الأزمة بين بغداد وأربيل تصاعدت... وتظاهرات الأنبار فشلت في تحقيق تغيير سياسي

Ad

مع بداية كل عام جديد يعلق العراقيون آمالاً كبيرة على أنه يحمل لهم أحداثا وأخبارا سارة، أهمها استقرار الوضع الأمني الذي عانوا غيابه كثيرا منذ نهاية الحرب عام 2003 بعد سقوط صدام حسين. وقد مرت الأحداث الدامية في البلاد بين مد وجزر، إلا أن مؤشر التوقعات والآمال سرعان ما يعود ليهبط إلى نقطة الصفر بعد مرور الأشهر الأولى من كل عام.

 على المستوى الأمني كان عام 2013 في بدايته أفضل من سابقه، إذ شعر العراقيون بالفرح والغبطة لأن التفجيرات انحسرت بشكل ملحوظ، إلا أن شهر أبريل كان ينبئ بأحداث دامية جدا، وسجل أعلى نسبة في سقوط عدد القتلى بعد سلسلة أعمال وهجمات دامية استهدفت السنة والشيعة وبقية الطوائف معاً.

واستمر مؤشر التراجع الأمني في الارتفاع، وعاد القتل اليومي ليصبح سمة من سمات الحياة الطبيعية في بلاد الرافدين، بل إنه ازداد شراسة مع تناحر القوى السياسية وتعنت القيادات في الحكومة في بعض المواقف، ما جعل شبح الحرب الأهلية يخيم على البلاد من جديد.

كل ذلك حصل في ظل غياب الرئيس العراقي جلال الطالباني الذي نقل إلى ألمانيا بسبب مرضه، والذي كان يعول على دوره كثيرا في تهدئة الوضع، فقد كان يمثل صمام الأمان لجميع الأطراف، وخاصة الأكراد الذين تفاقمت هوة المشكلات بينهم وبين الحكومة المركزية في بغداد، وكذلك السنة الذين شعروا بالتهميش والتجاهل، مما دفعهم إلى تنظيم سلسلة تظاهرات واعتصامات في ساحات المحافظات التي يقطنونها في غرب العراق، لكنها لم تؤتِ ثمارها.

لذا نستطيع أن نخلص إلى أن عام 2013 كان مليئا بخيبات الأمل والتراجع إلى الخلف، ويبقى الفرد العراقي ينسج خيوط الأمل من جديد مع قدوم عام جديد. وفي ما يلي أبرز محطات عام 2013:

تظاهرات الأنبار و«صلاح الدين»

واصلت وفود عشائرية وعلماء دين من عدّة محافظات عراقية في يناير 2013 توجههم إلى ساحة العزة والكرامة وسط مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار غربي بغداد، وكذلك نظم اعتصام في ساحة الفلوجة، وفي محافظة نينوى وصلاح الدين، حيث دخلت الاحتجاجات المطالبة بإصلاحات سياسية وتشريعية عميقة شهرها الثالث، والتي بدأت منذ أكتوبر عام 2012، وطالب المعتصمون بإطلاق المعتقلات والمعتقلين، وعدم تهميش مكون على حساب آخر، وإلغاء المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب. كما طالبوا بإلغاء قانون المساءلة والعدالة، وتحقيق التوازن في الدولة، وإجراء تعداد سكاني بإشراف دولي لمعرفة النسب الحقيقية بشأن التركيبة السكانية.

مرض الطالباني وسفره إلى ألمانيا

أصيب الرئيس العراقي جلال الطالباني بوعكة صحية حرجة إثر إصابته بالجلطة الدماغية في بداية شهر فبراير، غاب خلالها عن الوعي، مما أدى إلى إدخاله إلى المستشفى على الفور، إلا أن حالته لم تتحسن، مما أدى إلى نقله إلى ألمانيا لتلقي العلاج، ولكن الغموض لايزال يحيط بحالته الصحية، ما دفع بعض الأصوات إلى المناداة باختيار رئيس بديل للبلاد، إلا أن حكومتي بغداد وأربيل لا تلتفتان لتلك الأصوات، وبين فترة وأخرى، يصرح طبيبه الخاص نجم الدين كريم بتحسن حالته، وقد نشرت قبل أسبوعين صورة حديثة له من مشفاه وبجانبه قرينته.

وغياب الرئيس العراقي، الذي كان واسطة للصلح بين الفصائل العراقية المختلفة، أدى إلى تصاعد الأزمة السياسية في البلاد، فقد عمل الطالباني كثيرًا على تهدئة التوتر في حكومة تقاسم السلطة الهشة في البلاد.

محافظات تطالب بأقاليم

مع استمرار التناحر والخلاف بين بغداد الحكومة المركزية وبقية المحافظات، تقدمت بعض المحافظات وخاصة الغربية منها، صلاح الدين ونينوى وديالى والأنبار بطلب إلى رئيس الوزراء نوري المالكي لإعلان كل واحدة من تلك المحافظات إقليما مستقلا وذلك في شهر مارس، إلا أن المالكي أوقف الطلب وأطلق الاتهامات بالتقسيم، بأن إرادة الناس في تلك المحافظات مختطفة، لكنه قبل فترة بسيطة رحب بإقامة إقليم في المحافظات الغربية في حالة أراد أهل تلك المحافظات ذلك، مؤكدا ضرورة أن يكون ذلك حسب السياقات القانونية والإجراءات الدستورية.

أعنف التفجيرات

يعتبر عام 2013 في العراق الأكثر دموية منذ عام 2008، وقد تكون حصيلة القتلى التي مازالت في ارتفاع مستمر، نذيرا لما يمكن أن يحدث في المستقبل. حيث سجلت الاحصاءات الرسمية 3814 قتيلا، وكانت مستويات العنف قد انخفضت في العراق بعد انتهاء الحرب الأهلية عامي 2006 و2007 ، وبحلول أبريل الماضي، ازدادت حدة التوتر الطائفي من جديد، ليصبح هذا الشهر الأكثر دموية في البلاد منذ خمس سنوات.

انتخابات مجالس المحافظات

أجريت انتخابات مجالس المحافظات في أبريل/ مايو، وكانت تشكل مؤشرا كبيرا على أن من يفوز بها، بعد عقد العديد من التحالفات بين الكتل السياسية، سيكون مؤثرا في الانتخابات البرلمانية في أبريل 2014 ، وأسفرت النتائج عن حصول ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي على 98 مقعدا، بينما حصل المجلس الإسلامي الأعلى بزعامة عمار الحكيم على 78 مقعدا، في حين حصل كل من التيار الصدري والقوى السنية على 46 مقعدا لكل منهما.

هروب أكثر من ألف سجين

كشف النقاب في يوليو الماضي عن هروب ما بين 500 وألف سجين، وربما أكثر، بينهم قادة وأمراء لتنظيم «القاعدة» محكوم عليهم بالإعدام، من سجن بغداد المركزي، وسقوط 70 قتيلاً وجريحاً إثر تصدي القوات الأمنية العراقية لهجومين مسلحين في وقت واحد على سجنين آخرين، هما سجن التاجي وسجن أبوغريب في ضواحي بغداد، كما تصدت الطائرات المروحية لمجاميع مسلحة حاولت فك الحصار الذي ضربته القوات الأمنية على المسلحين الذين حاولوا اقتحام السجنين، مما شكل صدمة كبيرة لعدم قدرة القوات الأمنية على حماية البلاد من خلال اعادتهم إلى السجن مرة أخرى.

تحركات كردية قرب كركوك

أدت هجمات ضد قوات الأمن العراقية قامت بها قوات البشمركة في محيط محافظة كركوك إلى حشد عدد كبير من الدبابات والآليات العسكرية من قبل الجيش العراقي وتمركزه أمام حشود قوات البشمركة الكردية قرب مداخل محافظة كركوك وذلك بعد إعلان البشمركة أنها انتشرت في مناطق محيطة بالمدينة الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين حكومة إقليم كردستان وبغداد.

وجاء ذلك إثر اندلاع اشتباكات في مناطق عراقية عدة عقب اقتحام قوات الأمن مخيم احتجاج للسنة في بلدة الحويجة القريبة من كركوك، ما أسفر عن مقتل عشرات الأشخاص.

خلافات بغداد وأربيل

الخلافات الكردية العراقية تباينت ما بين مد وجزر هذا العام، ولكن في محاولة لرأب الصدع عقد مجلس الوزراء العراقي برئاسة نوري المالكي إحدى جلساته في مدينة أربيل بمشاركة رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان البرزاني لتكون خطوة على الطريق لحل المشاكل العالقة بين أربيل وبغداد، وجاءت هذه المبادرة بعد قطيعة دامت أشهراً، لكنها سرعان ما انهارت من جديد. وشهدت العلاقة بين بغداد وأربيل تأزماً كبيراً خلال الأشهر الأولى من العام الحالي، بسبب خلافات حادة حول موازنة الإقليم، التي مررها البرلمان رغم معارضة الأكراد، وكذلك حول تهريب النفط إلى إيران عن طريق الإقليم، وبقيت الأزمة عالقة بينهما رغم محاولة البعض تجميلها.

اغتيال منسق اعتصام الفلوجة

في خضم التفجيرات المستمرة منذ اشتدادها في أبريل الماضي، اغتال مسلحون مجهولون في الأول من ديسمبر الجاري، منظم ومنسق اعتصام الفلوجة الشيخ خالد حمود الجميلي، حيث أطلقوا النار عليه أثناء قيادته سيارته الشخصية شرقي الفلوجة كبرى مدن الأنبار، وأصيب ابنه الذي كان معه في السيارة بجروح خطيرة.