مرة أخرى يقوم الكيان الصهيوني باعتداء إرهابي آثم ضد إخواننا العزل في قطاع غزة، ومرة أخرى نرى مشاهد جثث الأطفال والأبرياء التي تدمي العيون وتثير الآهات والعبرات، وكأن قصف أهالي هذا القطاع وقتلهم بات نوعا من أنواع التسلية للصهاينة، وسبب ذلك هو التخاذل الدولي وخاصة العربي تجاه أهالي القطاع المظلومين.
ففي كل مرة يتعرض فيها الشعب الفلسطيني لمجازر، تنكشف معظم الأنظمة العربية على حقيقتها بصمتها وعجزها عن حماية هذا الشعب الأعزل المظلوم، لكن في هذه المرة باتت الأمور واضحة بشكل أكبر، وانكشف الدجل والنفاق بشكل جليّ بعد صمت نفس الأنظمة عن المجازر الصهيونية الأخيرة مع أنها أقامت الدنيا ولم تقعدها بشأن سورية بحجة الدفاع عن الشعب السوري! ولم تكتف هذه الأنظمة خلال السنوات الثلاث الماضية بإطلاق المواقف والتصريحات النارية، بل كانت تحرض الدول الغربية على توجيه ضربات عسكرية ضد الدولة السورية إضافة إلى تمويلها للجماعات المسلحة المتطرفة التي دمرت سورية وعاثت فيها فسادا وقتلاً ووحشية.لكن أين هذه الأنظمة الآن؟ وأين حماسها تجاه حماية الشعوب المظلومة كما تدّعي؟ ولماذا لا نرى حتى تصريحات منها تجاه الجرائم الصهيونية الأخيرة في غزة؟ ولا ننسى طبعا مجاميع تجهيز الغزاة لسورية انطلاقا من اعتبارات طائفية في حين نراهم الآن يكتفون فقط بالدعوة للدعاء لأهل غزة الذين يُقتلون على يد الصهاينة أعداء الأمة! وأين الجامعة العربية؟ ولماذا لا نرى لها اجتماعات حيال ما يجري في غزة في حين كانت تعقد الاجتماع تلو الاجتماع لبحث الأزمة السورية؟! كل هذا يعتبر دليلا آخر على دجل هذه الأنظمة وأن مواقفها (الإنسانية شكلا) تجاه سورية لم تكن لأجل حماية الشعب السوري ولا لأجل الحرية وحقوق الإنسان، بل كانت ضمن سياق مؤامرة كبرى يراد منها كسر شوكة المقاومة للكيان الصهيوني، وكانت سورية مجرد محطة ضمن تلك المؤامرة باعتبارها ركنا أساسيا في محور المقاومة ومشاركة بقوة في صنع انتصاراته.لكن الشعب السوري انتبه لحجم هذه المؤامرة مؤخراً وانعكس هذا الانتباه في حجم المشاركة والتصويت في الانتخابات الرئاسية السورية الأخيرة، واليوم بعد الأحداث الأخيرة في غزة فإن الشعب الفلسطيني أيضا يعي ما يحدث حوله من مؤامرة للقضاء على مقاومته عبر محاولة إشغال الأمة بمعارك طائفية طاحنة في حين يترك للصهاينة حرية التصرف وارتكاب المجازر كما يشاؤون، ولكن "وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ"، فها هو كيد الصهاينة يرتد إلى نحرهم بعد مفاجأة امتداد نطاق صواريخ المقاومة إلى تل أبيب وحيفا بينما كان يعتقد نتنياهو أن هذه الهجمة ستكون نزهة ومعركة محسومة بسهولة، ولعل هذا التغيير في معادلات القوة سيلقي بظلاله على طبيعة الصراع في المرحلة القادمة وبنحو يزيد من قوة محور المقاومة.
مقالات
غزة تكشف الدجل مجدداً
17-07-2014