ربما يكون الواقع الذي يعيشه لبنان الآن أكبر مما يحتمله على المستويين الاقتصادي والديموقرافي. بلد مكوّن من أربعة ملايين شخص، وأربعة عشر مليون مهاجر، بمديونية تجاوزت الخمسين مليون دولار، تصل إليه حالياً معضلة اللاجئين السوريين، والإرهاب، والقاعدة، وداعش.
مليون سوري على أرض لبنان من المنكوبين في الأزمة، وفي كل دقيقة يدخل إلى لبنان لاجئ سوري، أزمة سياسية مستمرة منذ الحرب الأهلية، والواقع يتضخم في وجه اللبنانيين، ومشكلاته كرة ثلج تتدحرج وتكبر من دون حل يلوح في الأفق. في خضم هذا الواقع المرير تتسع المسافة المفرّقة بين اللبنانيين، صراعات الترشح للانتخابات الرئاسية على أشدها بين التيارات المسيحية وعلى رأسها سمير جعجع من جهة، وميشيل عون من جهة، الأول مرشح تيار الرابع عشر من آذار، والثاني مرشح "الثامن من آذار" و"حزب الله" وكل الدائرين في فلكه.واقع لبنان ليس سهلاً، ولا يمكن أن تحله انتخابات رئاسية، بدليل أن الرئيس ميشيل سليمان، وهو المعتدل والوسطي، لم يستطع أن يفعل شيئاً يُذكَر خلال فترة ولايته. لبنان بلد حاد لا يمكن أن يُدار عبر التيارات الوسطية، ربما كان الراحل رفيق الحريري أقدر من كان منتمياً لبرنامجٍ ولتيار، وفي نفس الوقت علاقته منفتحة مع التيارات الأخرى وعلى رأسها "حزب الله"، لكنه دفع الثمن غالياً إذ تشير أصابع الاتهام إلى تورط "حزب الله" في اغتياله أو تدبير بعض عناصره، وعلى الأقل بعلمٍ من عماد مغنية، دماغ "حزب الله" المعروف الذي اغتيل بطريقةٍ غامضة.مشكلة لبنان في الدولة، في مفهوم المؤسسة السياسية، وهذا ما أشار إليه المرشح القوي سمير جعجع في حوارٍ معه، حيث تحدث قائلاً: "نحن قادرون على إنقاذ كل شيء. على قدر ما الدولة اللبنانية منذ 20 سنة إلى الآن صورت على أنها غير قادرة على فعل شيء، وأن الجيش عاجز عن فعل أي شيء. على سبيل المثال لا الحصر يتكلمون من وقت إلى آخر عن أن الجيش لا أحد يرضى بتسليحه، وبالتالي كيف يكون قادراً على مواجهة إسرائيل؟ فلو تلقي نظرة على تسليح الجيش كما هو الآن فهو أكثر من تسليح "حزب الله" بخمسين مرة، وهم يطرحون أشياء غير صحيحة، ولكن للأسف يسكتون الجيش من أن يتكلم. فالقوات الخاصة في الجيش (مغاوير البحر ومغاوير الجبل والقوة الضاربة) هم أكثر من القوى الخاصة التي يملكها حزب الله بمرتين أو ثلاث مرات. ويتكلمون عن سلاح الجيش! ترى ماذا يملك حزب الله من سلاح؟ فهو يتنقل في شاحنات صغيرة تستعمل في نقل الخضار".لو أن سمير جعجع فاز في الانتخابات فلن تكون نهاية المطاف، فهناك دولة "حزب الله" داخل الدولة اللبنانية، والحل يكمن في ترتيب البيت اللبناني داخلياً وإدماج "حزب الله" في الجسم السياسي، وبدء حوارات فعلية يكون فيها الحزب مستعداً لدمج سلاحه في الجيش اللبناني، وهذا يتطلب وقتاً كما ذكر وليد جنبلاط.أمن الخليج يحتم علينا تشجيع الأحزاب المعتدلة والحليفة، بدلاً من تلك التي تتسول إيران والقوى الإقليمية الثورية التي تستعمل "حزب الله" وغيره في تأزيم الخليج، ولئن جاء جعجع فإن هذه بداية لخطوة من مسيرة تحتاج إلى مليارات الخطوات.
أخر كلام
سمير جعجع... هل هو حل لبنان السحري؟!
09-04-2014