يكفي الكويت في هذه الأيام البغيضة سياسة العقاب اللاإنساني من السلطة بسحب الجناسي عن غير المرضي عنهم سياسياً من المواطنين وبحجج العبارات المطاطة التي يضج بها قانون الجنسية، والتي تخرق الشرعية الدستورية، يكفي الكويت مثل تلك الممارسة التي يجب أن يوضع حد لها، فلا يصح أن تكون تلك السياسة العقابية باباً للاستثمار الطائفي من قبل بعض النواب أو السياسيين المنزوين تحت ستار المذهب، حين ينفخون في جمر الطائفية تشفياً وتحريضاً للسلطة على الغير، ولا يشفع لهؤلاء المتحمسين لسياسة سحب الجناسي أن يكون هذا "الغير" من المواطنين كانت له مواقف، هي بدورها، طائفية، فحين يمتعض شيعة الكويت من خطب المواطن نبيل العوضي على سبيل المثال، التي، تدور، عادة، في فلك إدانة "الصفوية" وأتباع الصفوية، وكأن شيعة الكويت يتحملون وزر جرائم بشار الأسد، أو كأنهم فقط جماهير متحمسة لحسن نصر الله، لا يصح أن تكون واقعة سحب جنسية نبيل، الذي يمكن وصم عقوبة السحب عليه باللامشروعية، مناسبة للتذكير بسحب جنسية ياسر حبيب، أو يتم استحضار وقائع من سحبت جناسيهم في الثمانينيات من القرن الماضي من الشيعة، نتيجة مواقف سياسية من الثورة الإيرانية في ذلك التاريخ، فالمبدأ واحد هنا، هو إدانة عقوبة سحب الجنسية بالمطلق سواء كان موضوع العقاب ياسر حبيب أو سليمان بوغيث أو غيرهما، ولا يصح أن يستثنى من هذا المبدأ غير حالات "التزوير أو الغش" في الحصول على الجنسية، وحتى في هذا الاستثناء يجب أن يكون سحب الجنسية خلال زمن معقول من كسبها، فلا يصح أن يترك العلم بواقعة "الغش والتزوير" لزمن طويل، ويصبح أبناء وذرية من كسبها ضحايا لا ذنب لهم بما فعل الأب أو الجد منذ عقود طويلة، أو يكونون موضوعاً للابتزار السياسي من السلطة في حالة اعتراضهم على ممارساتها.

Ad

الكويت لا تتحمل اليوم هذا الاستقطاب المذهبي الذي يمارس من جماعات غير مسؤولة من بعض البارزين عند السنة والشيعة على حد سواء، فما يحدث حولنا خطير، فمع بداية الغزو الأميركي للعراق عام 2003، حين فتح صندوق "بندورا" لشرور الحرب الأهلية هناك، وما تبع ذلك من نتائج الربيع العربي، المتمثلة في تفجر الأورام العرقية والمذهبية في المنطقة، والتي لا يمكن إعفاء أنظمة الحكم من التلاعب بها واستغلالها تحقيقاً لمبدأ فرق تسد، أضحت المنطقة على كف عفريت. تعقلوا، وكونوا على مستوى المسؤولية في هذه المرحلة الحرجة.