نعم إنها دولة فاشلة!
![صالح القلاب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1501783180355436200/1501783193000/1280x960.jpg)
ما الدولة الفاشلة يا ترى إذا لم تكن هذه الدولة المعنية التي تغرق في الفشل حتى عنقها هي الفاشلة؟! عندما يكون الفساد في هذه الدولة المشار إليها قد بلغ أرقاما فلكية، وعندما يكون الأمن معدوماً، وعندما تكون هناك حرب أهلية متصاعدة تصل أعداد ضحاياها شهريا إلى الألوف، وعندما يكون هناك شح في الماء والكهرباء، وعندما تكون هناك كل هذه الميليشيات الطائفية والمذهبية التي بعضها يتلقى تعليماته من الخارج... ألا يعني هذا أن هذا البلد يغرق في الفشل حتى عنقه، وأن أوضاعه أسوأ كثيرا من أوضاع الصومال؟! ثم وعندما تكون زعامات هذا البلد متناحرة وكل واحد يغرس خنجره في خاصرة زميله، وعندما تكون لكل واحد من هؤلاء مرجعيته الطائفية الخارجية، وعندما تكون العملة المتداولة في بعض مدنه عملة غير وطنية، وتكون اللغة الغالبة في هذه المدن ليست اللغة العربية، وتكون أغلبية بضائع الأسواق غير وطنية... ألا يعني هذا أن هذه الدولة المعنية "فاشلة"، وحالتها أسوأ كثيراً من أكثر الدول فشلا في هذه المنطقة؟ وأيضا وعندما يكون أهل هذا البلد ينتظرون اللحظة السانحة لمغادرته والالتحاق بمئات الألوف من أشقائهم الذين أصبحوا لاجئين في بلاد الله الواسعة، ألا يعني هذا أن هذه الدولة المعنية هي دولة "فاشلة" وأن تخليصها من هذا الفشل يحتاج إلى عقود طويلة، ويحتاج إلى جهود جبارة وإلى قيادة من نمط يختلف عن أنماط القيادات التي أوصلتها إلى ما وصلت إليه؟ الآن أصبح العراق محطماً ومدمراً ويعاني من أوضاع مأساوية هي نتيجة تراكمات استمرت منذ ذلك الانقلاب الدموي في عام 1958 ألا يعني هذا أنه أصبح دولة فاشلة لها رئيس مقيم في أحد المستشفيات الألمانية ولا يستطيع أي كان استبداله وتغييره، ولها رئيس وزراء أصبح إمبراطوراً يستمد قوته من مرجعيته الطائفية، ويرفض التخلي عن موقعه حتى لو لم يبق حجر على حجر في هذا البلد؟ هل سورية بعد نحو ثلاثة أعوام من الدمار والخراب ومن تحولها إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية وبعدما غادرتها كل هذه الأعداد من أبناء شعبها الذين غدوا لاجئي مخيمات في الدول المجاورة والبعيدة، لم تصبح دولة فاشلة تحتاج إعادتها إلى ما كانت عليه قبل سلسلة الانقلابات العسكرية التي بدأت في عام 1949 إلى جهود جبارة وسنوات وعقود طويلة بالفعل؟!