سيزور الرئيس أوباما المملكة العربية السعودية هذا الأسبوع، واستناداً إلى ما أسمعه من كبار الشخصيات السعودية، فإن استقباله سيكون خشناً، فنادراً ما كان السعوديون أكثر شكاً تجاه الولايات المتحدة مما هم الآن، وإذا كان للرئيس الأميركي أن يؤثر في التصرّفات السعودية، فمن المهم بالنسبة إليه أن يفهم الأسباب.

Ad

يعتقد السعوديون، بصفة أساسية، أن أصدقاء أميركا ومصالحها معرضون للخطر، وأن ردود الأفعال الأميركية تراوحت بين اللامبالاة والتوافق، ويرى السعوديون أن إيران تحاول تطويقهم بـ"قوة القدس" التابعة لـ"الحرس الثوري الإسلامي" الإيراني النشيطة في البحرين والعراق وسورية ولبنان واليمن، ومنطقتهم الشرقية، كما يرى السعوديون وجود محاولة إيرانية لقلب ميزان القوى في المنطقة لمصلحة طهران بشكل كبير، سواء عن طريق قتل المسلمين السنّة في سورية أو حشد الميليشيات الإسلامية الشيعية في العراق أو توفير الأسلحة للمتمردين الحوثيين في اليمن أو إثارة الاضطرابات بين الشيعة السعوديين.

وعلى عكس الإسرائيليين، الذين يرون أن البرنامج النووي الإيراني يمثل تهديداً وجودياً، ينظر السعوديون إلى تطويق الإيرانيين لهم من منطلق وجودي، وعلى غرار الإسرائيليين، فإنّهم مقتنعون بأنّ إيران عازمة على الحصول على أسلحة نووية لكنهم يعتبرون الأمر أداةً في مسعاها للهيمنة الإقليمية.

وسواء كان ذلك عادلاً أم لا، يعتقد القادة السعوديون أنّ الولايات المتحدة تسعى إلى الوئام مع إيران وتغضّ الطرف عن المشاكل التي تثيرها طهران في المنطقة، وهم يرون أنّ الإيرانيين يستخدمون مفاوضات البرنامج النووي لكسب الوقت، ويخشون من أن الولايات المتحدة تسعى بقوة إلى التوصل إلى اتفاق، وتجنب الصراع مع إيران لدرجة أنها ترفض التنافس مع الإيرانيين في المنطقة أو دعم أصدقاء الولايات المتحدة عند قيام هؤلاء [بالتصدي للإيرانيين]. إن تردّد الولايات المتحدة في سورية، وبشكل خاص عدم الرغبة في القيام بعملٍ عسكري رغم وضع الرئيس الأميركي "خطاً أحمر" بشأن الأسلحة الكيميائية، قد فعل الكثير لتغذية هذا الانطباع.

وللأسف، فإن وجهة نظر السعوديين للسياسة الأميركية تجاه مصر تزيد من شعورهم بالانزعاج، فهم يرون أن الجيش المصري منخرط في صراع حياة أو موت مع "الإخوان المسلمين" والإرهابيين الجهاديين في سيناء، وهناك تصور بأن "الإخوان" والجهاديين يمثلان أيضاً تهديداً للمملكة العربية السعودية، ومع ذلك تحجب الولايات المتحدة عن مصر مروحيات الأباتشي، وقد لا يروق لهم حجب أي أسلحة عن الجيش المصري، لكن حجب المروحيات، التي هي فعالة كسلاح لمكافحة الإرهاب، يتعذّر فهمه بالنسبة إلى السعوديين. يدفعهم الأمر إلى إثارة التساؤلات حول ما إذا كانت الولايات المتحدة تحدّد مصالحها في المنطقة بطريقة تتوافق مع مصالح المملكة العربية السعودية.

ولا يعني أي من ذلك أن السعوديين سوف يبتعدون عن الولايات المتحدة؛ فالقادة السعوديون يعرفون أنها هي وحدها من تستطيع حماية المملكة العربية السعودية ضد التهديدات الخارجية، ومع ذلك، فإن انزعاج السعوديين يمكن أن يفضي بهم إلى انتهاج سياساتٍ مدمرة للمصالح الأميركية، بل مصالحهم أيضاً. ومن الأمثلة على ذلك العرض السعودي بدفع ما يتراوح بين 2 و3 مليارات دولار ثمن حزمة أسلحة تسعى مصر إلى الحصول عليها من الروس، وفي الوقت الذي يحتاج فيه بوتين إلى دفع ثمن انتهاكه للأعراف الدولية في شبه جزيرة القرم، ليس هذا الوقت المناسب لتقديم الأموال لشراء الأسلحة الروسية. حتى من وجهة نظر السعوديين، كيف يمكن لهم أن يأملوا في إقناع فلاديمير بوتين بالتكاليف المرتفعة لدعم الرئيس السوري بشار الأسد إذا كانوا سيقومون بدفع ثمن طلب شراء الأسلحة للمصريين؟ ينبغي على أوباما إثارة هذه القضية مع الملك عبدالله. وللأسف، غالباً ما يؤدي انعدام الأمن إلى سياسات التدمير الذاتي، ويبعث السعوديون والمصريون بإشارات إلى إدارة أوباما مفادها أنهم سوف يمضون في طريقهم المنفصل إذا كانوا لا يستطيعون الاعتماد على الولايات المتحدة. إنّ مجرّد إضافة أوباما للمملكة العربية السعودية على جدول رحلته إنما تشير إلى إدراكه الكامل عمق المشكلة، ولكن نظراً لعمق الشكوك السعودية، فمن غير المرجح أن ينجح الرئيس الأميركي في حال اقتصرت جهوده على تقديم كلمات هدفها إدخال الطمأنينة الى قلوب السعوديين فحسب.

بدلاً من ذلك، يحتاج أوباما إلى التعامل مع المخاوف بشكلٍ مباشر، وقد لا يتطلب ذلك منه بالضرورة قبول الشكاوى السعودية، لكنه بحاجة إلى إثبات أنّه لا يراوده شك بشأن الإيرانيين، عبر توضيح فكرة أنّ واشنطن تعرف ما تفعله "قوة القدس" والخطوات التي سوف تتخذها الولايات المتحدة لمجابهتها، فاعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية السرية مثلاً يظهر أن واشنطن تعني ما تقول.

تخيّلوا التأثير على السعوديين وغيرهم لو أنّ الولايات المتحدة وليس إسرائيل كانت من اعترض سفينة "كلوس سي" هذا الشهر، وهي تحمل أسلحة إيرانية موجهة إلى قطاع غزة. ثمة أمور قليلة من شأنها أن تُثبت بمزيد من الوضوح للسعوديين أن الولايات المتحدة لن تسمح للمفاوضات النووية مع إيران بأن تحول دون مجابهة الإجراءات الإيرانية المزعزعة للاستقرار في المنطقة.

لا شكّ أن مصر وسورية موضوعان شائكان، لكن التركيز على الأهداف الاستراتيجية المشتركة للولايات المتحدة [مع هاتين الدولتين] هو نقطة انطلاق: الحؤول دون تحوّل مصر إلى دولة فاشلة، وضمان عدم قدرة الجهاديين على كسب موطئ قدم في مصر أو سورية، ووقف الإبادة الجماعية في سورية.

أما في ما يتعلّق بمصر فقد يعرض الرئيس الأميركي- وبما أن السعودية لا تستطيع أن تشكلّ دوماً رافعة مصر المالية- رفع تجميد توفير الأسلحة الأساسية لمصر في مقابل استخدام السعوديين نفوذهم لدفع الأخيرة إلى إبرام اتفاق مع "صندوق النقد الدولي".

لا شكّ أنّ أوباما سيخوض مباحثاتٍ صعبة في الرياض، ولكنّ إدراكه أنّ مضيفيه يبحثون عن أفعال ملموسة وليس مجرّد كلمات طيّبة هي الخطوة الأولى نحو مباحثات مثمرة وبناءة.

Dennis Ross دينيس روس

* شغل سابقاً منصب مستشار شؤون الشرق الأوسط للرئيس أوباما.