أنها قوانين ضرورية من أجل تنفيذ سياسة عامة تعالج الأسباب الجذرية للمشكلة الإسكانية مثل احتكار الأراضي والمضاربات العقارية التي تسببت في وصول أسعار أراضي السكن الخاص إلى مستويات عالمية قياسية؟ وهل هذه التعديلات في مصلحة المواطنين على المدى المنظور؟ وهل لدى الحكومة القدرة المالية والإدارية على توفير البنى التحتية التي تحتاجها المدن الإسكانية الجديدة مثل نظام الصرف الصحي والكهرباء والماء وشبكة الطرق السريعة من أجل معالجة مشكلة الازدحام المروري. ناهيك عن القدرة على توفير الخدمات العامة الضرورية مثل المدارس والكليات والمستشفيات والإدارات الحكومية والأماكن الترفيهية التي يتطلبها التوسع الجغرافي؟ إن إقرار قوانين جديدة أو تغيير القوانين السارية ليس إنجازاً بحد ذاته، بل قد يسبب مشاكل في المستقبل ما لم يكن جزءاً من سياسات عامة بعيدة المدى لا رغبات فردية مؤقتة تتغيّر بتغير الأشخاص، وقد تكون نتائجها سلبية على المواطن والدولة معاً.