"اختاري البضاعة اللي بيقولوا عليها مسروقة، لأن معظمها جديد وشيك جداً، وبالعلامة التجارية كمان".

Ad

هكذا نصحتني امرأة أربعينية، خلال جولة في أروقة منطقة وكالة البلح، لبيع الملابس المستوردة والمستعملة، بأسعار زهيدة، تصل أحياناً إلى 5 جنيهات، أي أقل من دولار، لبعض القطع.

يعرف المصريون طريقهم إلى هذا المكان، الممتد داخل حي بولاق أبوالعلا، القريب من وسط القاهرة، منذ عقود، إلا أن معظم المترددين عليه كانوا، حتى وقت قريب، من قاع الطبقة المتوسطة، لكن بفعل تغيرات ما بعد الثورة، وجدت الشريحة الأغنى في هذه الطبقة طريقها، هي الأخرى، إلى الوكالة، التي باتت بضاعتها تتوسع وتنتشر في كثير من شوارع منطقة وسط القاهرة.

وتتابع السيدة التي جاءت برفقة ابنتيها: "مش كل حاجة هنا تبقى قديمة على فكرة، ومش عيب اننا نجيبها ونغسلها كويس، أنا بناتي كانوا بينكسفوا في الأول، لأنني أعمل مدرسة في التعليم الثانوي وزوجي يعمل محاسباً، بس هنعمل إيه؟ زمان كنا نشتري ملابسنا من محلات وسط البلد، البنات كبرت والمصاريف زادت وبقوا دلوقتي أشطر مني كمان في زيارة الوكالة".

"قسم المسروقات" يضم بالفعل ملابس تحمل ماركات شهيرة، ورغم ذلك تباع بأسعار زهيدة، ومهما حاولت التعرف عن كيفية دخول هذه الملابس إلى مصر لتكون بهذه الأسعار لن تستطيع، إلا إذا كانت مسروقة.

وتنتهي الأم وبنتاها من التسوق، ويحملن عشرات القطع لاستقبال موسم الشتاء، ويشجعهن الوالد الذي يظهر فجأة حاملاً هو الآخر عدداً لا بأس به من الملابس الشتوية "الرجالي"، وبينما تبتعد الأسرة يبدو الشارع، الذي يقع فيه قبر السلطان أبوالعلا ومسجده، وكأنه تحول إلى ملاذ كبير تقبع فيه "أناقة الفقراء".