دخل العائلة الأميركية قبل 24 عاماً أعلى من 2012
عندما سُئل ميت رومني في سباق الرئاسة في العام الماضي حول تركيز باراك أوباما على عدم المساواة والتباين الاجتماعي، رفض مثل تلك النقاشات واعتبرها نوعاً من "الحرب الطبقية".وقال: "أعتقد أن من المناسب التحدث عن تلك الأشياء في غرف هادئة، وفي نقاشات حول السياسة الضريبية وما شابه ذلك". ومن المشكوك فيه أن يُقدم أي مرشح لمنصب رفيع المستوى، جمهورياً كان أو ديمقراطياً، على اتخاذ مثل ذلك الموقف الآن. فقد أصبح عدم المساواة الذي ترسخ بسبب عقود من ركود أجور الطبقة المتوسطة، قضية تتحرك نحو صدارة النقاشات السياسية.
ورغم أن فجوة الغني والفقر قضية تعود إلى زمن بعيد، فإن الانتعاش المتباطئ خلال فترة ما بعد الأزمة أكد صعوبة إحداث انقلاب يعكس اتجاها يضعف آمال الأجيال في ارتقاء السلم الاجتماعي في الولايات المتحدة.وبحسب ويليام جالستون، من معهد بروكينجز، وهو مسؤول سابق في إدارة كلينتون: "جانب كبير من السياسة في الوقت الحالي مدفوع بحقيقة أن أيّا من الحزبين لا يعرف ما يجب القيام به حيال ذلك".ووفقاً لتقرير سبتمبر الصادر عن مكتب الإحصاء الأميركي، الذي سجل انخفاض دخل الأسر للسنة الخامسة على التوالي، تكسب العائلة الأميركية النموذجية من حيث القيمة الحقيقية، الآن أقل مما كانت تكسبه عام 1989.وقال المكتب إن متوسط دخل الأسرة انخفض من 51100 دولار إلى 51017 دولاراً في عام 2012، وهو الآن أقل من ذروته قبل ركود عام 2007 بنسبة 8.3 في المئة. وفي الوقت نفسه ازدادت حصة الثروة التي تعود إلى الشريحة الأعلى التي تمثل 1 في المئة من الأميركيين. ووفقاً لبحث أعده إيمانويل سايز، من جامعة كاليفورنيا، بيركلي، زادت دخول أعلى 1 في المئة من السكان بنسبة 31 في المئة في الأعوام الثلاثة المنتهية بعام 2012، بينما زادت البقية بنسبة 0.4 في المئة فقط.خطابات ناريةيقول سايز: "باختصار، نسبة أعلى 1 في المئة العُليا من الدخول قريبة من الانتعاش التام بعد الأزمة المالية، بينما النسبة الباقية وهي الـ99 في المائة الأدنى، بالكاد بدأت تتعافى".ورغم أن أشد النقاشات تجري بين الديمقراطيين، فإن نجاح الأثرياء أصبح أيضاً سمة من سمات الخطابات النارية من كبار الزعماء الجمهوريين، مثل تيد كروز، سيناتور ولاية تكساس والمرشح الرئاسي المحتمل لعام 2016.فقد قال كروز في خطاب ألقاه أخيراً في واشنطن: "تعرفون نسبة 1 في المئة العُليا -إنهم أصحاب الملايين والمليارات الأشرار الذين يحب الرئيس التحدث عنهم طوال الوقت- هؤلاء لديهم الحصة الأعلى من دخلنا في أي وقت منذ عام 1928".وفي حين يلوم الجمهوريون سياسات أوباما على ركود الأجور، فإن اعترافهم بازدياد عدم المساواة يؤكد قوة هذه المسألة لدى الناخبين. ويشتمل تحدي التخفيف من الفجوة بين الأغنياء والفقراء على آثار آنية على السياسة الاقتصادية، ولاسيما على الجهود المبذولة لرفع الحد الأدنى للأجور، وتوسيع نطاق تحرير التجارة، وتشديد الأنظمة المالية.ويشعر كثير من الديمقراطيين والجمهوريين بالقلق من جدول أعمال الولاية الثانية الطموحة للبيت الأبيض، المتعلقة بتحرير التجارة، التي تتضمن التفاوض على صفقات كبيرة مع كل من دول المحيط الهادئ وأوروبا.وتحتاج حكومة أوباما إلى موافقة خاصة من الكونغرس لتمرير كلتا الصفقتين عبره بسرعة ومن دون تغيير، لكن يبدو أن المشكلات مستعصية على نحو متزايد هذا العام.ويقول جون بوديستا الذي كان مستشاراً للبيت الأبيض في عهد كلينتون وأوباما، إن الصراع القديم في صفوف اليسار حول ما إذا كانت التجارة الحرة تعطي نتائج أفضل للولايات المتحدة "لم يُحلّ بعد"، وعلى أوباما "إنفاق رأسمال سياسي" للحصول على الصفقات من خلال الكونغرس.ودفع خوف بوديستا من عدم كفاية السياسات الاقتصادية لمعالجة عدم المساواة، إلى تشكيل مجموعة استشارية صغيرة تسمى "مركز واشنطن للنمو العادل" تم إطلاقها الأسبوع الماضي.وقال: "لقد رأيتُ أشخاصاً يحاولون حشد الرأي العام حول هذه المسألة لكن ذلك كان متقطعاً". وأضاف أنه في أغلب الأحيان تم رفض السياسات التي مكّنت إعادة توزيع الدخل باعتبارها مضادة للنمو، في حين أعرب عن أمله في أن يوّحد مركزه كلتا السياستين.وأدى نقاش عدم المساواة إلى تغليف انقسام أوسع بين الديمقراطيين حول ما إذا كان الحزب بحاجة إلى سياسات اقتصادية جديدة، وإلى صُنّاع سياسة يخضعون بدرجة أقل إلى هيمنة الورثة السياسيين لروبرت روبن، وزير المالية في عهد كلينتون، الذي تناثر تلامذته وأتباعه داخل البيت الأبيض خلال ولاية أوباما الأولى. وبالفعل أصبحت إليزابيث وارن، عضوة مجلس الشيوخ المنتخبة حديثاً عن ماساتشيوستس، رمزاً لليسار لتغيير الاتجاه، خصوصا في الأمور المالية.آفاق ضيقةويشير مطلعون لدى الحزب الديمقراطي بشكل روتيني إلى كلا الفريقين داخل الحزب بشأن السياسة الاقتصادية بتعبير "الروبينيون" و"الوارنيون".وتشجّع اليسار بسبب انتخاب بيل دي بلاسيو هذا الشهر عمدة لنيويورك، بعد أن تغلب على المرشحين المدعومين من قبل المؤسسة الديمقراطية، على أساس برنامج سياسي يضيق الفجوة بين الأغنياء والفقراء في المدينة.لكن الجهود التي يبذلها اليسار في الحزب لتوسيع نطاق الأنظمة وتوسيع حجم شبكة السلامة الاجتماعية تواجه عقبات لا يستهان بها، خصوصاً الآفاق الضيقة في المالية العامة، والمتوقع أن تستمر سنوات، وتَحَدي العثور على مصادر جديدة للنمو.* فايننشيال تايمز