ما الذي يعنيه كشف النقاب عن أن {مهرجان دبي السينمائي الدولي} قدم دعماً، عبر صندوق {إنجاز} المُخصّص لتمويل مشاريع الأفلام العربية في مرحلة ما بعد الإنتاج، لما يقرب من 17 فيلماً، وأن قائمة أسماء المخرجين الذين حصلوا على الدعم ضمت من مصر: نرمين سالم، محمد زيدان، محمد الحديدي، مي زايد، هند بكر وأحمد مجدي أصحاب الفيلم الروائي الطويل {أوضة الفيران} والمخرج محمد خان صاحب الفيلم الروائي الطويل {فتاة المصنع { والمخرج محمد كامل القليوبي صاحب الفيلم الوثائقي {اسمي مصطفى خميس}، إضافة إلى المخرج اللبناني فيليب عرقتنجي صاحب الفيلم الوثائقي {ميراث} والجزائري عمر حكار صاحب الفيلم الروائي الطويل {الدليل} واللبنانية ديالا قشمر صاحبة الفيلم الوثائقي {أرق} واليمنية الأسكتلندية سارة إسحق صاحبة الفيلم الوثائقي {بيت التوت} والفلسطينية الأميركية جنان كولتر صاحبة الفيلم الوثائقي الطويل {البحث عن ساريس}، فضلاً عن المغربي محمد أمين بن عمروي صاحب الفيلم الروائي الطويل {وداعاً كارمن} والمغربي كمال كمال صاحب الفيلم الروائي الطويل {الصوت الخفي} والتونسية كوثر بن هنية صاحبة الفيلم الروائي الطويل {شلاط تونس}، وأن هذه الأفلام اختيرت للعرض في الدورة العاشرة، التي انطلقت يوم الجمعة الماضي؟

Ad

يعني، بلغة المنطق والأرقام، ومن دون مبالغة أو تهويل، أن {مهرجان دبي السينمائي الدولي} قدم خدمة جليلة لأصحاب هذه المشاريع التي كادت أن تتوقف، ولا تكتمل، بسبب نقص السيولة المادية، كما نجح في الوقت نفسه، في أن ينتزع لنفسه حق العرض العالمي الأول لما يقرب من أحد عشر فيلماً، من دون أن يدفع درهماً واحداً، نظراً إلى أنه أصبح، بالقانون وبمقتضى الدعم الذي قدمه صندوق {إنجاز}، شريكاً في هذه الأفلام. ومن بين بنود هذه الشراكة أن يحصل المهرجان على حقوق العرض الأول؛ خصوصاً أن الدعم الذي يقدمه الصندوق لا يُسهم في الإفراج عن الأفلام، والتعجيل بظهورها إلى النور فحسب، وإنما يُعلي من قيمتها الفنية كثيراً، نتيجة حصول أصحابها على المال الذي يغطي نفقات مرحلة ما بعد الإنتاج، التي يعاني المخرجون خلالها من نقص فادح في الموارد، بسبب نفاد الميزانية، التي اعتادت شركات الإنتاج على إنفاقها بالكامل في مرحلتي التعاقد والتصوير!

يمكن القول إن المصلحة (والفائدة) متبادلة بين صندوق {إنجاز}، الذي ضمن للمهرجان العرض الأول لما يقرب من 80 فيلماً عربياً قدم لها الدعم منذ تمّ تدشينه عام 2009، وبين مخرجي هذه الأفلام التي تم إنجازها وفق خطوات علمية وعملية مدروسة بعيداً عن {بيروقراطية} الموظفين في الأروقة الحكومية أو الوقوع في براثن {أباطرة} الإنتاج والتوزيع، والارتماء في أحضان الانتهازيين والأفاقين الذين انتشروا بكثرة على الساحة السينمائية في الآونة الأخيرة!  

مع انطلاق أول دورة لمهرجان {دبي}،ومن بعدها مهرجان {أبو ظبي}،كان السؤال الذي يتردد على ألسنة البعض، في لهجة استخفاف لا تخلو من سخرية: {كيف تتم الدعوة إلى إقامة مهرجان سينمائي في بلد لا يعرف صناعة السينما؟}. وأتصور أن الإجابة جاءت من {دبي} بشكل أسرع من المتوقع؛ فالسوق تحول إلى منصّة لدعم صناعة الأفلام العربية. وبمناسبة الاحتفاء بمرور العام الأول على تدشين لجنة دبي للإنتاج السينمائي والتلفزيوني، يعقد المهرجان خلال دورته العاشرة  ندوة حوارية تجمع عدداً من رموز صناعة السينما والترفيه المرئي لمناقشة فرص ومستقبل صناعة السينما في دبي، وتحفيز صانعي السينما ومنتجيها ليكونوا جزءاً من هذا المستقبل، وتتويج الإمارة كوجهة وموقع مفضل للإنتاج السينمائي، وإلقاء الضوء على التطورات الجديدة التي توفرها دبي لصانعي السينما الذين يختارون التصوير السينمائي على أرضها، بالإضافة إلى مناقشة فرص صناعة السينما التي توفرها دولة الإمارات، وما تقدمه اللجنة من دعم للمخرجين والمنتجين الذين يختارون دبي موقعاً لأعمالهم.

هذا ما حققه «مهرجان دبي السينمائي الدولي» خلال عشر سنوات، على الأصعدة المحلية والعربية والعالمية، وما زالت الفرصة مواتية لتحقيق المزيد من الإنجازات التي لا تصب فقط في صالح السينما الخليجية، التي أعلنت عن نفسها بالفعل، وتتقدم خطوات من دورة إلى أخرى؛ بدليل الأفلام التي شاهدناها في مهرجاني «دبي» و«الخليج»، عبر برامج: «أصوات خليجية» و«صنع في قطر» و«المهر الإماراتي»، والأفلام الكويتية التي لفتت الأنظار ومن بينها فيلم «سيناريو» للمخرج طارق الزامل. بل تُسهم بشكل فاعل للغاية في ترسيخ مكانة السينما العربية على الساحة العالمية، وتشجيع صناعة أفلام تُعزز الهوية، وتعكس التنوع والثقافي والحضاري العربي، وفي هذا الكفاية للقول بملء الفم إن مهرجانات السينما في الخليج صارت ضرورة وليست ترفاً.