بعدما قال جمهور التلفزيون كلمته، وحسم السباق الدرامي الرمضاني لصالح جيل الشباب، وأعمالهم، أصبح في حكم المؤكد أن تتغير خارطة الدراما المصرية في الأشهر المقبلة، ويحظى النجوم الشباب باهتمام شركات الإنتاج الدرامي على حساب النجوم التقليديين الذين أنفض عنهم الجمهور، ولم يلق بالاً لمسلسلاتهم التي عُرضت في رمضان 2014، وهو ما أظهرته استطلاعات الرأي التي أسفرت عن احتلال النجوم {السوبر}، وأعمالهم، مراكز متأخرة للغاية!
التغيير الواضح في المزاج العام، والنتيجة النهائية التي قادتنا إلى زلزال قد يضرب نظريات كنا نتصورها مسلمات، لن يشكلا صدى حقيقياً على أرض الواقع ما لم يتكررا على صعيد الساحة السينمائية، والموسم الذي يبدأ مع أول أيام عيد الفطر المبارك؛ فالرهان الآن على الجمهور الذي أسقط نجوم الدراما التلفزيونية، وأظهر وعياً شديداً في تجاوبه مع الأعمال التي تتسم بالرؤية الناضجة، على صعيدي الفكر والفن، وانحاز إلى البطولة الجماعية، بحيث يُكرر ما فعله على الشاشة الصغيرة لكن بشكل آخر تماماً.هذه المرة لن يُكون الجمهور مُطالباً بإسقاط النجوم {السوبر}، لأنهم انسحبوا فعلاً منذ أعوام مضت، بعيداً عن الساحة السينمائية، ولم يعد لهم وجود في شباك تذاكرها، لكن الجمهور مُطالب بإثبات أن ذوقه تغير، وأنه لم يعد الطفل الساذج الذي يتم التغرير به بواسطة أفلام هابطة ومبتذلة على غرار {متعب وشادية}، {ولاد البلد}، {حصل خير}، {مهمة في فيلم قديم} و}شارع الهرم}، الذي أذهل الجميع عندما حقق أعلى إيرادات في العام 2011؛ فالجمهور الذي أطاح بنجوم أمثال: عادل إمام، يسرا وليلى علوي، بالإضافة إلى محمد سعد، أحمد عز وتامر حسني من السباق الدرامي الرمضاني، وأبقى فقط على محمود عبد العزيز ويحيى الفخراني، أصبح مهيئاً لاستكمال ثورته، والسعي إلى إجهاض أفلام على شاكلة {عنتر وبيسة}، {النبطشي} و}واحد بيسوق واتنين في الصندوق}، في حال التأكد من عرضه في موسم عيد الفطر المبارك؛ فالأول يحاكي أفلام المقاولات؛ في موازنته الضعيفة والتركيبة الفقيرة (حدوتة تقليدية مكررة ومخرج مغمور يقدم أوراقه لأول مرة هو محمد الطحاوي) والخلطة الهزلية (المطرب الشعبي والراقصة والإفيهات الغليظة)، وإمعاناً في العبث استبدل الكاتب المهرج الواحد بثلاثة هم: محمد لطفي، حسن عبد الفتاح وهشام إسماعيل. غير أن اللافت في أمر {عنتر وبيسة} أنه من إنتاج شركة لم يُعرف عنها سابقاً إنتاج أو توزيع هذه النوعية من الأفلام، بل اعتادت الحفاظ على سوية فنية رفيعة لا تتنازل عنها أو تُفرط فيها بسهولة، وهو ما لم تفعله هذه المرة بدليل استعانتها بالكاتب سيد السبكي، وتطلعها إلى محاكاة {الخلطة السبكية} بكل ما أوتيت من قوة!أما الفيلم الثاني {النبطشي}، فلا يبشر بالخير كثيراً كونه من إخراج إسماعيل فاروق التلميذ النجيب في المدرسة {السبكية}، لكن وجود محمود عبد المغني على رأس التجربة، بالإضافة إلى شخصية {نبطشي الأفراح} غير المطروقة كثيراً يُبقي على بصيص الأمل، على عكس فيلم {واحد بيسوق واتنين في الصندوق}، الذي كتبه حازم متولي وأخرجه محمد جمال، ويقوم ببطولته: أوكا، أورتيجا وشحته كاريكا مع الأردنية هيام الجباعي؛ فهو فيلم مجهول الهوية، ظهر في ظروف غامضة، في أعقاب الإعلان عن التفاوض مع أصحابه لعرضه في موسم عيد الفطر المبارك، في حال اكتماله، ويُنتظر أن ينضم إلى {عنتر وبيسة} في الهبوط والابتذال والترخص، وهو ما يستوجب من الجمهور ألا يتردد في الانصراف عنه، وتلقينه، وأصحابه، درساً قاسياً، أملاً في اختفاء هذه النوعية، وإعادة ترتيب الخارطة الإنتاجية السينمائية في مرحلة دقيقة تمر بها صناعة السينما المصرية!لا يكتمل الدرس، ولا تؤتي الصفعة مفعولها، ما لم يتجاوب الجمهور، في المقابل، مع أفلام مثل: {الفيل الأزرق}، {صنع في مصر}، {الحرب العالمية الثالثة} و}جوازة ميري}؛ فالفيلم الأول مأخوذ عن كتاب من تأليف أحمد مراد يُعد من أكثر الكتب مبيعاً، مثلما يُعيد كريم عبد العزيز إلى الشاشة بعد ثلاثة أعوام من الغياب، منذ بطولة فيلم {فاصل ونعود} (2011). أما الفيلم الثاني {صنع في مصر} فيُسعى أحمد حلمي من خلاله إلى استعادة ثقة الجمهور، الذي خاب أمله في فيلمه السابق {على جثتي}؛ خصوصاً أنه التعاون الأول بينه وبين المخرج عمرو سلامة بينما تبدو فرصة فيلم {الحرب العالمية الثالثة} في الفوز بتعاطف {جمهور العيد} كبيرة، نظراً إلى الثقة المتبادلة بين الجمهور والثلاثي: شيكو، هشام ماجد وأحمد فهمي، وهي الثقة نفسها التي تحظى بها ياسمين عبد العزيز، وتتمنى أن تعبر عن نفسها من خلال فيلم {جوازة ميري}، لعلها تعوض إخفاق تجربتها السابقة في فيلم {الآنسة مامي} (2012)... ولحظتها تتغير الخارطة السينمائية!
توابل
الكلمة الفصل
28-07-2014