التأمين في الولايات المتحدة صناعة مهمة، لكن يتم التعامل مع مسألة تنظيمها كقضية قليلة الأهمية. وتعادل أقساط التأمين التي تدفع سنوياً حوالي 7 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في الولايات المتحدة، وتعتبر شركات مثل مجموعة أميركان انترناشنال (اي آي جي) وبرودنشال فايننشال ضمن أكبر المؤسسات المالية في البلاد.

Ad

وعلى الرغم من ذلك فإن الاشراف عليها وعلى شركات التأمين الاخرى يتوزع على 50 ولاية. وبدلاً من وجود مؤسسة تأمين فدرالية حسنة التمويل لا توجد شبكة أمان لدى أصحاب البوالص في شركات التأمين سوى جمعيات ضمان 50 ولاية.

وقد تمكنت شركات التأمين من تفادي التنظيم الفدرالي عبر المجادلة في أن أعمالها آمنة ومنتظمة. وصنفت شركتان فقط وهما "أيه آي جي" وبرودنشال رسميا من قبل مجلس الاشراف على الاستقرار المالي كمؤسسات مالية مهمة بشكل منهجي، ويتوقع أن تنضم اليهما "مت لايف".

ولكن أعمال التأمين تغيرت، وغدت شركات التأمين أشبه بالبنوك من حيث كون موجوداتها (الأموال التي تجمعها من المقرضين والمستثمرين) مثل ايداعات البنوك بقدر أكبر: قصيرة الأجل وغير مستقرة.

وهذا جنون بالنسبة الى جون بيغز – 78 سنة – الذي حصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد أثناء عمله كاداري في الجامعة.

وكان عليه أن يعرف أعمال التأمين عندما أصبح رئيساً ومديراً تنفيذياً لجمعية المعلمين في صندوق تقاعد أميركا كولج في الفترة ما بين سنة 1993 و2000، ويشغل الآن منصب التنفيذي المقيم في كلية ستيرن التجارية في جامعة نيويورك ويشارك مع الاقتصادي في ستيرن ماثيو ريتشاردسون في تأليف كتاب جديد بعنوان "تحديث أنظمة التأمين".

وبحسب تحليل في الكتاب من قبل اقتصاديين في بنك الاحتياط الفدرالي في شيكاغو فإن شركات التأمين على الحياة تعتمد بقدر أكبر على بيع منتجات مثل عقود استثمار مضمونة ودخل مدى الحياة التي يستطيع المستثمر أن يقبضها في الحال، ما يجعل الشركات عرضة بقدر أكبر للمخاطر.

ويقدر باحثو "الفدرالي" في شيكاغو أن 54 في المئة من تمويلات شركات التأمين تتسم بسيولة معتدلة الى عالية (أي عرضة للسحب) مرتفعة عن 50 في المئة عن سنة 2007 قبل اندلاع الأزمة المالية.

واذا فقدت شركات التأمين تمويلاتها سوف تضطر الى طرح سنداتها وأصولها الاخرى في السوق، ما يفضي الى رفع معدلات الفائدة وربما الى حدوث هلع. وقد تجد شركات التأمين على الممتلكات والحوادث صعوبة في اصدار بوالص والضغط على عملاء مثل الخطوط الجوية التي لا تستطيع العمل من دون تغطية قانونية.

ويقول مايكل ماك ريث وهو مدير مكتب التأمين الفدرالي: "نحن أردنا تقييم العالم كما هو وليس كما يتمنى البعض أن يكون".

ترك قانون دود – فرانك لسنة 2010 شركات التأمين وشأنها في الغالب، على الرغم من أن شركة "اي آي جي"، التي كانت أكبر شركة تأمين في العالم، كانت واحدة من أكبر الشركات التي تعثرت في سنة 2008. وقد أقام دود – فرانك مكتباً فدرالياً صغيراً للتأمين في وزارة الخزانة وكلفه بوضع خطة لتحديث أنظمة التأمين. وفي التقرير الذي صدر في شهر ديسمبر الماضي أوصى المكتب بوضع نظام هجين من شأنه زيادة الاشراف على التأمين فيما ترك النظام التنظيمي في الولايات على حاله الى حد كبير.

ويقول بيغز إن تقرير مكتب التأمين الفدرالي لم يتقدم بما فيه الكفاية. ويُعنى أحد الفصول حول تحديث أنظمة التأمين والذي كتبه بيغز نفسه بجانب مهمل، لكنه حيوي في سوق التأمين، وهو شبكة جمعيات ضمان الولاية التي يفترض أن تسارع الى العمل في حال افلاس شركة تأمين لحماية المؤمن عليهم الذين يعيشون في ولاياتها. ويضيف: "هذه فرصتي لكتابة شيء حول هذا الموضوع، ولم يهتم أحد في هذه الصناعة بهذه المسألة".

وبينما عالجت جمعيات الضمان التي تأسست في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي حالات فشل صغيرة لحقت بالتأمين فإن بيغز يشكك في قدرتها على حل مشكلة من النوع الكبير. ولم تلعب تلك الجمعيات أي دور خلال الأزمة المالية عندما هرع مجلس الاحتياط الفدرالي لانقاذ "اي آي جي" أو عندما استخدمت خدمات هارتفورد المالية ولنكولن ناشنال أموال برنامج غوث الأصول المضطربة (وقد سددتا تلك الأموال بعد ذلك).

لا تحتفظ جمعيات الولاية باحتياطيات كبيرة. ومن أجل تعويض المؤمن عليه لدى شركة تأمين فاشلة يتعين على تلك الجمعيات ارسال فاتورة الى شركات التأمين العاملة في الولاية. ويوجد سقف يتعلق بكمية الأموال التي يتعين استعادتها، ولا يوجد مقرض ملاذ أخير يضاهي مجلس الاحتياط الفدرالي: يحظر على جمعيات الولاية اقراض الأموال، ويجادل بيتر غالانيز وهو رئيس جمعيات الضمان في المنظمة الوطنية للتأمين على الحياة والصحة بان نظام الضمان يستبدل بوالص التأمين ببوالص اخرى.

بزنس ويك