بات في حكم المؤكد أن انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية دونه الكثير من العقبات السياسية المحلية، كامتداد لانسداد الأفق الإقليمي والدولي نتيجة لعملية خلط أوراق النفوذ، التي لم تستقر على نتيجة من شأنها توضيح الصورة الجديدة للمنطقة.

Ad

ورغم أن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري قد وضع المسألة الإجرائية المتعلقة بالانتخابات موضع التنفيذ، من خلال دعوة النواب إلى انتخاب رئيس للجمهورية اعتباراً من اليوم، ضمن المهلة المحددة دستورياً، فإن الكتل النيابية -بما فيها تلك التي أعلنت اسم مرشحها- تكاد تجمع على أن طريقاً صعباً لايزال ينتظر اللبنانيين قبل معرفة من سيكون رئيسهم للسنوات الست المقبلة.

وبعيداً عن المناكفات الداخلية والصراع الطبيعي على السلطة بين "قوى 8 و14 آذار" وداخل كل من الفريقين، فإن المراقبين يعتبرون أن اتضاح الصورة الرئاسية اللبنانية مرتبط بجملة استحقاقات مماثلة على الصعيد الإقليمي، أبرزها:

- الانتخابات الرئاسية في سورية في ضوء إصرار الرئيس السوري بشار الأسد على إجرائها للبقاء في السلطة خلافاً لرأي المعارضة السورية، ولرغبة قسم كبير من المجتمعين العربي والدولي.

- الانتخابات الرئاسية في مصر في ضوء الموقع الجيوسياسي لها وما يمكن أن ينتج عن وصول الفريق عبدالفتاح السيسي إلى الرئاسة المصرية من تأثيرات في موازين القوى الإقليمية، لاسيما في حال استعادت مصر تأثيرها في سياسات المنطقة.

- الانتخابات العراقية في ضوء المعركة المكشوفة التي يخوضها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ضد المملكة العربية السعودية، وانضمامه اللصيق الى السياسات الإيرانية في الخليج والمنطقة في مواجهة فرقاء عراقيين متعددي التحالفات والولاءات الإقليمية.

وينطلق المراقبون من هذه الصورة الانتخابية الإقليمية لتأكيد أن الانتخابات الرئاسية اللبنانية تشكل جزءاً من المشهد الانتخابي الإقليمي يصعب تجاوزه قبل اتضاح الصورة الإقليمية ورسوها على ما يمكن الانطلاق منه في نسج المخارج التي تؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية.

ويوضح هؤلاء أن لبنان هو جزء من التوازنات الإقليمية، وبالتالي فإن هوية الرئيس المقبل للجمهورية اللبنانية لابد أن تأتي نتيجة طبيعية للدور الذي سيرسم للبنان، فإذا استقرت الأمور الإقليمية على غلبة فريق ضد آخر، فمن الطبيعي أن تنسحب هذه الغلبة على الساحة اللبنانية. أما في حال بقيت الأمور في دائرة معارك الاستنزاف السياسي والعسكري والأمني والإعلامي، فإن ذلك سيستدعي إما بقاء الوضع اللبناني في دائرة الاستنزاف من خلال عدم انتخاب رئيس للجمهورية، وإما التوصل إلى صيغة تسوية تنتج رئيساً للجمهورية لا يؤثر وصوله في موازين القوى الإقليمية، في ترجمة لاستمرار الأجواء التي أدت إلى ولادة الحكومة الحالية في لبنان على قاعدة اللاغالب واللامغلوب.