الأطفال المحرومون من التعليم

نشر في 12-02-2014
آخر تحديث 12-02-2014 | 00:01
 طالب الرفاعي أظهرت وثيقة جديدة من وثائق تقرير منظمة «اليونسكو» العالمي لرصد التعليم للجميع، نُشرت بالتعاون مع منظمة «إنقاذ الطفولة»، أن العدد الإجمالي للأطفال غير الملتحقين بالمدارس يصل إلى 57 مليوناً، وأن نصف هؤلاء الأطفال يعيشون في البلدان المتأثرة بالنزاعات. ولأن أوطاننا العربية تعيش نزاعات دامية، فإن عدداً كبيراً من أطفالنا، رهان المستقبل، يعيشون بعيداً عن المدرسة والتعلم، وأن هذه الشريحة من الأطفال سيكونون في القادم من الأيام أجيال أمّية عربية شابة، تحمل في وعيها الحنق على مجتمع قاس حرمها حقها في التعلم، لتعيش غريبة تماماً عن روح العصر!

لقد أظهر التقرير أن (14 في المئة) من إجمالي العدد يعيشون في الدول العربية، أي قرابة 8 ملايين طفل عربي يعيشون حياة لا تتوافر فيها أبسط مستلزمات الحياة العصرية، بأن ينال الطفل حقه في التعلم. وأن ما يزيد على نصف الـ8 ملايين من الفتيات، وبالإضافة إلى حرمانهن من التعليم فإنهن يعملن في أعمال قاسية، ويتعرضن للاغتصاب وسائر أعمال العنف التي تشهدها البلدان المتأثرة بالنزاعات المسلحة.

وصرّحت المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا، أنه «قلما يُلتفت إلى التعليم في عمليات تقييم الأضرار التي تخلفها النزاعات. فاهتمام دول العالم ووسائل الإعلام ينصب دائماً على الوجه الظاهر للمعاناة الإنسانية لا على وجهها الباطن والتكاليف والآثار المديدة التي تترتب على أعمال العنف التي تتجلى بامتياز في مجال التعليم، لاسيما في أشد بلدان العالم فقراً حيث لا تسفر النزاعات المسلحة عن تدمير المدارس فحسب، بل تطيح أيضاً بآمال وأحلام جيل كامل من الأطفال».

إن أوضاعاً مزرية لبلدان عربية تشهد عنفاً مجنوناً واقتتالاً منذ سنوات، كما هي الحال في السودان واليمن وسورية والعراق ودول عربية أخرى، لتؤكد أن أجيالا عربية قادمة، لن تحمل لهذه الأمة الإ الجهل والعنف وربما التدمير، مما يظهر الحاجة الملحّة لتحرك عربي وعالمي إنساني النزعة لمحاولة إنهاء النزاعات داخل الدول العربية، وإعادة اللحمة بين أبناء الوطن الواحد، ومن ثم الحد من العنف والفقر وضياع الطفولة العربية المؤلم.

ربما قابل البعض مثل هذه الدعوات بشيء من الاستهزاء، وسط السعي المحموم لعموم الدول لتحقيق مصالحها الخاصة على حساب أي شيء، وبالتالي فلن يكون تقرير اليونسكو أو أي دعوة حق لمساعدة وإنقاذ الطفولة في العالم عامة وأقطار الوطن العربي خاصة إلا صرخة في صحراء، لكني على ثقة أن هذه الدعوات، لن تذهب أدراج الرياح، لكنها بحاجة إلى مبادرة إنسانية كبيرة، توحد جهود الداعين إليها لتخرج إلى العلن على هيئة دعوة لوقف الاقتتال المجنون، والحد من العنف تجاه الأطفال، وإعادة شيء من العدالة والطمأنينة إلى نفوسهم اليانعة.

أقطار وطننا العربي تعيش تخلفاً علمياً وتقنياً واضحاً مقارنةً بأقطار المعمورة، وينعكس هذا التخلف على مختلف نواحي الحياة، ومؤكد أن إصلاح العملية التعليمية هو البوابة الأهم للبدء بالسير على طريق التحديث والعصرنة.

إن عقول ومواهب أبناء الشعوب العربية لتشهد لهم بقدرات لا تقل عن باقي إنجازات الشعوب، لكن الفرق الأساس، هو أن شعوبنا العربية، ومنذ حركات التحرر في بداية القرن العشرين، مروراً بحكم العسكر، وانتهاء بالدولة التسلطية، مازالت شعوبا مقموعة، ومازالت شعوبا تحارب من أجل تأمين قوت يومها وكرامتها، وما خروج الشعوب العربية بتظاهرات سلمية عظيمة، لتواجه أنظمة دكتاتورية لا تعرف إلا لغة القتل، إلا دلالة كبيرة على الروح الوثابة التي تسكن صدور هذه الشعوب، وأنها شعوب كريمة مهما جار الزمان عليها، فلابدّ أن تعود لتأخذ مكانها المرموق بين شعوب العالم.

back to top