فتحت المداخلات التي خاضها النواب اللبنانيون في جلسة مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس تمام سلام الباب واسعاً أمام الانتخابات الرئاسية. وقد بدا ذلك واضحا من خلال:

Ad

1 - ما جاء على لسان عدد من نواب تيار المستقبل لناحية الانتقادات التي وجهت الى قيادة الجيش وبعض ضباطه على خلفية ما تشهده مدينة طرابلس من معارك واشتباكات وعلى خلفية تعاطي الجيش مع بلدة عرسال البقاعية وغيرها من المناطق الموالية لتيار المستقبل خلافا لما يتم التعاطي به مع المناطق المحسوبة على نفوذ حزب الله.

2 - مقاربة بعض نواب القوات اللبنانية، ولاسيما ما جاء على لسان النائبة ستريدا جعجع من مقارنة بين سلاح حزب الله وسلاح القوات اللبنانية بعد أيام من إعلان رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع استعداده للحوار الجدي مع حزب الله.

وبدا واضحا من مداخلات نواب تيار المستقبل التي وصلت الى حد قول النائب خالد الضاهر إنه «لا يجوز أن تخاض معركة رئاسة الجمهورية بدمائنا»، أن تيار المستقبل أراد توجيه أكثر من رسالة الى قائد الجيش العماد جان قهوجي، وإن كان المراقبون اختلفوا في تحديد طبيعة هذه الرسالة:

- فمنهم من اعتبر أن الانتقاد هو بمثابة قطع للطريق على وصوله الى رئاسة الجمهورية.

-ومنهم من اعتبر ان الانتقاد هو رسالة بضرورة تغيير النهج تسهيلا لوصوله الى بعبدا.

فأصحاب الرأي الأول يرون أن التناغم القائم الى حدود التحالف بين قيادة الجيش وحزب الله، لاسيما بالنسبة الى حرية التنقل الممنوحة للحزب للدخول الى سورية والخروج منها والى خطوط الإمداد العسكري التي يستخدمها الحزب بحرية للربط بين العمق اللبناني والداخل السوري تجعل من المستحيل على تيار المستقبل قبول تمرير انتخاب العماد جان قهوجي لرئاسة الجمهورية.

أما أصحاب الرأي الثاني فيرون أن من قبل العماد ميشال سليمان، لا بل من بادر الى ترشيحه لرئاسة الجمهورية على الرغم من عدم تصديه لحزب الله في اجتياح بيروت في 7 أيار (مايو) 2008، يمكن أن يكرر التجربة بترشيح العماد جان قهوجي على الرغم من وقوف الجيش متفرجا على حرية حركة حزب الله على طول الحدود اللبنانية- السورية وفي العمقين اللبناني والسوري.

أما على خط القوات اللبنانية فإن المراقبين انقسموا بدورهم في تفسير «الانفتاح» القواتي على حزب الله.

- فمنهم من رأى أن جعجع يسعى الى تفكيك الألغام من طريق ترشيحه لرئاسة الجمهورية ولو من خلال مغازلة حزب الله.

- ومنهم من اعتبر أن ما قامت به القوات اللبنانية يأتي في إطار الرد على ما قام به تيار المستقبل من تقارب مع التيار الوطني الحر من دون معرفة مسبقة من حلفاء المستقبل المسيحيين في قوى 14 آذار.

وعلى الرغم من المقاربات الرئاسية لتيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية» فإن المراقبين لايزالون يبدون خشية جدية من أن تكون الانتخابات الرئاسية في لبنان بعيدة المنال في ظل الانقسامات السياسية العمودية التي ظهرتها مداخلات النواب خلال مناقشة البيان الوزراي لحكومة جمعت التناقضات من دون أن تنجح المخارج اللغوية لبيانها الوزاري في بناء قواعد سياسية جامعة بين مكوناتها.