أكد مدير معهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية المستشار عادل العيسى ان القانون الوطني الحالي، الذي أصدرته الكويت لمكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، جاء ترجمة لسعيها الدائم إلى تعزيز جهود المجتمع الدولي لملاحقة أنشطة العصابات المنظمة التي تحترف عمليات غسل الأموال.

Ad

واشار العيسى، في كلمة له خلال ندوة «التنظيم القانوني لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب»، التي أقيمت بفندق جي دبليو ماريوت مساء امس الاول، الى اهتمام المعهد بالبرامج التثقيفية التي يقدمها في إطار الرسالة المنوطة به في تنمية البحث العلمي وتعميقه في الميادين القانونية والقضائية.

آثار مدمرة

وقال: «ظهرت على الساحة الدولية حاليا ظواهر تشير إلى تجذر عمليات غسل الأموال في أعماق المجتمعات على مستوى المؤسسات والأشخاص والمنظمات، وما يسببه دخول أموال هذه العمليات من آثار مدمرة على السياسات الاقتصادية, فضلا عن الإخفاء والتمويه لهذه المصادر غير المشروعة التي تنفق لتمويل العديد من جرائم الإرهاب المنظمة».

وأضاف ان هذه الجرائم «أضحت ظاهرة عالمية لا ترتبط بدين أو بدولة أو بثقافة، بل يقوم عليها بعض الفئات الضالة من أصحاب الفكر المنحرف عن جادة الصواب، ولم تعد آفة دولة دون أخرى»، مشيرا إلى أن الارهاب أصبح يضرب دولا معينة ويطل برأسه لتهديد دول أخرى.

وتابع انه «روعي في القانون الكويتي المعتمد تفعيل جميع الاتفاقيات الدولية الصادرة في هذا الشأن، بغية تحقيق الغاية المرجوة منها للقضاء على هذه الأنشطة المجرمة، كما ان الكويت لا تتوانى عن الاستجابة لطلبات التعاون الدولي مع الجهات القضائية الأجنبية، للكشف عن العمليات التي تهدف إلى إخفاء وتمويه المصادر غير المشروعة لعائدات بعض الجرائم».

نفوذ إجرامي

من جانبه، ذكر رئيس نيابة الاموال العامة السابق عضو المكتب الفني بالنيابة حاليا المستشار سعود الصانع ان جريمة غسل الأموال تتمثل في أنشطة جمع الأموال بوسائل غير مشروعة، مثل الاتجار بالمخدرات والتهريب والاحتيال، مع إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع لهذه الأموال، عبر تحويل تلك العائدات الإجرامية إلى أموال مشروعة ظاهريا بإيداعها في النظام المالي والضلوع في صفقات عديدة، ودمجها في الاقتصاد الوطني».

وزاد الصانع: «ان تلك العصابات الإجرامية تستخدم عدة أدوات لغسل الأموال كالحسابات المصرفية والمجوهرات والأحجار الكريمة والاعتمادات المستندية، لكن تبقى السيولة النقدية في مقدمة تلك الأدوات حسب إحصاءات 2012».

وتابع انه «نظرا لوعي المشرع الكويتي بالعواقب السلبية لعمليات غسل الأموال، بدخول العائدات الضخمة غير المشروعة في الاقتصادات الصغيرة والكبيرة، وتزايد نفوذ وقوة الجماعات الإجرامية المنظمة، وبالتالي تقويض سيطرة ونزاهة الدولة والمؤسسات العامة والقطاعات المالية والوطنية والدولية، وما يستتبع ذلك من إخلال كبير بالسياسات الاقتصادية وتشويه أحوال السوق، فقد أصدر المشرع القانون رقم 30 لسنة 2002».

وشدد على ان المشرع لايزال يعمل بجد على تحجيم هذه الجريمة العابرة للقارات عن طريق لوائح وقرارات وتعاميم النائب العام، للحد من خطورتها ووقعها السلبي على الفرد والمجتمع، مضيفا ان الإنترنت هو الوسيلة الأكثر استعمالا بنسبة 85% حسب إحصائيات 2012، ثم الشركات والمنافذ الحدودية وشركات الصرافة.

وأشار إلى أن البلاغات عن العمليات المشبوهة منعدمة بالنسبة إلى شركات الصرافة والشركات الاستثمارية، بينما تحتل المؤسسات المالية الصدارة بنسبة 31%، تليها جهات رقابية بنسبة %1.

تضافر الجهود

بدورها، استهلت المحاضرة في كلية القانون والعلوم الاجتماعية بجامعة بواتيي الفرنسية استاذة القانون الجنائي برناديت أوبير مداخلتها بتقديم بسيط عن التطور التشريعي لجريمتي غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مع الإشارة إلى مضمون القانون الداخلي الفرنسي في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وأوضحت أوبير أنه في سياق ضخامة التطور الذي تشهده هذه الجريمة، والتحول الكبير الذي طرأ على مظاهرها بعدما كانت في البداية تحصل بطرق وأدوات مخفية وعلى مستويات محدودة، لتتمكن من الدخول في صلب النظام الاقتصادي والمالي الشرعي، بفضل نجاح قسم كبير من خططها، بحيث أصبحت تمثل مكونا واقعيا يصعب تشخيصه ومعرفته بفضل تطور نظام العولمة والسبق التكنولوجي.

وزادت: «لذلك تطورت القوانين وتسارعت لملاحقة تلون هذه الجريمة بألوان مختلفة ومتعددة، حيث أصبحت مكافحتها تحتاج إلى تضافر الجهود الدولية، وهو ما تم عن طريق تبني حلول لمكافحتها على مستوى مجلس الأمن، ثم إحداث لجنة للعقوبات بمجلس الأمن، فتبني ذلك من طرف الاتحاد الأوروبي مع تبادل المعلومات وتشديد العقوبات».