من حسن حظي أني في أسبوع واحد شاهدت فيلمين مصريين في السينما؛ الأول "لمؤاخذة" من إخراج وكتابة عمرو سلامة، وتمثيل الطفل أحمد داش، تناول قضية مهمة جداً وهي الدين، وكيف يشعر طفل مسيحي بالخوف من إظهار حقيقة دينه حتى لا يتعرض للإقصاء من زملائه.

Ad

 تم تناول هذه القضية المعقدة بأسلوب بسيط، عن طريق مواقف اجتماعية وسرد جميل، حيث قدم لنا هذا الفيلم وجبة دسمة بطريقة خفيفة، وفي النهاية تجده فيلماً يخاطب جميع الأعمار لبساطة الطريقة التي تناول فيها هذه القضية المهمة، بأن تكون مختلفاً عن الأغلبية، وتخاف من عدم قبولهم، فيلم ممتاز بجميع المقاييس سواء التمثيل أو الإخراج أو الكتابة.

الفيلم الثاني "فتاة المصنع" وهو أيضا فيلم مصري من إخراج محمد خان، وبطولة ياسمين رئيس وهاني عادل، قصة الفيلم عن فتاة وقعت في حب شاب يعمل معها بالمصنع، ولم تقاوم مشاعرها الجياشة، وأظهرت له حبها، واهتمت به، ورغم أنه سعيد بهذا الاهتمام فإنه قرر أن يتجاهلها ويخطب فتاة أخرى، ومن هنا تظهر المشاكل حين بدأت تشحب وتذبل بسبب عذابات الحب من طرف واحد، يتحامل المجتمع عليها، وتكثر الإشاعات حول شرفها، تصل المسألة لحد أنهم يعتقدون أنها حامل منه، وكل ما فعلته تلك الفتاة كان مشاعر من طرف واحد.

 تطرق هذا الفيلم لقضية مهمة، وهي أن المجتمع يتعامل مع المرأة التي تظهر مشاعرها للرجل بكثير من القسوة، ويعتبرها إنسانة ساقطة، حيث تم تشويه سمعتها كل ذلك فقط بسبب ذنب الشعور بالحب، في حين أن الرجل يمكن أن يتفاخر بهذا الحب، ورغم ذلك يكسب احترام الناس، رغم أن المشاعر لا تعرف جنساً، إلا أن المجتمع مازال يعامل المرأة بكثير من الاتهامات، وكثير من القسوة والأحكام الظالمة.

إنتاج السينما المصرية رغم الظروف السياسية الصعبة التي تمر بها مصر كان سخياً وعميقاً وجميلاً بإخراج رائع، وقصص محبوكة، وتمثيل متمكن؛ لأن الإبداع الحقيقي لا يعرف حربا أو سلاما، ومن هنا أحيي صناع الدراما المصرية على التطرق لهذه القضايا الاجتماعية الحساسة والمهمة؛ لأن دور الدراما الفعلي هو عرض هذه المشاكل وتسليط الضوء على الظلم الذي يقع على الطرف الآخر.

 في حين أشعر بكثير من الأسف على الدراما الخليجية والكويتية تحديداً التي لم تتعدّ مرحلة المسلسلات السخيفة ذات الطرح المستهلك، والتي تتطرق لقضايا غير مهمة من الأساس، أما السينما الخليجية فلم تتعد مرحلة المحاولات الخجولة مع كل أسف رغم الوفرة المادية والإمكانات مع كل أسف.

 نتمنى لو يتم توظيف الدراما في الكويت للتطرق لمشاكلنا الحقيقية، والبحث عن حلول أو حتى طرح قضايا ذات صلة بما يدور في مجتمعنا لا ما يدور في خيال كاتب غير موهوب من قصص سخيفة وغير واقعية.

قفلة:

أتمنى ألا أشاهد في المسلسلات الكويتية قضية العم الغني والعم الفقير، والمشاكل الأسرية المكررة، وبيوت الرخام، وحالات الإغماءات، ومشهد المستشفى والحزن المخيف بسبب وجود شخص قاس في الأسرة، هناك قضايا أهم، كمشكلة الإسكان، وغلاء العقار ومشكلة البطالة، ومشاكل عدم الاستقرار السياسي، وهي قضايا مهمة لو يتم طرحها بأسلوب بسيط، ودون مبالغة بالتمثيل والمكياج والإخراج.