رئاسة جديدة بنهج جديد
ذكرت في مقالي السابق أن الإصلاحات السياسية، كي تكون مجدية، تحتاج إلى نهج جديد على كل الصعد، خصوصاً على صعيد تغيير نمط تفكيرنا السلبي، وتحويله إلى تفكير إيجابي يدرك المظاهر الإيجابية ويشجعها بدلاً من اجترار السلبيات والغرق في دوامتها.ومن السذاجة الادعاء بأن تغيير نمط التفكير وحده سوف يقضي على مشاكلنا؛ فهي متعددة ومتشابكة، إلا أنه عامل مهم لإيجاد الحلول، فمشوار الألف ميل دائماً ما يبدأ بخطوة.
إن النهج الجديد يتطلب قيادات جديدة ذات رؤية واضحة وأهداف محددة، قيادات قادرة على ترجمة رؤاها وأهدافها إلى سياسات قابلة للتطبيق على أرض الواقع، وقابلة لإحداث تغيير ملموس فيه كي تخرج عن نطاق الثرثرة والتنظير (وهو الأسهل بلوغه)، وتدخل في نطاق العمل والتغيير (وهو الأصعب تحقيقه). والأهم من ذلك، يتطلب النهج الجديد قيادات قادرة على قبول التحدي والمواجهة والثبات على المبدأ. فالتغيير يتطلب حتماً المواجهة مع أعدائه ممن صنعهم النظام القائم.ومن باب الثناء على المظاهر الإيجابية، لابد أن نستذكر إحدى بوادر الأمل والتغيير التي تجلت في النهج الجديد لرئاسة المجلس منذ تولي مرزوق الغانم رئاسته. ويعلم الجميع أن شهادتي في الغانم مجروحة كوني زاملته في مجلس ٢٠٠٩، وفي تجربتي المتواضعة مع كتلة العمل الوطني، ولامست عن قرب ما يحمله من إمكانات وقدرات فذة يدركها خصومه قبل أصدقائه. أدرك تماماً أنه لا يحمل عصا سحرية، كما أدرك أنه ليس ملاكاً منزلاً من السماء بلا أخطاء، اختلفت معه حول العديد من المواقف السياسية، واتفقنا حول اليسير منها، إلا أنني استبشرت خيراً برئاسته، لثقتي بأنه يملك مقومات القيادي الناجح القادر على إحداث التوازن والتغيير المطلوبين في هذه المرحلة. إن بوادر النهج الجديد لرئاسة المجلس بدأت مبكراً من خلال عدة خطوات تبناها الغانم منذ توليه الرئاسة. فالاستفتاء الخاص بأولويات المواطنين كان خطوة موفقة للتعرف على القضايا التي تهم المواطنين بالدرجة الأولى، والتفاف النواب حولها (ولي مقال سابق حول الاستفتاء وأهميته).الخطوة الثانية هي تحديد عنوان لدور الانعقاد، حيث يتبنى النواب قضية معينة وتتركز جهودهم على إيجاد الحلول لها. ومن خلال تجربتي المتواضعة في المجلس تلمست أن أحد المعوقات الأساسية للإنجاز هو غياب الأولويات وتعارضها، حيث الفوضى العارمة وتشتت المواضيع أضعف من قدرة المجالس السابقة على الإنجاز. أما التركيز على قضية معينة لفترة محددة لإنجازها فهو بلا شك خطوة في الاتجاه الصحيح.ولا تفوتنا الزيارات الميدانية التى بادر بها الغانم، حيث وفرت للنواب فرصة جيدة للتعرف عن قرب وعلى أرض الواقع على أسباب تأخر مشاريع التنمية، كما أعطت دفعة معنوية إيجابية للعاملين على هذه المشاريع من كفاءات وطنية متفانية غالباً ما يشملها الانتقاد بدلاً من الثناء الذي تستحقه.خطوات بسيطة قد تحدث تغييراً نتمناه، ونهجاً جديداً لقيادة شابة مفعمة بالنشاط نتمنى انتشاره. لك كل التوفيق يا ريس فمهمتك ليست يسيرة.