احتل قرار العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتعيين الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولياً لولي العهد صدارة المشهد العربي المضطرب والإقليمي المترقب، لأنه تحرك استباقي يمهد لاعتلاء "محل ثقته" العرش مستقبلاً ويقطع الطريق أمام أي محاولة لإثارة الخلاف داخل المملكة، التي تطوقها أزمات وأعمال عنف تجتاح جوارها في العراق والبحرين واليمن.

Ad

وجاء القرار الملكي، الذي لا سابق له باستحداث منصب ولي ولي العهد، بمثابة رسائل قوية للداخل والخارج، أبرزها عدم "ترك الأمور للمصادفات والمفاجآت" في الدولة الأولى المصدرة للنفط. ووفقاً للنظم السارية المفعول، تنتقل السلطة في السعودية من شقيق إلى آخر من أبناء مؤسس الدولة الملك عبدالعزيز، مع الأخذ في الاعتبار التراتبية العمرية، يقوم بعدها الملك الجديد بتعيين ولي للعهد فور تسلمه السلطة.

لكن العاهل السعودي (90 عاماً) أصدر أمس الأول قراراً مفاجئاً ينص على تعيين أخيه غير الشقيق الأمير مقرن، أصغر أبناء الملك المؤسس الخمسة والثلاثين، ولياً للعهد مستقبلاً، والذي يعتبر، بحسب دبلوماسيين، من المقربين جداً من الملك و"محل ثقته".

وقطع الملك عبدالله الطريق أمام أي محاولة لإلغاء أو تغيير القرار في حال وجود خلافات، بتشديده على أنه "لا يجوز تعديل القرار بأي حال من الأحوال أو تبديله بأي صورة كانت ومن أي كائن كان أو تسبيب أو تأويل".

وبعد حصول تعيين الأمير مقرن (69 عاماً)، الذي تولى رئاسة جهاز الاستخبارات بين عامي 2005 و2012، على موافقة "ثلاثة أرباع أعضاء هيئة البيعة"، كشفت مصادر دبلوماسية أمس أن الأميركيين "لا يحبذون المفاجآت في أول بلد مصدر ومنتج للنفط في العالم، نظراً لانعكاساتها المحتملة على سوق الطاقة والإمدادات النفطية"، مضيفة أنه "قد يفضل الأميركيون محاوراً معيناً يتواصلون معه، لكنهم يفضلون استقرار المملكة الذي يشكل أولوية بالنسبة لهم".

ورأت افتتاحية صحيفة "الشرق الأوسط"، المقربة من دوائر الحكم، أمس "أن القرار الملكي حمل عدة رسائل. فدولياً، تؤكد المملكة للعالم استقرارها وقدرتها على الاستمرار في ذات النهج المعتدل، وأن دولة بحجم السعودية واقتصادها ستبقى آمنة وفي أيد أمينة. وفي ظل الصراعات الإقليمية واجتياح الفوضى دولاً عربية، ترسل السعودية رسالتين، الأولى للأصدقاء: نحن نزداد تمتيناً لتحالفنا. والثانية للخصوم: إن أهدافكم المعادية ستؤول إلى خسارة وطموحاتكم ستنتهي إلى ما لا يسركم".

 (الرياض - أ ف ب، رويترز، واس)