الشماتة... وحسن الخلق

نشر في 23-12-2013
آخر تحديث 23-12-2013 | 00:01
 يوسف عبدالله العنيزي في الأسابيع القليلة الماضية أنعم الله على بعض دول مجلس التعاون بفيض من السماء فاضت على أثرها السدود وغاصت بعض الشوارع وغرقت بعض المدن، وقد تسببت هذه الحوادث في سقوط بعض الضحايا نحتسبهم عند الله شهداء إن شاء الله.

ومن المنطق والمفترض أن يهب الجميع "للفزعة" للتخفيف من آثار تلك الحوادث التي لم تعتدْها المنطقة، وكان من المنطق والمطلوب أن يكون التعاضد والمساندة بين أبناء دول مجلس التعاون بأسرها، لكن للأسف ما حدث هو انتشار الشماتة!

فالكل شامت في الكل، وأخذ الجميع يحصي الضحايا في البلد الآخر، وتم نشر وعرض صور الشوارع في المدن التي غرقت، يا لها من ظاهرة ليست من الخلق الحسن في شيء، متناسين أن الإنسان مهما أوتي من علم وتقدم ومهما بلغ من تطور فإنه يقف عاجزاً أمام قوة هذه الظواهر الطبيعية.

فقد قطعت اليابان وأميركا أشواطاً واسعة من التقدم التكنولوجي والتطور العلمي، لكنها في كل مرة تحدث الكوارث الطبيعية تقف عاجزة أمام هذه الظواهر التي تحركها قوة إلهية هائلة ليس للبشر طاقة في وقفها، ومازالت رهبة الخوف والهلع تنتابنا كلما تذكرنا تلك الأيام الخوالي في مدينة الجزائر أثناء عملي هناك، ففي التاسع والعشرين من شهر أكتوبر عام 1989 تعرضت جمهورية الجزائر الشقيقة لزلزال مروع قوته 5.9 على مقياس ريختر فكان الصوت الذي يحدثه يخلع القلوب التي بالصدور.

ومما زاد الرعبَ والهلع أن مقر رئيس البعثة حيث نقيم كان مكسواً بالرخام وكذلك الأرضيات، وقد أدى الزلزال وارتداداته المتواصلة إلى سقوط بعض ألواح الرخام محدثة أصواتاً كأصوات الانفجارات، وقفنا عاجزين عن فعل أي شيء، ركبنا السيارة وأخذنا بالسير... ولكن إلى أين؟ وماذا نفعل؟!

لا أحد يعرف، فالكل وقف عاجزاً أمام هذه القوة الهائلة التي هزت الأرض كلها، فقد سيطر الخوف والهلع على الجميع حتى الحيوانات بدأت بالفرار في كل الاتجاهات "كأنها حمرٌ مستنفرة فرت من قسورة"، وحلقت أسراب الطيور بأعداد هائلة وعلى غير هدى محدثة أصواتاً مرعبة... وقف الجميع عاجزاً فما يحدث قوة إلهية لا طاقة للبشر في مواجهتها.

وهنا بودي أن أشير إلى ملاحظة أعتقد أنها مهمة، ففي الأسابيع القليلة الماضية تعرضت الفلبين لإعصار "هايان" مخلفاً آلاف الضحايا بين قتيل وجريح ومشرد، وهبت دول العالم بأسرها للتخفيف من آثار تلك الكارثة الإنسانية، لكننا للأسف في الكويت لم نعط ذلك الحدث الأهمية المطلوبة ولم نتفاعل مع تلك المأساة كما يجب، وحتى أجهزة الإعلام سواء الرسمية أو الخاصة لم تقم بالتغطية المستحقة، ولم تتنادَ الجمعيات الخيرية للتبرع وإرسال المعونات العينية والتموينية، ونتساءل لماذا؟ فإن لم يكونوا إخوة لنا في الدين، فهم إخوة لنا في الخلق، كما أن الفلبين من الدول الصديقة للكويت.

دعاؤنا للمولى القدير أن يحفظ الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

***

إلى جنان الخلد... إن شاء الله

انتقلت إلى رحمة الله الأخت الزميلة حصة مشاري العدواني بعد أن أمضت جُل عمرها في وزارة الخارجية حيث كانت تتولى رئاسة قسم الترجمة، انتسبت إلى الوزارة بهدوء ورحلت منها بهدوء، وكان جُل اهتمامها عملها، فأخلصت فيه وأعطته جُل حياتها، لم تكتف بساعات العمل بل كانت تنقله معها إلى المنزل حتى أيام العطل لم نرها يوماً إلا منكبة على أداء عملها، وكانت تتميز بأخلاق عالية، وأمام إرادة الخالق لا نملك إلا أن نقول إلى جنان الخلد بإذن الله... و"إنا لله وإنا إليه راجعون".

back to top