لم يكن تراجع السوق الكويتي مصادفةً أو نتيجة ضغط، إذا ما قورن بمكاسب أسواق خليجية تجاوز ارتفاع بعضها 50% هذا العام، وذلك نتيجة طبيعية لعوامل دعم عديدة، بل كانت خسارة مؤشرات السوق الكويتي نتيجة عوامل سلبية عديدة أوجدت فجوة كبيرة بين أدائه وبقية أسواق المنطقة.

Ad

سجلت جميع اسواق المال الخليجية نموا في تعاملات شهر مايو، باستثناء السوق الكويتي (المؤشر السعري) كما هي الحال في كل مرة، واستطاع مؤشر سوق قطر ان يواصل تسجيل مستوياته القياسية بعد ان ربح 8 في المئة جلها خلال الاسبوع الاخير من هذا الشهر، بينما ربح ابوظبي 4.1 في المئة وسجل السعودي 2.5 في المئة، والبحريني 2.2 في المئة، وسجل مسقط نسبة مقاربة، بينما كان دبي الاقل ارتفاعا بنسبة لم تتجاوز 0.6 في المئة في حين فقد مؤشر سوق الكويت "السعري" نسبة 1.5 في المئة باتجاه مغاير لما ذهبت اليه بقيت الاسواق الخليجية.

استمرار تراجع «الكويتي»

لم يكن تراجع سوق الكويت للاوراق المالية صدفة او نتيجة ضغط اذا ما قورن بمكاسب اسواق خليجية تجاوز بعضها نسبة 50 في المئة ارتفاعا خلال هذا العام فقط، وانما كان ارتفاعها نتيجة طبيعية لعوامل دعم عديدة، كما كانت خسارة مؤشرات السوق الكويتي نتيجة عوامل سلبية عديدة أوجدت فجوة كبيرة بين ادائه وبقية اسواق المنطقة خصوصا الاسواق الرابحة الاربع حيث ان سوق مسقط مازال في مستويات متدنية مقارنة مع اقفاله السنوي للعام الماضي.

أحداث استثنائية

حققت أسواق الامارات وقطر نموا كبيرا رغم حداثتها الا ان ارتفاعها جاء نتيجة عوامل دعم استثنائية قد لا تتحقق لاي اسواق اخرى سواء في المنطقة او عالميا، حيث سيجعل ادراجها في مؤشر مورجان ستانلي للاسواق الناشئة في مصاف اسواق دول صناعية واقتصادات كبيرة كالصين والبرازيل وروسيا، وهما الدولتان الخليجيتان الصغيرتان.

وكان مثل هذا النجاح نتيجة اهتمام مستمر بهذه الاسواق وتشريعات مستمرة لجذب الاستثمارات الخارجية كان آخرها قرار الامير تميم بن حمد امير دولة قطر بفتح نسبة تملك الاجانب في الاسهم القطرية مما كان له ابلغ الاثر على اداء السوق حيث ان حرية نسبة التملك للاجنبي احد ابرز شروط الادراج في مؤشر MSCI  للاسهم الناشئة.

كما ان الاقتصادين القطري والاماراتي فازا بتنظيم حدثين عالمين يتنافس على تنظيمهما الدول الكبرى وهما كأس العالم 2022 بالنسبة لقطر واكسبو 2020 لدبي والحدثان مهمان حيث يبدأ العمل والاستعداد لهما عبر انفاق على البنى التحتية مما يوفر بيئة عمل مربحة لشركات مدرجة وكذلك فرص عمل جديدة في البلدين الشقيقين.

ومن يتساءل عن الاقتصاد السعودي نقول انه اول من اطلق خطة تنمية بقيمة 500 مليار دولار ابان الازمة المالية العالمية وواصل بعد ذلك باقرار ميزانية انفاق ضخمة بداية هذا العام، كما انه اقتصاد مختلف قليلا عن بقية اقتصادات المنطقة حيث ان حجمه اكبر من دول المنطقة مجتمعة وتتنوع به القطاعات بشكل افضل من بقية دول مجلس التعاون، ويتأثر سوقه باسعار النفط بشكل مباشر كما لاحظنا خلال الاعوام الخمس الماضية.

    تطور مجتمعي

واسواق المال مؤشر على تقدم المجتمع في اغلب الاحيان فالنمو في البنى التحتية والتعليم وفق مؤشرات عالمية مال الى الدول الخليجية ذات المؤشرات النامية بقوة خلال سنة واكثر، كذلك القاع الرياضي وهو جزء مهم من المجتمع فقد كانت الكفة لهم حيث تشارك انديتهم في بطولة ابطال آسيا بينما الاندية الكويتية وبعد جهد جهيد تشارك في كأس الاتحاد الآسيوي والذي هو اقل مرتبة من الدوري.

التفوق في معظم المجالات واضح فلما لا يكون كذلك في اسواق المال التى انهت تعاملاتها يوم الخميس بمكاسب شهرية متفاوتة لكنها، كاداء منذ مطلع العام جاءت ممتازة ومستمرة في الارتفاع القوي الذي يعتبر من الاقوى عالميا خلال هذا العام.

«قطر» في المقدمة

سجل مؤشر قطر نموا كبيرا خلال هذا الشهر حيث قطع قرار الامير تميم بن حمد امير قطر بفتح نسبة تملك للاجانب في الشركات القطرية، طريق جني الارباح على من اراد وعاد بالمؤشر سريعا الى مستويات فوق 13 ألف نقطة بل وزاد مستمرا بالنمو الى مستويات قياسية كان ابرزها مستوى السيولة القياسي والذي تجاوز 3 مليارات ريال للمرة الاولى في تاريخه، واستقر مؤشر سوق قطر على مستوى 13694.19 نقطة بعد ان ربح 1016 نقطة خلال مايو تعادل نسبة 8 في المئة.

عودة «أبوظبي»

عاد مؤشر سوق ابوظبي بعد ان تباطأ خلال الشهر الماضي وبعد وصوله الى قمته عند 5 آلاف نقطة ليسجل خلال الاسبوع الاخير من شهر مايو فقط نسبة 4.1 في المئة كانت مكاسبه الشهرية ليقفل عند مستوى 5253.40 نقطة وهو مستوى قياسي جديد مضيفا 208.78 نقطة.

وبعد صراع كبير بين جني الارباح قبل الادراج الفعلي في مؤشر مورجان ستانلى وبين الاستمرار في تسجيل اقفالات قياسية انتهت تداولات مؤشر سوق دبي على مكاسب محدودة بنسبة 0.6 في المئة غير انها كافية للاستقرار بالمؤشر فوق مستوى 5 آلاف نقطة تحديدا عند مستوى 5087.47 نقطة مستفيدا 28.52 نقطة فقط.

مكاسب «السعودي»

ربح مؤشر "تداول" السعودي نسبة 2.5 في المئة وهي ثالث افضل مكاسب شهرية بين اسواق المنطقة اضيفت الى مكاسبه منذ بداية العام لتبلغ بها ما يقارب 15 في المئة ليقفل عند مستوى 9823.4 نقطة باضافته 238.18 نقطة.

استفاد مؤشر سوق المنامة من ارتفاعات مؤشرات الامارات خصوصا مؤشر سوق دبي حيث هناك اسهم مشتركة الادراج بين السوقين، في حين لم تكن في البحرين عمليات جني ارباح كبيرة كالتي كانت في سوقي الامارات ليبقى على مكاسب بداية الشهر ويقفل مرتفعا بنهايته 2.2 في المئة وتعادل 32.01 نقطة ليستقر عند مستوى 1459.34 نقطة.

وبارتفاع نسبته نحو 2 في المئة استطاع مؤشر مسقط ان ينهي شهر مايو، وبعد ضعف شديد معظم فترات هذا العام كانت مع السوق الكويتي الادنى من حيث المكاسب، ظفر سوق مسقط خلال شهر مايو بنسبة 1.9 في المئة وتعادل 130.24 نقطة مرتدا من قاعه لهذا العام ومقفلا عند مستوى 6857.43 نقطة.

«الكويتي»... سلبية مستمرة

شهدت تداولات شهر مايو في سوق الكويت للاوراق المالية ضعفا عاما حتى آخر جلساته التي تغير حالها، واقفلت مؤشراته على تباين حيث خسر مؤشر السوق الرئيسي "السعري" نسبة 1.5 في المئة وباداء معاكس لاداء بقية المؤشرات الخليجية او حتى مؤشرات السوق الرئيسية وهو في حقيقته يعكس اداء بشكل منطقي حيث الخوف من الايقاف الجديد لمجموعة من الشركات التي لم تعقد جمعياتها العمومية بالفترة المحددة، حيث خسر السعري 116.6 نقطة ليقفل عند ادنى مستوياته لهذا العام على 7291.09 نقطة، بينما سجلت الاسهم القيادية حراكا ايجابيا ارخى بظلاله على المؤشرات الوزنية للسوق حيث اقفل الوزني مرتفعا ثلث نقطة مئوية على مستوى 493.08 نقطة مضيفا 1.33 نقطة، وكانت استفادة مؤشر كويت 15 اكبر وبنسبة 0.6 في المئة تعادل حوالي 7 نقاط ليقفل عند مستوى 1208.68 نقطة.

وقد تكون استفادة الاسهم التشغيلية الكويتية من ترفيع اسهم قطرية واماراتية من مؤشر الاسهم الاولية الى الناشئة حيث ستزيد وزن الاسهم القيادية الكويتية من 18 الى 30 في المئة في هذا المؤشر معوضة ترقية الاسهم القطرية والاماراتية. وكانت تداولات الاسهم القيادية بنهاية تعاملات الاسبوع واضحة اشارت الى ذلك.

واستمر تراجع النشاط بالسوق الكويتي وسيولته حيث انخفض النشاط بنسبة قاربت 22.3 في المئة بينما تراجعت السيولة بنسبة الثلث مقارنة مع الشهر الاسبق، ووصلت السيولة في احدى جلسات الشهر إلى مستويات مقلقة جدا حيث لم تتجاوز 9 ملايين دينار وهي من ادنى المستويات خلال اكثر من عام.

ويبقى القلق مستمرا في السوق الكويتي فتارة من المشهد السياسي الذي لم يترك لاحد التفكير في الاوضاع الاقتصادية وتارة اخرى من اوضاع شركات عديدة تعاني عدم قدرتها على خلق مصادر لتدفقات نقدية فبقيت تأكل من اللحم الحي حتى بعد مرور ست سنوات على الازمة المالية العالمية مما شكل لها خطرا في تآكل رأسمالها وبالتالي تراجع حجم تداولاتها بشكل كبير وغياب بعضها بسبب الايقاف نتيجة عدم التمام جمعيتها العمومية وهو خطر جديد لاستمرار الايقاف وتراجع سيولة اسهم مدرجة اخرى مشابهه لها في الحجم ومقاربة بالقدرات الادارية.

لذلك يبقى السوق الكويتي على مسافة بعيدة عن اداء معظم اسواق المنطقة وتبقى مقارنة ادائه بها دون وجود بيئة متشابهه ظالمة الى حد ما حتى وان كان اقدمها واكبرها من حيث عدد الشركات المدرجة التي بدأت تتراجع اعدادها تدريجيا.

جزئية اخرى تتداول كثيرا خلال هذه الفترة، وهي  نظرية دعم السوق من عدمه من قبل الحكومة او من خلال المال العام، وحقيقة السوق وشركاته المدرجة لا يمكن ان تقاس بمسطرة واحدة فهناك من الشركات التي توظف اكثر من 5 آلاف موظف لا تحتاج خلال هذا الوقت دعما بينما هناك البعض الآخر لا توظف اكثر من 10 اشخاص تغوص في مشاكل مالية وادارية وتسعى للخروج من دائرة الرقابة المغلظة خلال هذه الفترة، ولا توجد لديها رؤية واستشراف للمستقبل فهي لا تعرف قدراتها الذاتية ولا تعرف مستقبلها او الافضل لها بين الاستمرار او التصفية او الدمج، فانها طبعا لا تستحق الدعم فلتواجه مصيرها بنفسها.

استقرار سياسي

لاشك أن الاستقرار السياسي محور ادارة الاقتصاد فلا اقتصاد ناميا دون استقرار سياسي، وبعد فترة الربيع العربي التي عانتها الاسواق وتذبذبت بشكل كبير اعتادت سماع الاخبار الاقليمية المزعجة اذا ما ما كان هناك استقرار سياسي داخلى، بينما في السوق الكويتي استمر القلق السياسي المحلى وهو ما اشار اليه بقوة استقالة 5 اعضاء من مجلس الامة خلال شهر مايو ووزيرين هما وزير العدل والاوقاف ووزير التربية، ومثل هذا التجاذب في المشهد السياسي المستمر لا يبشر بخروج قرارات اقتصادية او تشريعات تدعم الاقتصاد بشكل عام او السوق بشكل خاص.

بيانات مالية... ولا إيقافات

بعد الأزمة المالية ظهرت بعض الآثار على الاسواق المالية بعضها تمت معالجته بشكل سريع وبعضها تكاملت عوامل معينة للمساعدة على الخروج منه بينما استمر البعض الآخر حتى بعد مرور ستة اعوام على الازمة بالضغط على السوق.

واظهرت اسواق المنطقة في الامارات وقطر والسعودية نموا مريحا في اسهمها المدرجة خلال آخر عامين ماليين بينما استمر في السوق الكويتي التباطؤ في نمو ارباح الشركات القيادية فضلا عن عمليات شطب وايقاف كانت الاكبر بين الاسواق الخليجية والتى لم يشطب بعضها اي سهم بعد الازمة المالية العالمية بينما في الكويت تم شطب حوالي 20 شركة وايقاف 30 شركة اخرى خلال هذه الفترة بعدما راجت فكرة عدم عقد جمعيات عمومية خلال الفترة المسموح بها حتى ايقاف هذا الكم من الشركات مما بعث الرعب في قلوب مساهمي اسهم مشابهه بالاسعار او قريبة من حيث الملكيات والتخوف من ان يكون مصيرها مصير من اوقف او شطب.