بينما تواصلت غارات البراميل المتفجرة على حلب لليوم الرابع على التوالي أمس، ما أدى إلى حركة نزوح غير مسبوقة من المدينة، التقى رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أحمد الجربا أمس في موسكو وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في محاولة منه لإقناع الحكومة الروسية بالضغط على حليفها الرئيس السوري بشار الأسد للقبول بتشكيل هيئة حكم انتقالي.

Ad

وجرى اللقاء بين الجربا ولافروف بعدما أخفقت الجولة الأولى من مؤتمر "جنيف 2" في إحراز أي تقدم ملموس. وانتهى اللقاء بين الجربا ولافروف من دون أن ترشح معلومات كثيرة عما دار خلاله. وقال لافروف بحسب ما نقلت عنه وكالة إنترفاكس "أعتقد أن النقاش سيكون بالغ الأهمية لتوضيح المواقف من أجل الدفع قدماً بعملية جنيف".

من جهته، وفي مقابلة مع إذاعة "صوت روسيا" اجريت قبيل لقائه لافروف، شدد الجربا على ضرورة تشكيل هيئة حكم انتقالي لإنهاء النزاع الذي أسفر منذ اندلاعه في مارس 2011 على شكل انتفاضة شعبية عن سقوط أكثر من 136 ألف قتيل وتهجير ملايين السوريين. وقال الجربا إن "المهمة الرئيسية للجولة التالية من مفاوضات جنيف هي تشكيل هيئة إدارة انتقالية في سورية"، مضيفاً أنه "يجب على الولايات المتحدة وروسيا والمجتمع الدولي أن تضغط على النظام السوري من أجل أن ينفذ كل موجبات جنيف1. نريد البحث في هذا الأمر بتفاصيله وبكل انفتاح مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف".

وأكد الجربا أن المعارضة السورية وضعت لائحة بأسماء مرشحين للانضمام الى هذه الحكومة الانتقالية، وأضاف "لكننا مستعدون لإبداء مرونة في ما يتعلق بالترشيحات ومستعدون للحوار. نحن نعي أن هذه اللائحة يجب أن يوافق عليها الطرفان".

ومن المقرر أن تستأنف المفاوضات في 10 فبراير الجاري، غير ان دمشق لم تؤكد ما اذا كانت ستشارك فيها، إلا أن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف قال أمس "ليست لدينا اي شكوك في ان الوفد الحكومي (السوري) سيشارك في الجولة الثانية للمفاوضات السورية في جنيف". وخلال لقائه لافروف أكد الجربا ان ائتلاف المعارضة قرر بشكل "حاسم" المشاركة في جولة المفاوضات التالية.

لجان خاصة

في المقابل، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، أن موسكو اقترحت على الحكومة السورية والمعارضة تشكيل لجان خاصة بالمواضيع الرئيسية في إطار "جنيف 2"، وأوضح أنه "من أجل التحرك نحو التسوية، يجب التوصل إلى اتفاق حول عدد من المسائل، مثل وقف إطلاق النار، والقضايا الإنسانية، وموضوع تشكيل هيئة إدارية انتقالية"، معتبراً أن "حلّ كل هذه القضايا يتطلب تشكيل فرق عمل خاصة بها".

كما اعتبر أن "كل مسألة من مجمل القضايا المطروحة، في إطار مفاوضات جنيف، تتطلب بذل جهود مركزة"، مشيراً إلى أن "بعض القضايا يسهل حلها، أما القضايا الأخرى، مثل إنشاء هيئة حكم انتقالية، فسيكون أصعب"، غير أنه لفت إلى أن "ذلك لا يعني أنه يجب التركيز على قضية واحدة فقط وتجاهل القضايا الأخرى، بل نعتقد أن علينا أن نحاول التحرك إلى الأمام على عدة مسارات في آن واحد".

حلب

في غضون ذلك، أفاد ناشطون سوريون أمس بأن عشرات العائلات من مدينة حلب بدأت النزوح عن الأحياء التي يسيطر عليها عناصر المعارضة المسلحة، باتجاه أحياء تسيطر عليها القوات الحكومية. وجاءت موجة النزوح هرباً من القصف الحكومي المتواصل على أحياء المدينة لليوم الرابع على التوالي، حيث قتل منذ السبت الماضي حتى أمس أكثر من 170 شخصاً.

وذكر ناشطون أن المشافي الميدانية أطلقت نداءات استغاثة، بعد أن عجزت عن استيعاب الأعداد المتزايدة من الجرحى، نتيجة القصف المستمر على حلب ومحيطها شمال سورية للأسبوع الثالث على التوالي.

وأشار مركز حلب الإعلامي إلى استمرار "حالات النزوح الواسعة" التي تشهدها الأحياء الشرقية من حلب الواقعة تحت سيطرة مقاتلي المعارضة "هرباً من البراميل المتفجرة". وقال إن "أحياء الميسر والمرجة والجزماتي والمعصرانية باتت أحياء أشباح، حيث أغلقت معظم المحال التجارية، وهرب الأهالي من بيوتهم"، وعم الدمار.

وذكر المركز أن أحد البراميل أصاب "جامع عثمان بن عفان الذي يضم مدرسة للأطفال في منطقة العمالية بحي مساكن هنانو"، ما أوقع قتلى بين الأطفال. وقال إن القصف "خلف دماراً واسعاً في الجامع المستهدف فانهار معظمه".

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القوات الحكومية قصفت صباح أمس "بالبراميل المتفجرة" مناطق دوار الصالحين في مدخل حي المرجة، ودوار الحاووز، وحي الجزماتي، وأحياء القطانة والشعار ومساكن هنانو.

 القدوة

في سياق آخر، أكدت جامعة الدول العربية أمس استقالة ناصر القدوة من منصبه نائباً للمبعوث الخاص المشترك لجامعة الدول العربية والأمم المتحدة إلى سورية الأخضر الإبراهيمي، دون أن تذكر الأسباب. وكانت تقارير أشارت إلى أن النظام السوري يعترض بشدة على وجود القدوة الفلسطيني في وفد الوساطة.