رأت حكومة التوافق الوطني الفلسطينية أمس النور، وأدت اليمين أمام الرئيس محمود عباس، لتنهي سنوات الانقسام السياسي والإداري بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وبينما أعلن نائب رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية حل حكومته في غزة، انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الموقف الأوروبي من الحكومة الجديدة التي تدعمها «حماس».
بعد تأخر أربعة أيام عن الموعد المقرر لها، أدت حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية اليمين القانونية أمس أمام الرئيس محمود عباس في مقر الرئاسة الفلسطينية في مدينة رام الله في الضفة الغربية، منهية بذلك سبع سنوات من الانقسام السياسي والإداري بين حركة فتح في الضفة الغربية، وحركة حماس التي سيطرت على قطاع غزة.وعزز تشكيل الحكومة الجديدة التي تتألف من 17 وزيراً، بينهم خمسة من قطاع غزة ويترأسها رئيس الوزراء رامي الحمدالله، موقف السلطة الفلسطينية بشأن مفاوضات السلام مع إسرائيل، والتي انهارت مؤخراً من خلال توحيد الرئيس عباس لجبهته الداخلية.وحضر أركان القيادة الفلسطينية وأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير مراسم حلف اليمين للحكومة التي يرأسها الأكاديمي المستقل الحمدالله، وتغيب أربعة وزراء من قطاع غزة عن أداء اليمين بسبب منعهم من قبل إسرائيل من الانتقال إلى الضفة الغربية.وكلف الحمدالله إلى جانب منصب رئاسة الوزراء بوزارة الداخلية، بينما تولى 6 وزراء حقيبتين وزاريتين.وبشكل مفاجئ أعلن مأمون أبوشهلا من غزة، والذي كلف بمنصب وزير العمل، اعتذاره عن المنصب لعدم اختصاصه بصلاحياته. وضمت الحكومة سبع شخصيات من حكومة السلطة الفلسطينية السابقة، فيما لم تضم أيا من وزراء حكومة حماس المقالة في غزة أو من الشخصيات المقربة من الحركة.وواجه تشكيل الحكومة عقبة في اللحظات الأخيرة حتى صباح أمس بسبب رفض «حماس» رغبة الرئيس عباس في عدم إدراج حقيبة وزارية بشأن الأسرى الفلسطينيين لدى إسرائيل، حيث سعى عباس لتفادي التهديدات التي أطلقتها بعض الدول الأوروبية بعدم دعم الحكومة الجديدة، إذا تضمنت هذه الحقيبة، نظراً لكون إسرائيل تعتبر الأسرى إرهابيين، إلا أن عباس تراجع بعد تهديد «حماس» بعدم الاعتراف بالحكومة.ووقعت منظمة التحرير الفلسطينية و»حماس» في 23 أبريل اتفاقاً للمصالحة، نص على أن يتم في 28 مايو على أبعد تقدير، تشكيل حكومة توافق تنظم انتخابات بعد ستة أشهر.عقد جديدوفيما يشبه وضع خطوط عريضة لعقد اجتماعي جديد، قال عباس في خطاب بثه تلفزيون فلسطين بعد أداء اليمين «اليوم نعلن نهاية الانقسام الأسود الذي ألحق بقضيتنا الوطنية أضراراً كارثية»، مؤكداً أن «الوحدة الوطنية هي ضمانة أكيدة لا غنى عنها لتحقيق أهداف شعبنا، والأصل هو الحوار واحترام المؤسسات وممارسة الاختلاف والخلاف داخل أطرها ووفق قوانينها، وتحريم إراقة الدم الفلسطيني، والاحتكام إلى الشعب وإلى صناديق الاقتراع».وجدد عباس التأكيد على أن الحكومة الجديدة «هي حكومة انتقالية الطابع، ومهمتها تتمثل في الإعداد لعقد الانتخابات قريباً بجانب رعاية أمور وتوفير حاجات أبناء شعبنا».وذكر أن الحكومة تلتزم بالتزامات السلطة الفلسطينية والاتفاقات الموقعة وببرنامجها السياسي «لتحقيق أهدافنا الوطنية في إقامة دولة عاصمتها القدس الشرقية بجانب دولة إسرائيل»، مشيراً إلى أن «المفاوضات ستبقى في ولاية منظمة التحرير ولا علاقة للحكومة بها».وثمّن عباس «التأييد المطلق الذي أظهرته الدول العربية لخطوات المصالحة وتأكيدها مواصلة تقديم الدعم، وكذلك نحيي المواقف الإيجابية من الدول الصديقة في العالم، منوهين بموقف الاتحاد الأوروبي وروسيا والإشارات الإيجابية من الولايات المتحدة».واعتبر عباس أن إعلان إسرائيل مقاطعتها حكومة التوافق «يكشف النوايا الحقيقية للاحتلال الذي يريد مصادرة الأرض وبناء المستوطنات وتهويد القدس».وتابع بالقول: «سنستخدم كل الوسائل السلمية للرد على أي إجراءات عقابية من جانب إسرائيل التي كانت تتذرع بوجود الانقسام لتبرير عدم التقدم في السلام، وها هي اليوم تتذرع بإنهاء الانقسام لتواصل التهرب من السلام».الاجتماع الأولولاحقاً، ترأس عباس الاجتماع الأول للحكومة الجديدة وقال، إن «المرحلة استثنائية وصعبة، ولكن نحن نواجه التحديات ونتغلب عليها».وأعلن أنه سيصدر خلال يومين رسالة موجهة إلى مجلس وزراء الحكومة ولجنة الانتخابات المركزية، لبدء الإعداد لإجراء الانتخابات العامة خلال ستة أشهر.من جهته، تعهد رئيس وزراء حكومة التوافق رامي الحمد الله بـ»جهد استثنائي لتنفيذ كل ما هو مطلوب من الحكومة واستكمال بناء المؤسسات»، مشدداً على الاهتمام بقطاع غزة الذي يعاني بسبب الحصار.حل حكومة غزةبدوره، أعلن نائب رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» ورئيس حكومتها المقالة في غزة إسماعيل هنية، إنهاء مهام حكومته وتسليمها لحكومة التوافق التي وصفها بأنها حكومة الشعب والنظام الفلسطيني الواحد.وأبدى هنية تأكيد «حماس» إنجاح حكومة التوافق في القيام بمهامها، مؤكداً أن إنجاز تشكيل الحكومة «استدراك تاريخي لإنهاء مرحلة الانقسام الداخلي وفتح باب المشاركة في السياسة والقرار».انتقاد إسرائيليفي المقابل، سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى احتواء التقدم المحرز على صعيد المصالحة الفلسطينية، وانتقد «غموض» موقف الاتحاد الأوروبي وحديث بعض دوله عن حكومة التوافق الفلسطينية التي تدعمها «حماس».من جهة أخرى، أعرب وزير الخارجية الأميركي جون كيري في وقت سابق من صباح أمس عن قلقه من مشاركة «حماس» في حكومة التوافق، في اتصال هاتفي مع الرئيس عباس.وأبدى كيري قلقه إزاء «دور حماس في الحكومة»، وشدد على «أهمية أن ترفض الحكومة الجديدة العنف، وأن تعترف بدولة إسرائيل، وأن تحترم الاتفاقات الموقعة».(الأراضي الفلسطينية -أ ف ب، رويترز، د ب أ)
آخر الأخبار
الفلسطينيون يطوون «الانقسام»... و«التوافقية» تبصر النور
03-06-2014