بيان مجلس الوزراء الأخير المُهدِّد بسحب الجنسية عمن لا تتوافر فيهم "شروط ومتطلبات شرف المواطنة" هو سواد وجه، ولا يجوز أن يصدر عن السلطة العليا المهيمنة على شؤون الدولة وتزعم أنها تتمسك بالدستور والقانون، نظرياً على الأقل، مثل ذلك البيان المُخجِل.

Ad

 فالخطاب الابتزازي المُستعمَل في البيان يمكن أن نتخيله من جماعات تعمل خارج أطر شرعية الدولة، ومن فرق "فتوة" وعضلات تبتز وتهدد الناس الذين لا ينصاعون لأوامرها، لا من سلطة تنفيذية لدولة ذات سيادة ترفع علماً، وهي عضو في المجتمع الدولي بكل مؤسساته.

 ما هو "شرف المواطنة" الذي جاء بالبيان، وكيف يمكن تعريفه وضبطه، ومَن يحدد تخوم هذا الشرف غير مجلس الوزراء ذاته الذي هو الخصم والحكم في قضايا الجنسية بعد أن منعت قوانين الدولة المُخجِلة القضاء من النظر فيها باعتبار أنها من "مسائل السيادة"؟! والسيادة التي تخرق الدستور لا تعني غير الاستبداد ونفي للسيادة الشرعية بحد ذاتها.

ما مناسبة مثل هذا البيان الذي يفوِّض فيه مجلس الوزراء إلى وزارة "المطاعات الألمانية" بحث "توافر شروط ومتطلبات شرف المواطنة" لتسحب "صدقة" الجنسية الكويتية عمن تشاء وتهبها لمن تشاء، حسب الظروف وحسب امتثال المواطن لأوامر صاحب السلطان أو خروجه عن طوعه؟ وكأن الجنسية مكرمة وصدقة جارية من الدولة وليست حقاً للمواطن متى توافرت فيه شروط كسبها.

 مجلس الوزراء يقر ويقطع، لننتبه لهذا، بأن السلطة تعلم أنها منحت الجنسية في السابق لبعض الناس الذين كسبوها بـ"الغش أو التزوير" مثلما يقول قانون الجنسية، لكن السلطة سكتت عنهم، "وصهينت" عن الأمر لغرض في نفسها إلى يومٍ معلومٍ كمثل هذا اليوم الذي تمارس فيه نهج الابتزار، أليس في سكوت السلطة وعلمها، كل تلك السنوات الطويلة، بواقع الذين كسبوها دون وجه حق يعد بحد ذاته اشتراكاً من السلطة في الجريمة أي "جريمة الغش والتزوير"؟! ألم تكن هي المساهم والشريك بالمساعدة في الجريمة؟ ثم تأتي اليوم لتقول لأبناء وأحفاد مَن كسبها في تاريخ قديم، إنكم مازلتم تحت رحمتنا، وظهوركم مكشوفة للجلد، وكأن السلطة ذاتها لم تشارك في الجرم سابقاً.

 سحب الجنسية كعقوبة سياسية يخالف أبسط الأعراف والقوانين الدولية، وإذا كنا في الماضي، منذ ثمانينيات القرن الماضي، بعد حوادث مسجد شعبان أيام تجليات الثورة الإيرانية كمواطنين سكتنا، ولا أستثني نفسي، ببلادة حس وغياب وعي وطني ولجنوح في الهوى السياسي عن الذين سحبت جناسيهم في ذلك الوقت، أو الذين سُحِبت منهم فيما بعد مثل سليمان بوغيث بعد اتهامه بالاشتراك مع قيادة "القاعدة" في جرائم 11 سبتمبر، أو حتى في تاريخ قريب، حين سُحِبت جنسية مواطن لتعبيره عن رأي جانح أو مخالف للقانون، فنحن في كل تلك المناسبات المُخجِلة مُدانون بصمتنا وعدم اكتراثنا، مثلما هي الحكومة اليوم مُدانة ببيانها السيئ، حين ضربت بمبادئ حقوق الإنسان عرض الحائط… نقول لك عيب كبير يا حكومة.