لفت رئيس مراكز الفنون المصرية محمد دياب إلى تجاور زخم تشكيلي في أربعة معارض أخيرة في مركز الجزيرة للفنون، وتنوع الإبداع في مجال النحت والتصوير والغرافيك والحلي، وابتكار أفكار مغايرة للنسق التقليدي والتناغم بين التجريب والتراث الفني.  

Ad

وقالت مديرة مركز الجزيرة د. إيناس حسني إن القاعات المخصصة للمعارض شهدت فعاليات عدة خلال العام الحالي، وحضور لافت لإبداع الرواد والشباب، وتزايد الإقبال على الفنون التشكيلية، والتواصل بين الفنانين من مصر وأرجاء العالم العربي.  

استضافت قاعة كمال خليفة معرض «حلي» للفنانة رانيا هلال، وضم مجموعة من المشغولات وثيقة الصلة بهذا الفن التراثي، وتميَّز باستلهام الزخارف، والتمرد على الطابع الكلاسيكي في صناعة الحلي.

 ويعد «حلي» المعرض الفردي الأول لهلال، وسبقته مشاركات عدة في معارض جماعية، وهي من الفنانات القليلات في مجال صناعة الحلي، وتتميز أعمالها بالتوثيق بين الحرفية والموهبة وابتكار أفكار غير مسبوقة.

أول الطريق

قدمت الفنانة أسماء وجدي معرضها «أول الطريق»، وضم لوحات في مجال التصوير، تميزت برصد تفاصيل البيئة الريفية، وبسطوة اللون الأزرق، وحركية اللوحة، وطاقة شعورية موحية بالبهجة والدفء الإنساني.  

وتعتمد لوحات وجدي على حاسة جمالية متفردة، والمزج بين آليات فن التصوير، ومعطيات الواقع الاجتماعي، وإدراك الحدود الفاصلة بين الفن والحلم، وتفاعل الفنان مع تراثه وخصوصية بيئته.

وفي معرض «محاكاة نحتية» للفنان العراقي علي النوري نجد إشارات بالغة الرهافة تحاكي معطيات اللحظة الحاضرة، وتبدو فيها مهارة التشكيل واضحة بخامات البرونز والبازلت والغرانيت، وسط منظور جمالي للظل والضوء، وتأثيرهما الوجداني على المتلقي.   

ضم المعرض 27 عملا، تميزت بتنوع الأفكار الرمزية، ودينامية الكتلة، والتجسيد الجمالي لمعاني الإرادة والصمود، وتراجيديا الإنسان المعاصر، ومحاولة الخروج من الشرنقة إلى ضوء النهار.   

أشاد الحضور بمنحوتات النوري، وتشكيله لمكونات الجسد الإنساني، والتناغم بين قاعدة الارتكاز وانسيابية الكتلة في التعبير عن لحظة ميلاد جديد، وجموح إلى التحرر من القيود والانطلاق إلى فضاء رحب.   

بنات الأفكار

 

في معرض «بنات الأفكار» للفنان مصطفى كمال، يمتزج الخيال بالواقع، مع إطلالة وجوه من الذاكرة وأطياف لونية تضفي أجواء أسطورية على فضاء اللوحات، إضافة إلى المزاوجة بين التجريب والطابع الكلاسيكي.

وجسدت لوحات «بنات الأفكار» لغة حوارية بين الوجوه، وانسيابية ريشة الفنان في التعبير عن رومانسية المشاعر، والتأثير الوجداني للرائي، وتدفق الألوان الموحية بعالم غائم بين اليقظة والنوم.

وتتابعت وجوه «بنات الأفكار» بين موجات من الظلال والضوء، وانطلاق «التخاييل» من عالم الرؤى والأحلام، وتنامي التشكيل الجمالي في فضاء مراوغ بين الواقع والخيال، وبراءة الملامح وتوتر ذاكرة الخيوط الباحثة عن أوجه غائبة.  

يقول الناقد د. صالح رضا: «تجربة مصطفى كمال محاولة جادة بين الحس والعقل، وكلاهما في حالة صراع دائم، وينتصر العقل من خلال عقلانية الفكر المتجدد في لوحاته، ويتحقق هذا في كثرة أعماله».

مصطفى كمال (61 عاما) أحد فناني جيل الوسط، وله تجربة إبداعية في الغرافيك والرسم بالريشة، وعبر إقامته بين مصر وإيطاليا تراكمت لديه خبرات حياتية وفنية، وحقق حضوره المتفرد على الساحة التشكيلية العربية والعالمية.

عن تجربته، يقول الناقد الإيطالي غويدو بالداريلي: {يقدم كمال بريشته الحياة المعاصرة للمدينة بكل حلوها ومرها، وتجاربه في الرسم ناتجة من روح ثائرة كامنة، وذات تأثيرات عميقة في الشكل والمضمون}، ويوضح بالداريلي أن أعمال كمال تعبر عن تراجم منتظمة ذات أصالة من دون إحداث تغير مع الاحتفاظ بجوهرية العمل الفني المستمد والمتدفق، والتلاعب بالألوان ما بين الظلمة وبين النور مع إمكانية وصل الماضي وأساطيره وغموضه بالحاضر.  

سبقت {بنات الأفكار} معارض عدة خاصة وجماعية، من بينها معرض بيزارو في إيطاليا عام 1975، ومعرض الفن المصري المعاصر في أميركا عام 1983، و«أسطورة ديك النهار} في دار الأوبرا المصرية 2008.  

ونال الفنان مصطفى كمال جوائز كثيرة، من بينها جائزة مسابقة تصميم شعار شركة برستول الإيطالية الأميركية 1977، وجائزة الغرافيك الدولي عام 1999.

وللفنان مقتنيات لدى بعض الأفراد ومتحف الفن المصري الحديث في القاهرة، ومجموعة من المتاحف العالمية.