باتت قوى 14 مقتنعة بأن انتخاب رئيس جديد للجمهورية لن يتم بطريقة طبيعية وفقا للآليات الدستورية المعتمدة في ضوء ما تعتبره «خريطة طريق» وضعها حزب الله في محاولة لإيصال مرشح يتبنى استراتيجية الحزب بالنسبة الى مصير السلاح الذي يملكه والى دوره الأمني والعسكري في الداخلين اللبناني والسوري وفي أكثر من دولة حول العالم.

Ad

وبالإستناد الى هذه القناعة تتوقع قيادات بارزة في قوى 14 آذار أن يجر الحزب الساحة اللبنانية الى أزمة ذات بعد أمني – عسكري ولو من خلال أساليب غير كلاسيكية ومبتدعة لوضع الفرقاء السياسيين والحزبيين اللبنانيين أمام مأزق يضطرون كي يخرجوا منه الى القبول بأكبر نسبة من شروط حزب الله وحلفائه الإقليميين والمحليين.

ومع ذلك فإن المراقبين يستبعدون تكرار سيناريو 7 آيار المتمثل بعملية عسكرية يعمد حزب الله خلالها الى احتلال مناطق معينة محسوبة على قوى 14 آذار لفرض شروطه الرئاسية على خصومه السياسيين، لاعتبارات ليس أقلها سعي الحزب الى الانسحاب من أي مواجهة مباشرة على الساحة اللبنانية ووضع الجيش اللبناني في الواجهة ليتلقى نيابة عن حزب الله الضربات التي يبررها أصحابها بأنها موجهة في الاساس الى الدور العسكري للحزب في سورية، ولكن وقوف الجيش في خط الدفاع الأول عن حزب الله يعرضه للعمليات التي لم تكن في الأساس موجهة ضده بل ضد حزب الله وتجمعاته.

أما السيناريوهات التي يتوقعها المراقبون، فيشيرون الى بعضها كالآتي:

1 - تحريك الاتحاد العمالي العام المحسوب تقليديا على الأحزاب والقوى السياسية المتحالفة مع سورية وإيران والذي كان يستخدم في زمن الوصاية السورية للضغط على الفرقاء السياسيين، ولاسيما الرئيس الراحل رفيق الحريري في محاولة للحد من اندفاعهم في سياسات وتوجهات تتعارض مع المصالح السورية في لبنان. أما الذريعة التي سوف يرتكز عليها الاتحاد من أجل الدعوة الى اعتصامات وتظاهرات تتحول الى أعمال شغب فهي المطالبة بتحسين الظروف الحياتية والمعيشية للبنانيين، لاسيما الموظفين والأجراء.

2 - ويتخوف المراقبون من تداخل التحركات النقابية المفتعلة مع تحركات مدفوعة سياسيا بحجة الاعتراض على ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية د. سمير جعجع لرئاسة الجمهورية على خلفية اتهامه بعمليات اغتيال تعود لفترة الحرب، مما يرفع نسبة الاحتقان والتوتر بين مناصريه خصوصا ومناصري 14 آذار عموما من جهة ومناصري أحزاب قوى 8 آذار وتياراتها السياسية من جهة مقابلة، وهو ما قد يؤدي الى مواجهات ومشاكل على الأرض والى فوضى تهدد الاستقرار.

3 - وتبقي قيادات في قوى 14 آذار على مخاوفها «التقليدية» من عمليات اغتيال تستهدف قياداتها ورموزها على نحو يجبرها على تقديم المزيد من التنازلات في الملف الرئاسي والرضوخ لمطالب حزب الله وشروطه.  

وفي ضوء هذه القراءة يرى المراقبون أن استراتيجية حزب الله لا تصب في مصلحة وصول النائب ميشال عون الى رئاسة الجمهورية بقدر ما تهيئ الأرض على المستويين الشعبي والنيابي لقبول إما تجاوز الدستور اللبناني أو تعديله بحجة الظروف الاستثنائية الضاغطة التي تتطلب تكرار سيناريوهي انتخاب قائدي الجيش السابقين إميل لحود وميشال سليمان من خلال انتخاب العماد جان قهوجي لرئاسة الجمهورية في خطوة تعتبر الثالثة من نوعها على التوالي مما يجعلها عرفا في الحياة السياسية اللبنانية المعاصرة.