جميل ملاعب المختص بالطباعة الفنية في معهد {برات} (نيويورك) من 1984 حتى 1987، نفذ حفرياته التي حملت معها هموم مراحل مختلفة، وتوازت مع تجاربه والمواضيع التي تطرق إليها في تجاربه عموماً، خلال 34 سنة، متنقلاً بين أساليب مختلفة.
يشتمل معرضه الجديد {حياة تستحق العيش} في غاليري {جانين ربيز} في بيروت على نحو 90 عملاً منفذة في الفترة الزمنية ذاتها، والأعمال تتضمن شعائر وطقوساً من الذاكرة والمخيلة والواقع، تتباهى بخطوطها وأشكالها وإيحاءاتها وعناصرها وتصوراتها وهندستها وحكايتها المستمدة من المعيوش. تنقسم أعمال المعرض إلى قسمين من حيث لونيتها، فبعضها بالأبيض والأسود، والبعض الآخر بالألوان. يحاول الفنان من خلالها التعبير عما يراه ويحس أو يحلم به. هو يلجأ إلى تجريد الخطوط واختصارها أو اختزال الأشكال بخطوط قليلة، في الوقت الذي نجد الكثير من التحفير والتدقيق وإغناء المساحة بالتفاصيل.يلفت الزائر أن غالبية مواضيع ملاعب مستمدة من الواقع، من الطفولة والطبيعة والناس والأحداث المباشرة والذكريات وانفجار السيارات والتهجير والحرب. فيعود بالذاكرة أو يعيش الحاضر. هي يوميات العيش في لبنان، اليوميات التي بات لها قاموسها ومفرداته وألوانها ومخيلتها ولوحاتها في الوعي واللاوعي، وفي التجريد واللاتجريد، وفي الحسي واللاحسي.استعادةلا ينفصل معرض ملاعب الجديد عن مشاعره المعروفة، ولا عن استعادته لماضيه، لغته وألوانه، وما يدور في مخيلته وما يستذكره. وتبدو اللوحات كأنها عبارة عن مفكرة تشكيلية لشخص عاش الأحداث اللبنانية، وحاول التعبير عنها من خلال الصورة، العصفور والغيمة والزهرة والوجه، هي كائنات لها معانيها تحاكي الفن المعاصر والجسد والحركة، والريشة والعقل، والخشب واللون.أقام جميل ملاعب أكثر من 20 معرضاً فردياً، وشارك في أكثر من 50 معرضاً جامعياً في لبنان والخارج، وفي ملتقيات نحت عدة. له أكثر من 12 كتاباً ومطبوعة لأعماله المصورة. سافر إلى كثير من الدول حيث رسم فيها وتنوعت مواضيعه، ولكن بقي موضوعه الأساس ضيعته التي صوَّر نواحي حياتها اليومية وأحوالها الاجتماعية وعاداتها وتقاليدها بأسلوبه المميّز، فاذا بخصوصية ضيعته تأخذه إلى آفاق عالمية. يقول عن تجربته: {حين أرسم اللوحة أشعر أن تراثاً وحضارة وأيادٍ تساعدني كي أنجزها وأجد نفسي أمام موقف من الجدية في مخاطبة جمهور في الماضي وآخر في الحاضر والمستقبل، أريد أن أعرض عليه هذا النتاج الفني.اللون مسألة خطيرة. كثيرون يتمنون لبس ألوان معينة ولكن لا يجرؤون. من الصعب أن نلبس بدلة برتقالية أو صفراء أو خضراء، لأن المصمم لا يسمح بذلك، لكن المهرج يلبسها لأنه يتجاوز الأعراف والموضة والأزمنة.البدوية تفعل ذلك أيضاً لأنها قريبة من نفسها أكثر. الطفل يستخدم اللون الأحمر. الهنود يفضلون أجمل الألوان، الأصفر والأحمر والنيلي. الإنسان المتحضر يبتعد عن ذاته، لذلك فهذا اللون أو تلك البقعة الحمراء والصفراء هي رمز لطفولتي وبدائيتي وارتباطي بالطبيعة وباللون الذي لم أخلقه أنا، وليس لي دخل في اختراعه، أستعمله كآلة للتعبير عن حريتي فقط}.
توابل
لوحات جميل ملاعب في بيروت... مفكرة حياة تستحق العيش
25-05-2014