«الإدارية» تُلزم «الخارجية» منح موظف إجازاته الدورية

نشر في 04-05-2014 | 00:06
آخر تحديث 04-05-2014 | 00:06
No Image Caption
• جهة عمله امتنعت عن منحها له منذ عام 2010 لوجود خصومة

• المحكمة: تمتع الموظف بإجازة دورية ليس من مظاهر الاسترخاء بل هو محمول باحترام الإنسانية

• امتناع الوزارة منطوٍ على عيب إساءة استعمال السلطة متضمناً كل نوازع الكيد والهوى

ألزمت المحكمة الإدارية وكيل وزارة الخارجية منح أحد موظفي الوزارة إجازاته الدورية كاملة، بعدما امتنعت جهة عمله عن منحه إجازاته الدورية منذ عام 2010 لخصومتها معه، مبينة أن امتناع الوزارة منطوٍ على «عيب إساءة استعمال السلطة كما تضمن كل نوازع الكيد والهوى».

في حكم قضائي بارز قضت المحكمة الإدارية برئاسة المستشار ناصر الأثري بإلزام وكيل وزارة الخارجية منح موظف في الوزارة إجازاته الدورية كاملة بعدما امتنعت جهة عمله عن منحه إجازاته الدورية منذ عام 2010  لوجود خصومة معها، وقالت إن قرار عدم منح الموظف رافع الدعوى رصيد إجازاته مخالف للقانون ومشوب بعيب عدم المشروعية.

وأضافت المحكمة في حيثيات حكمها إن تمتع الموظف بإجازة دورية في حدود رصيده ليس ترفا ولا مظهرا من مظاهر الرخاء والاسترخاء بل هو محمول باحترام انسانية الإنسان المرتبطة ارتباطا وثيقا بالنظام والآداب العامة، ومن العدل والرحمة ان يتمتع بها من هو أهل لها وان المحكمة ترى ان المدعي مستحق لها.

وترجع وقائع القضية إلى الدعوى التي أقامها موظف طالبا فيها الحكم أولا بإلزام المدعى عليه بصفته بمنحه اجازة دورية منذ عام 2010 وحتى هذا العام، وثانيا إنزال عقوبة على من يقوم برفض منح إجازات دورية للمدعي وثالثا الزام المدعى عليه بصفته بالمصروفات ومقابل اتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل طليق من قيد الكفالة.

تعسف

وقال الموظف إنه يعمل لدى الجهة الادارية التي يمثلها المدعى عليه بصفته منذ تاريخ 21/9/1992 ولديه منازعات قضائية متعددة مع الجهة الادارية لسلبة الكثير من حقوقة الوظيفية فمنذ عام 2010 بدأت الجهة الادارية بسلسلة جديدة من التعسفات الادارية دون وجه حق، اذ تم حرمان المدعي من الاجازات الدورية دون سبب او مسوغ من الواقع والقانون رغم تراكم رصيده من الاجازات وطلبات المدعي المتكررة بهذا الشأن وقد قام المدعي بتوجيه اكثر من انذار رسمي للادارة لمنحه اجازة دورية، ولم تجد تلك الطلبات آذان صاغية من الجهة الادارية متعسفة باستعمال الحق، الامر الذي اضطره الى مباشرة تقاضيه الراهن واقبل يبتغي القضاء له بطلباته آنفة البيان.

 وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إنه عن طلب المدعي بإلغاء القرار السلبي الصادر من الجهة الادارية بعدم منحه اجازة دورية خلال الفترة من 4/7/2013 وحتى 7/8/203 ومن 19/1/2014 وحتى 13/2/2014 فإنها غير مقبولة لفوات المواعيد المطلوبة اثناء نظر الدعوى وقبل الفصل في موضوعها لانتفاء مصلحة المدعي إذ انه لا يكفي قيام القرار الاداري لتكون دعوى الغائه مقبولة بل يتعين لقبول ذلك الطلب ان يكون القرار قائما ومنتجاً لآثاره عند اقامة الدعوى، فاذا زال ما كان له من اثر بعد رفع الدعوى فإن دعوى الغائه تكون غير مقبولة.

وأضافت المحكمة انه عن طلب المدعي اجازة دورية خلال الفترة من 38�4 وحتى 119�4 واذ كانت غايته المقدمة هي التمهيد والتوطئة لتحديد مسار القضاء بهذه الدعوى فإن المحكمة تشير تمهيدا وتأصيلا لقضائها الموضوعي الى ان استقرار حق الموظف في الاجازة على أصل مؤداه انه لا تكليف الا بمقدور, ذلك ان مواصلة الموظف لعمله دون انقطاع وبدون فترات يستريح فيها من عناء العمل يقعده عن المواصلة ويصل به الى حد تكليفه بما لا يستطيعة فالنفس في طبيعتها لها طاقة والقلوب تمل لذا يلزم الترويح عنه حتى يستعيد من جديد نشاطه ولا تفتر مستقبلا عزيمته، لذا يقول الرسول، صلى الله عليه وسلم، «ان لنفسك عليك حقا وان لبدنك عليك حقا وان لاهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه» وتطبيقا لذلك استقرت التشريعات المختلفة ومن بينها القانون الكويتي على منح الموظف الحق في الحصول على اجازة ينقطع بها عن العمل دون مساءلة.

كما انه من المقرر انه لا تمنح الاجازة الدورية الا بناء على طلب من الموظف وفي حدود رصيده منها, ولا يجوز للموظف القيام بالإجازة الدورية الا بعد ابلاغه بالموافقة عليها وعليه ان يعود الى عمله فور انتهاء اجازته ولا يجوز مدها الا بناء على طلب منه وابلاغه بالموافقة قبل انتهاء اجازته ولا يجوز للجهة الحكومية تأجيل الاجازة الدورية أو تقصيرها او قطعها  بعد القيام بها الا لأسباب تقتضيها مصلحة العمل، ومؤدى ذلك انه على الرغم من حق الموظف في الخروج بالاجازة الدورية الا ان تلك الاجازة يجب ان تكون بإذن سابق من قبل الجهة الادارية المختصة والتي تملك عدم السماح للموظف بالخروج بالإجازة الدورية اذا اقتضت مصلحة العمل ذلك.

منازعات وخصومات

وأوضحت المحكمة انه ولما كان الثابت من استقراء أوراق الدعوى ودون نزاع من جانب الجهة الادارية ومن واقع المستندات المرفقة فإن المدعي لم يتمتع بأي اجازة دورية منذ 2010 رغم تقدمه بطلب وفي حدود رصيده  وقد تأيد ذلك وحسم بالطلبات المتكررة من جانب المدعي مخاطبا الجهة الادارية بضرورة منحه تلك الاجازة الدورية بيد ان الادارة تجاهلت تلك الطلبات دون مسوغ من الواقع والقانون وفي ذلك اساءة لاستعمال السلطة

والانحراف بها، وهو ما يتنافى وتحقيق المصلحة العامة التي هي غاية كل قرار وآية ذلك الخلافات الظاهرة بين المدعي والجهة الادارية وكان من مظاهرها وجود منازعات وخصومات متداولة امام القضاء بين طرفي هذا النزاع مما جعل الجهة الادارية تتنكب وجه الحق وتكون قد اصدرت قرارها بباعث لا يمت لتلك المصلحة بشيء وان امتناع الجهة الادارية عن منح المدعي الموافقة على طلب التمتع بإجازة دورية في حدود رصيده شأنه شأن اقرانه من الموظفين ذوي المركز القانوني المماثل له أمر غير مبرر مما خلق تمايزا في غير محله بين الموظفين الذين يجمعهم مركز قانوني واحد وهو ما ينهض واياه قوام القرار السلبي ويكون امتناعها منطويا على عيب اساءة استعمال السلطة متضمنا كل نوازع الكيد والهوى وقد فاضت الاوراق بما يدلل على ذلك، ما يتعين معه على المحكمة ان تقضي بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما ترتب على ذلك من آثار اخصها م نحه اجازة دورية خلال الفترة من 3/8/2014 وحتى 11/9/2014 لاسيما انه من المقرر ان كل وجه من وجوه عدم مشروعية القرار كاف بذاته لتبرير الغائه.

الحل الأمثل

وبينت المحكمة ان القاضي الاداري باعتباره الامين على الدعوى الادارية يقدر بحرية ما اذا كانت البيانات الموجودة بالملف كافية للتدليل على هذا الاستحقاق من عدمه لما يتميز به القضاء من مقومات أهمها انه ليس قضاءً تطبيقياً وانما هو قضاء يبتدع الحلول المناسبة للمنازعات التي تنشأ بين الادارة والافراد وهي تختلف بطبيعتها عن منازعات القانون الخاص، الامر الذي ترى معه المحكمة ان ما انتهت اليه من قضاء محمولا على اسبابه الموضوعية هو الحل الامثل للمنازعة المطروحة على المحكمة.

وقالت المحكمة انه عن طلب المدعي بإنزال العقوبة على الموظف المتسبب بمنعه من التمتع بإجازته الدورية فان هذا الطلب غير مقبول لانتفاء القرار بشأنه، كما انه عن طلب شمول الحكم بالنفاذ المعجل فإن المحكمة ترى مبرراته قائمة بهذه الدعوى وتقضي بشموله بالنفاذ المعجل وبلا كفالة،  عن المصروفات فان المحكمة تلزم بها المدعى عليه بصفته باعتبار انه المحكوم عليهما عملا بنص المادة 119.

back to top