وماذا بعد الكوادر العلمية؟!
يحظى قطاع التعليم العالي في دولنا الخليجية باهتمام خاص ومستمر، وتتكرر العبارات المطالبة بمواكبة التعليم للنهج التنموي في أغلب مؤتمراتنا، ولكن دون تنفيذ، حتى باتت تذكرنا بالشعارات السياسية التوافقية، فما السبب؟ في فترة السبعينيات وتزامنا مع انطلاق الخطط التنموية بالدول الحديثة في الخليج اتجه الاهتمام نحو إنشاء المؤسسات التعليمية باعتبارها «لغة دارجة» تنمويا لبناء كوادر علمية مؤهلة. ومع انتشار المدارس الخاصة ومنافستها برزت الحاجة لمؤسسات حكومية «متجددة» لاستيعاب التطور في المؤسسات التعليمية، ثم بعدها بسنوات قليلة أدركت دول الخليج أنها بحاجة إلى كوادر إدارية مؤهلة علمياً، وهنا برزت الحاجة لإعادة النظر في السياسة التعليمية، وانقسمت الآراء بين مؤيدي الاستثمار بالتعليم الموجه لتطوير المهارات والتدريب أي غير التقليدي، وبين مؤيدي فتح المجال لمؤسسات الدراسات العليا، وأذكر في ذلك السياق دراسة أجرتها سلمى اللامكي من سلطنة عمان حول التعليم العالي في السلطنة، والتحديات التي تواجهها، وأشارت إلى أهمية موازنة العرض، واستطاعت السلطنة إيجاد معادلة للتنسيق بين الدراسات العليا مع متطلبات السوق. أما دولة الإمارات فارتأت أن تتبنى فلسفة جديدة، وهي استضافة مؤسسات أكاديمية أجنبية للدراسات العليا وبالتخصصات التي تحتاجها الإمارات طبقا لخطتها التنموية، فتجد برامج الدكتوراه في الإمارات اختياراً أمام كل من يرغب في استكمال الدراسات العليا، سواء كان الهدف الانضمام لمؤسسة تعليمية أو انضمام موظفي الدولة بنظام «البارت تايم «أي الدراسة بنظام الدوام الجزئي، الأمر الذي يضفي على أعمالهم الخبرة العلمية وعلى المؤسسة التعليمية الخبرات العملية، أضف إلى ذلك ارتفاع قيمة الاستثمار البشري المحلي، وهو الخطوة الصحيحة في الاتجاه الصحيح، وتخفيف العبء على الدولة، سواء كان العبء مادياً أو عبء لجوء المواطن إلى الجامعات الضعيفة في أقاصي الجنوب الآسيوي.
واليوم وبعد استعراض هذا الجزء البسيط من تجارب الدول الخليجية في مجال التعليم العالي نقف أمام احتياجات السوق الكويتي، ونتساءل: ألم يحن الوقت لنأخذ، بعين الاعتبار المركز المالي والثقافي والإعلامي المرتقب؟ فهل نفتح المجال للطاقة البشرية الكويتية التي بلغت منتصف العمر الوظيفي لتجديد قدراتها العلمية؟ أم أننا بصدد «الهدر بالاستثمار البشري» والإلقاء بالكوادر في سلة التقاعد المبكر؟ كلمة أخيرة:الآن وبعد التنقلات في وزارة الداخلية هل لها أن تقوم بتصحيح الأخطاء الإملائية المتسببة في عدم تطابق الأسماء بالجوازات مع البطاقة المدنية؟ أتمنى ذلك.وكلمة أخرى: في ظل إصرار الحكومة على إدراج بند «حملة الجوازات الخاصة والدبلوماسية فقط» في كل اتفاقية ثنائية توقعها، نتساءل: هل سيسعى النواب من حملة الجواز الدبلوماسي الفاخر إلى الاعتراض والمطالبة بالمساواة؟! لا أعتقد.