علي خامنئي يعين مجلس إدارة «ستاد» التي يشغل مسؤولوها أعلى المناصب في إيران

نشر في 13-11-2013 | 00:03
آخر تحديث 13-11-2013 | 00:03
No Image Caption
الهيئة سيطرت على مؤسسات خاصة عبر «التملك العدائي»
هذا التقرير المختصر هو الجزء الثاني من تحقيق أجرته وكالة رويترز حول هيئة «ستاد»، التي يشرف عليها المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي. وفي هذا الجزء، ركز محققو «رويترز» على إعادة الهيكلة التي أجرتها «ستاد» في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد للتحول إلى إمبراطورية عملاقة، عبر الاستثمار في الاقتصاد الإيراني.

بدأت الأمم المتحدة والقوى الغربية قبل سبع سنوات، وفي عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، تفرض على إيران عقوبات اقتصادية تزيد شدتها بإطراد، وفي الوقت نفسه تقريباً بدأت هيئة ستاد، التي يسيطر عليها الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي، تدرس السبل التي تمكنت من خلالها بعض القوى الاقتصادية النامية من تحقيق نمو سريع.

وكانت «ستاد»، وهو الاسم الذي تعرف به الهيئة، قد جمعت مليارات الدولارات من العقارات المصادرة من مواطنين إيرانيين، وخلصت إلى أن ما ينقص إيران وتحتاج إليه هو المؤسسات الاقتصادية العملاقة المتعددة الأنشطة، مثل تلك القائمة في كوريا الجنوبية واليابان والبرازيل والولايات المتحدة، وبدأت تطبيق هذه الاستراتيجية، لكن ليس دائما عبر الطرق المشروعة.

وأقدمت الهيئة، التابعة لخامنئي، على تملك حصة في بنك كبير بحلول 2007، وحصة في كبرى شركات الاتصالات الإيرانية في 2009، ومن بين عشرات الاستثمارات الأخرى تملكت شركة قابضة عملاقة في 2010.

 

«ستاد» في لمحة 

 

وتكشف خارطة هيكلية عنوانها «ستاد في لمحة» أعدتها إحدى شركات ستاد في 2010، واطلعت عليها «رويترز»، عن مقدار ما بلغته الهيئة من اتساع ونمو، فالوثيقة تبين امتلاكها حصصا في بنوك كبرى ودارا للسمسرة وشركة للتأمين ومحطات كهرباء وشركات للطاقة والبناء ومصفاة لتكرير النفط وشركة للأسمنت ومصنعا للمشروبات الغازية.

واليوم باتت أعمال ستاد الواسعة النطاق تتيح للزعيم الأعلى خامنئي مصدرا مستقلا للدخل، وقدرة مستقلة على بسط النفوذ، رغم تشديد الضغوط الغربية على الاقتصاد الإيراني، من خلال العقوبات عملا على وضع نهاية لبرنامج التطوير النووي الذي يسيطر عليه.

 

مجموعة «تدبير»

 

وذكر ديفيد كوهين وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الإرهاب والمعلومات المالية، قي مقابلة، ان «ستاد» تدر الآن إيرادات قيمتها «مليارات الدولارات سنويا»، مضيفا ان «أموال الزعيم الأعلى الشخصية تدار وتستثمر في وحدة تابعة لستاد تعرف باسم مجموعة تدبير للتنمية الاقتصادية». وقال متحدث باسم وزارة المالية الأميركية إن «تدبير» تدير أيضاً استثمارات «شخصيات قيادية أخرى» في إيران، لكنه لم يذكر أسماءهم.

وتتيح «ستاد» للزعيم الأعلى موردا ماليا مستقلا مهما، وهو مورد يزيد قوته كثيرا، وقال موظف سابق في «ستاد» إن خامنئي يعين مجلس إدارتها لكنه ينيب آخرين في إدارة الهيئة، مضيفا ان ما يهم الزعيم الأعلى في المقام الأول هو أرباحها السنوية التي يستخدمها في تمويل جهازه البيروقراطي، متابعا: «كل ما يهمه هو الرقم». 

 

ضغوط 

 

وتفاصيل الطريقة التي حصلت بها «ستاد» على هذا العدد الكبير من الحصص في الشركات العامة والخاصة غير واضحة. ويقول أشخاص مطلعون على أنشطة الهيئة إنها اشترت حصصا من السوق المفتوحة، ومارست ضغوطا على بعض المستثمرين كي يبيعوها أسهما. وفي حالة واحدة على الأقل صودرت أسهم تسيطر عليها «ستاد» الآن من مالكيها الأصليين.

 

نحو الرسمية 

 

وفي عام 2000 خطت «ستاد» خطواتها الأولى نحو إضفاء الصبغة الرسمية على دخولها مجالات أخرى، إضافة إلى العقارات، فأقامت شركة لإدارة الاستثمارات أطلق عليها اسم شركة تدبير للاستثمار. وستصبح هذه الشركة في نهاية الأمر من بين خمس أدوات رئيسية على الأقل تتملك من خلالها «ستاد» حصصا في الشركات.

التملك العدائي 

 

وكان البنك الفارسي بدأ العمل في 2002، وكان مختلفا عن البنوك الإيرانية الأخرى، إذ كان يقدم أسعار فائدة أعلى قليلا من أسعار البنوك التي تديرها الحكومة، لكن خلافا للمؤسسات المالية الأخرى التي تحد عادة من حجم قروضها العقارية كان البنك الفارسي مستعداً لتمويل 80 في المئة من قيمة العقار. وكان البنك الفارسي غير مألوف بوجه خاص من نواح أخرى، إذ كانت قواعد الملبس فيه تتسم باللين. وبحلول عام 2006 كان البنك قد فتح ما يزيد على 100 فرع، وأضحى أكبر بنك غير مملوك للدولة في إيران.

لكن البنك بدأ يتعرض لمشاكل بطريقة مفاجئة، فقد أفاد أشخاص مطلعون على المسألة بأن محمد شريعة مداري، الذي كان عضوا في مجلس إدارة «ستاد» طلب في عام 2005 من العضو المنتدب للبنك الفارسي عبدالله طالبي قرضا قدره 44 مليون دولار لمؤسسة يديرها، ولم يقدم شريعة مداري ضمانات للقرض فرفض طالبي. ومورست ضغوط على طالبي اشترك فيها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد فاستقال وترك مجلس إدارة البنك، بعد أن اعتبره البنك المركزي الإيراني غير مؤهل لمزاعم مخالفته قواعده الخاصة بالقروض.

وخلال تلك الفترة تملكت شركة تدبير للاستثمار، التابعة لستاد، حصة في البنك الفارسي. وكانت الحصة صغيرة، أشار مسؤول في ستاد لاحقا إلى أنها كانت 16 في المئة، ومع ذلك فقد شبه الموظف السابق مشاركة تدبير في ملكية البنك «بالتملك العدائي».

ويقول الموظف السابق إن الأجواء في البنك الفارسي تغيرت تغيرا حادا، فحظر على الرجال وضع ربطات العنق، وبدأ النساء يتلقين رسائل تسألهن «لماذا ترتدين الجينز؟ لماذا شفتاك حمراوان؟»، ووصل مديرون جدد وحتى عملاء البنك تغيروا. 

وأضاف: «تغير مجلس إدارة البنك أيضا. ويفيد موقع البنك الفارسي على الإنترنت بأن من بين أعضائه الآن عارف نوروزي الذي يقول الموقع إنه عضو أيضا في مجلس إدارة تدبير للاستثمار. وكان نوروزي كذلك رئيس إدارة العقارات في ستاد وهي إدارة ضخمة تدير العقارات المصادرة وتبيعها».

 

إعادة الهيكلة

 

وفي 2006 أو 2007، أجرت «ستاد» دراسة لاستكشاف أسباب تفوق بعض البلدان النامية على إيران في النمو. وورد وصف للمداولات التي جرت آنذاك في مقابلة أجرتها صحيفة الشرق الإصلاحية الإيرانية في ابريل هذا العام مع أفخمي الذي وصفته الصحيفة بأنه رئيس مجموعة تدبير للتنمية الاقتصادية، وهي الوحدة التي تشرف على معظم استثمارات ستاد المالية.

وقال أفخمي: «في كوريا الجنوبية كان لشركات مثل سامسونغ وإل جي وهيونداي تأثير على التنمية. وفي الصين واليابان والبرازيل وألمانيا وأميركا نفس الشيء، ورأينا أننا في إيران ليس عندنا هذه الشركات الكبيرة، ومع أخذ هذا في الاعتبار بدأنا داخل شركة تدبير للاستثمار بتمهل وروية نناقش استراتيجية دخول مجالات مختلفة»، مضيفا: «أقرت هذه الاستراتيجية من إدارة ستاد».

وسرعان ما وضعت هذه الاستراتيجية موضع التنفيذ. ففي سبتمبر 2008 أعلن نوروزي، الذي كان آنذاك مدير إدارة العقارات في ستاد، إعادة هيكلة الهيئة كلها في حفل رسمي. 

وقال إن ستاد تحولت «من منظمة تبيع العقارات إلى مؤسسة اقتصادية عملاقة متعددة الأنشطة» تملك استثمارات في شركات مساهمة عامة، مضيفا أنها استثمرت 833 مليون دولار حتى ذلك الحين، بما في ذلك حصة نسبتها 16 في المئة في البنك الفارسي.

 

مناصب عليا 

 

ورغم ان ما تملكه ستاد في شركة الاتصالات الإيرانية هو حصة أقلية فيمكن ملاحظة نفوذها على أعلى المستويات داخل الشركة، كما يمكن ملاحظة ان مسؤولي الهيئة يحتلون أعلى المناصب في الحكومة الإيرانية. ورئيس شركة الاتصالات الإيرانية هو مصطفى سيد هاشمي الذي كان من قبل رئيس شركة إلكترونيك مبين إيران، وهي شركة إلكترونيات مملوكة لستاد. وعين مسؤولون آخرون في ستاد أو رشحوا لمناصب عليا في الحكومة والجيش والمواقع الاقتصادية في السنوات الأخيرة.

ويفيد التقرير السنوي الأخير لسوق طهران للأسهم بأن رئيس مجلس السوق حامد رضا رفيعي كشتلي عضو في تدبير للاستثمار التابعة لستاد.

ووزير النفط الأسبق غلام حسين نظري هو رئيس شركة تدبير لتنمية الطاقة، وهي قسم من ستاد معني بممتلكات الهيئة في قطاع الطاقة، وهو كذلك رئيس شركة فارس للنفط التي تملك ستاد حصة فيها. 

وفي أغسطس رشح الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني حسين دهقان وزيرا للدفاع. وكان دهقان رئيسا لـ»مبين إيران». ورشح روحاني الشهر الماضي محمد شريعة مداري نائبا للرئيس للشؤون التنفيذية. وشريعة مداري الذي كان عضوا في مجلس إدارة ستاد هو الشخص الذي زعم أنه طلب قرضا من البنك الفارسي.

الاتحاد الأوروبي: نفضل ألا نقول شيئاً  

في يوليو 2010، أصدر الاتحاد الأوروبي قائمة تتألف من 12 صفحة بأسماء أفراد وكيانات إيرانية قرر إخضاعها للعقوبات. وتضم القائمة محمد مخبر رئيس «ستاد» التي وصفها الاتحاد الأوروبي بأنها «صندوق استثمار مرتبط بالزعيم الأعلى علي خامنئي». وأشير إلى مخبر والآخرين على أن لهم صلات ببرنامج إيران النووي أو برنامجها الصاروخي. 

وفي أكتوبر عام 2012 رفع الاتحاد الأوروبي اسم مخبر من قائمة المعاقبين. وأفاد شخص مطلع على المسألة بأن الاتحاد الأوروبي رفع اسم مخبر من القائمة لمحاولة درء طعن قانوني إيراني أوسع في العقوبات المالية المفروضة على البنوك الإيرانية ومديريها. وكان الاتحاد الأوروبي أدرج مخبر في القائمة باعتباره رئيس «ستاد» ورئيس بنك سينا، وهو أحد البنوك الإيرانية التي فازت في دعاوى قضائية أمام المحاكم الأوروبية تسعى إلى رفع العقوبات المفروضة عليها. وليس واضحا ما إذا كان مخبر قدم طعناً في إدراجه في قائمة العقوبات. وامتنع متحدث باسم مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون عن التعليق قائلا «هذه كما أنا واثق أنكم تدركون قضايا قانونية حساسة ونفضل ألا نقول شيئاً».

back to top