كشف تقرير صادر عن المجلس الاعلى للتخطيط عن حقيقة الفساد في الكويت وفقا للمؤشرات والمعطيات الدولية، ويتضح ذلك من خلال نواب الأمة الذين عبروا عن قلقهم في ما يتعلق بالفساد، وذلك بإثارة استجوابات حول الظاهرة التي ارتفعت وتيرتها مع مرور الزمن.
وأوضح التقرير ان اعضاء مجلس الأمة قد اثاروا استجوابات تنطوي على تهم بالفساد بواقع استجواب واحد كل تسعة اشهر، خلال انعقاد الفصل التشريعي التاسع الذي استمر في الانعقاد 45 شهرا، ومنذ ذلك الحين ارتفعت وتيرة اثارة الاستجوابات التي تنطوي على شبهة الفساد بطريقة منتظمة حيث اثير استجواب كل 7 اشهر تقريبا خلال الفصل التشريعي الحادي عشر، وكل 4 أشهر خلال الفصل التشريعي الثاني عشر وكل 3 اشهر وتقريبا للفصل التشريعي الثالث عشر.وأضاف: "على الرغم من عدم توافر المعلومات التي يمكن الثقة بها فإن السجالات الموثقة في المجال العام تفصح عن احساس بوجود مظاهر الفساد خلال فترة تحت الدراسة واستنادا الى العرف الدولي الذي يقيس ظاهرة الفساد بحسب مدركاته وليس حجمه الكمي يمكن النظر الى تطور هذه الظاهرة خلال الفترة تحت الدراسة بما عبر عنه ممثلو الامة في مختلف استجواباتهم".وبين ان نتائج المؤشر الدولي ان الكويت تمتعت بمستوى مؤسسة يفوق المتوسط الدولي، وان كان متدنيا، اقل من انحراف معياري في مجال حكم القانون لكل من عامي 2000 و2010 الا انها سجلت اتجاها للانخفاض في المؤشر، أما في مجال الحد من الفساد فتوضح نتائج المؤشر الدولي ان الكويت تمتعت بمستوى مؤسسي يفوق المتوسط الدولي بطريقة ملحوظة عام 2000 الا ان المؤشر قد سجل انخفاضا ملحوظا عبر الفترة الزمنية تحت الدراسة، وان حافظ على تفوق قيمته عن المتوسط الدولي وهو امر يتوافق مع النتيجة أعلاه حول مدركات الفساد حسبما عبر عنها ممثلو الامة في البرلمان.ولفت التقرير الى انه بعد توسيع المؤشر التقليدي للتنمية البشرية ليشمل المؤشر التجميعي للهيكل المؤسسي للدولة، فإن الكويت جاءت في المرتبة الرابعة بين دول المجلس وذلك بعد تفوقها على المملكة العربية السعودية في مجال الهيكل المؤسسي للدولة مقارنة بإنجازها التنموي بحسب المؤشر التقليدي للتنمية البشرية، موضحا انه في حين احتفظت النرويج بقيمة دليل التنمية البشرية الموسع مساوية لقيمته قبل التوسيع فإن قيم دليل التنمية البشرية الموسع انخفضت عن قيمه قبل التوسيع لكل دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك الكويت، وتعني هذه النتيجة انه ينبغي اخذ الحذر في ما يتعلق بالركون الى الانجازات التنموية التي يعكسها الدليل التقليدي خصوصا ما يتعلق بصياغة البرامج والسياسات التنموية. التماسك الاجتماعيوأشار الى انه بعد تطبيق الاطار التوصيفي للتماسك على الكويت توصل التحليل الى انه ليس هنالك من خوف على حالة التماسك الاجتماعي من باب تجذر الحقوق الاجتماعية، وذلك لان الدستور الكويتي قد كفل توافر خاصية التمتع بالحقوق الاجتماعية، ولان الدولة قد صاغت ونفذت سياسات واعية مقصودة للتنمية الاجتماعية كفلت التمتع بهذه الحقوق على ارض الواقع، كذلك الحال اوضح التحليل عدم وجود مبرر للقلق حول التماسك الاجتماعي من باب توافر فرص الحوار العام كحالة عادية حيث لاحظ توافر المؤسسات التقليدية والحديثة التي تمكن من التمتع بهذه الخاصية الديوانية الكويتية المشهورة والصحافة الحرة.واضاف انه في مجال فعالية الحكومة فإن من الملاحظ انها لم تشهد تطورا يعتد به خلال العقد الماضي، وبالاعتراف بان مستوى الخدمات العامة التي تقدمها يضاهي المستويات الدولية في التعدد والشمول وان لم يكن في النوعية يوصى بالسعي نحو تطوير الجوانب الاخرى في مجال فعالية الحكومة، وتتمثل هذه الجوانب الاخرى في توعية جهاز الخدمة المدنية ودرجة استقلاله عن الضغوط السياسية ونوعية صياغة وتنفيذ السياسات ومصداقية الحكومة في التزامها بالسياسات التي تمت صياغتها، ويكمن في صلب هذه الجوانب كما هو واضح متطلب توعية جهاز الخدمة المدنية ودرجة استقلاله عن الضغوط السياسية وذلك لسبب بسيط هو انه في النظم الديمقراطية عادة ما يقوم جهاز الخدمة المدنية بلفت نظر الحكومة فيما يتعلق بخيارات السياسات المتاحة لها ومن بعد بتنفيذ تلك السياسات التي تختارها الحكومة.واشار الى انه يلاحظ في هذا الصدد ان الدستور بينما نص صراحة على استقلال القضاء ولم ينص بصراحة على استقلال جهاز الخدمة المدنية وبحسب التجارب المتراكمة من مختلف انحاء العالم يفهم من متطلب استقلال جهاز الخدمة المدنية ان يكون معيار التعيين في وظائفها خصوصا القيادية منها، هو المؤهلات والكفاءة والمقدرة وان يكون معيار التدرج في سلم وظائفها هو الاداء والالتزام والمسؤولية، ولاغراض الارتقاء بفعالية الحكومة يوصي بصياغة وتنفيذ برنامج للاصلاح المؤسسي يسعى الى تأكيد معاني استقلالية جهاز الخدمة المدنية والابتعاد عن اساليب المحاصصة مهما كان مصدرها وفي مجال مستوى ونوعية الرقابة الحكومية بعد تنفيذ توصيات الاصلاح السياسي وتطوير فعالية الحكومة الخاصة بتوسيع حرية التنظيم يوصي بان تقوم دولة الكويت بترشيد دور الدولة في تدخلاتها في المجال وذلك بتعزيز دور القطاع الخاص والمشاركة الشعبية بما يؤكد الطبيعة الديمقراطية للدولة والاقتصاد.محاربة الفسادوقال التقرير انه في مجال الحد من الفساد فان نتائج التحليل تشير الى ان تفشي الفساد سواء في الدولة او ذلك المعتمد على مدركات النواب المنتخبين قد سجل تدهورا خلال العقد الماضي بمعنى ازدياد تفشي ظاهرة الاحساس بوجود الفساد، وتتطابق نوعية الفساد المعبر عنه خصوصا بواسطة اعضاء البرلمان مع التعريف التقليدي للمفهوم بمعنى استخدام السلطة العامة لتحقيق منافع شخصية وذلك على الرغم من متطلبات المادة رقم 131 من الدستور، وتحتاج الدولة الى القيام بمبادرة جادة في هذا المجال تؤتي اكلها سريعا ويمكن للدولة الاستعانة بتجارب الدول الاخرى التي افرزت عددا من المقاربات القابلة للتطبيق بحسب الظروف المحلية تشتمل على تحفيز التنافس والشفافية في اداء الاعمال والفوز بالمناقصات خصوصا المشاريع الحكومية الكبيرة وتبسيط الاجراءات والعمل على استقرارها مع الزمن والتقليل من حرية تصرف المسؤولين والتقليل من التباس القواعد والقوانين ورفع رواتب واجور وحوافز المسؤولين بطريقة دورية، كلما دعا الحال وتشجيع المنظمات غير الرسمية للقيام بالرقابة والمتابعة واستخدام آلية الفصل من الوظيفة العامة للذين يمارسون الاساليب الفاسدة وتأسيس هيئة رسمية لمكافحة الفساد تكون لها مصداقية واستقلالية عن الجهاز الرسمي للحكومة ومؤسساتها وزيادة امكانية حصول وسائل الاعلام على المعلومات وتعضيد حرية الصحافة.إصلاحات سياسيةوقال التقرير انه على الرغم من عدم الافصاح الكامل عن البرامج السياسية لعدد كبير من هذه التيارات فقد تمحور الحوار الذي شهدته الفترة قيد الدراسة حول تحقيق اصلاحات سياسية تتعلق باشهار الاحزاب واكمال بناء النظام البرلماني بما في ذلك تكوين الحكومة من داخل البرلمان او عن طريق الانتخاب، وقد ترتب على الخطاب السياسي المطالب بهذه الاصلاحات السياسية المشروعة استقطاب حاد في اوساط المجتمع عززته بطريقة مباشرة او غير مباشرة عدم شفافية الطرح وغياب التحليل المتماسك وعدم توافر المعلومات، وكان واضحا في كل ذلك عدم مقدرة التيارات السياسية على بلورة اطار زمني لتحقيق الاصلاحات السياسية ومراحل تنفيذها مما اضعف من الحجج المستخدمة، كذلك الحال لم تتمكن مختلف التيارات السياسية من توضيح اختلافاتها الجذرية مع مختلف الحكومات التي تكونت ومع السياسات التي تمت صياغتها ومع التوجهات التنموية التي اعلن عنها بما في ذلك تلك المتضمنة في خطة التنمية متوسطة الاجل 2010/2011- 2013/2014 ويتجلى مثل هذا الغموض السياسي للتيارات السياسية في مجال قضايا التنمية البشرية حيث توضح القراءة المتأنية لما يصدر عن بعض التيارات عدم افصاحها عما تعنيه بالتنمية في اطار بلد يأتي على قائمة اغنى الدول على مستوى العالم وعدم توضيحها لطرق تعاطيها مع قضايا التنمية مهما كان تعريفها مع تلك التي تستخدمها الحكومة التي تتولى مهام السلطة التنفيذية بحسب النظام الدستوري المعمول به حاليا.مؤشرات تنموية وحوكمةأشار التقرير الى ان ما حققته الكويت من انجازات في مجال التنمية البشرية وقارن تلك الانجازات بدول العالم ومجلس التعاون الخليجي، كما تمت الاشارة ايضا الى امكانية تعديل دليل التنمية البشرية بحسب متطلبات التحليل والاغراض.وذكر التقرير انه تمت اعادة حساب دليل التنمية البشرية ليتضمن مكونا للهيكل المؤسسي للدولة كما قام بتعريفه التقرير والذي اشار الى انه عبارة عن مؤشر مركب من المؤشرات الفرعية للهيكل المؤسسي للدولة بعد تنميطها بحسب المنهجية المعتمدة وبعد تجميعها على اساس المتوسط الهندسي وبادخال المؤشر المركب للهيكل المؤسسي للدولة مع المؤشر التقليدي للتنمية البشرية تم الحصول على مؤشر موسع للتنمية البشرية.وقال انه فيما يتعلق بالانجاز التنموي على اساس المؤشر التجميعي للهيكل المؤسسي للدولة تأتي دولة الكويت في المرتبة الثالثة بين دول مجلس التعاون الخليجي وذلك بعد دولة قطر التي احتلت المرتبة الاولى بمؤشر الهيكل المؤسسي للدولة بلغ 0.321 ودولة الامارات العربية المتحدة التي جاءت في المكانة الثانية بمؤشر 0.608 وتوضح تفاصيل المؤشرات لهذه الدول الثلاث ان الكويت جاءت في المرتبة الاولى فيما يتعلق بمكون التعبير والمساءلة مع ملاحظة ان الدول الثلاث حققت مستوى يقل عن المتوسط الدولي في هذا المجال، من جانب آخر حققت كل واحدة من هذه الدول مستوى يفوق المتوسط الدولي في بقية مؤشرات التركيبة المؤسسية للدولة. وتوضح التفاصيل ان دولة قطر حققت المرتبة الاولى لبقية مؤشرات الحوكمة بينما جاءت الكويت في المرتبة الثالثة لكل المؤشرات فيما عدا مكون حكم القانون حيث احتلت المرتبة الثانية بعد دولة قطر.الحراك السياسيقال التقرير ان القلق حول حالة التماسك الاجتماعي ربما نشأ من بابي السلوك غير المسؤول بوساطة الافراد والجماعات والثقة في المستقبل واقترح التقرير اطارا تحليليا يربط بين هاتين الخاصتين وبين مؤسسات الدولة حيث يلعب الحراك السياسي الذي تنتجه هذه المؤسسات صلة الوصل مع التماسك الاجتماعي.واوضح انه كما هو معروف في النظم الديمقراطية فانه عادة لا يخشى من وقع سلبي للحراك السياسي على التماسك الاجتماعي الا عندما ينطوي عليه سلوك غير مسؤول يؤدي الى تفشي العصبيات الفئوية والاصطفاف القبلي والطائفي والتحالفات المصلحية غير المتوافقة مع المصلحة العامة والاقصاء وينعكس السلوك غير المسؤول بطريقة مباشرة وتكاد تكون آنية على حالة الثقة في المستقبل في اوساط الافراد ومختلف المجموعات مما ينعكس سلبا بدوره على حالة التماسك الاجتماعي ويزعزعها.
برلمانيات
«الأعلى للتخطيط»: الدولة بحاجة إلى مبادرة جادة لمحاربة الفساد
04-01-2014