«العدو الصهيوني» هو المسؤول!
حتى لو اعترف حسن نصر الله، وعلى رؤوس الأشهاد وفي مؤتمر صحافي مُجلجل، باغتيال الدكتور محمد شطح، وهو آخر ضحايا سلسلة الاغتيالات التي قام بها سيِّد المقاومة، وحتى لو قلَّده علي خامنئي وساماً على ما قام به وقلده بشار الأسد قلادة الممانعة، فإن الواضح أنَّ الذين تصل بهم "الوقاحة" إلى حدَّ تغطية عين الشمس بغربال سيبقون يدفعون ببراءة هذا الطائفي الأشر الملطخة يداه بدماء الأبرياء حتى الكوعين.ولهؤلاء ولغيرهم نقول إنه إذا كان حسن نصر الله بالفعل بريئاً ولم يرتكب لا هذه الجريمة الأخيرة ولا سلسلة الجرائم التي غيبت عدداً كبيراً من الرموز الوطنية اللبنانية من انتماءات "مذهبية" وطائفية معينة، فإنَّ عليه أن يبادر ويسارع إلى تسليم المسؤولين الأربعة في حزبه الذين تطالب بهم محكمة الجنايات الدولية، بعد تحقيقات وحشد أدلَّة استمرت سنوات طويلة، فالبريء في العادة لا يخشى القضاء، وبخاصة إذا كان هذا القضاء دولياً، والمجرم هو منْ يهرُب ويتهرب من وجه العدالة، وبخاصة إذا كانت العدالة دولية... والمثل يقول: إنَّ من ينْتفخ بطنه بالحمص هو الذي لا يستطيع النوم، وإنَّ القاتل يدلُّ على نفسه بأنه يواصل التلفُّت يمنة ويسرة حتى وهو يسير وحده في الصحراء.
في آخر تغريدة له على حسابه الخاص، وكانت هذه حسب التقديرات قبل تفجيره بدقائق، قال الدكتور محمد شطح الذي يعتبر، وهو كذلك، أهم رموز حزب المستقبل، وأهم رموز حركة الرابع عشر من آذار: "حزب الله يهوِّل ويضغط ليصل إلى ما كان النظام السوري قد فرضه لمدة خمسة عشر عاماً، وهو تخلي الدولة (اللبنانية) له عن دورها وقرارها السياسي في الأمن والسياسة الخارجية"... فهل مثل هذا الكلام يغيظ "العدو الصهيوني والإمبريالية العالمية" أم يغيظ الذين غاظهم إجبار بشار الأسد على سحب قواته من لبنان خلال ساعات قليلة بعد إقامة امتدت فعلياً منذ عام 1967 وقبل ذلك بقليل وحتى عام 2005... وكان هذا هو سبب سلسلة الاغتيالات التي تلاحقت على مدى الأعوام الثمانية الماضية. "يلعن أبو هالْعدو الصهيوني شو سافل"... فهو الذي اغتال رياض طه، وهو الذي فجّر السفارة العراقية وقتل فيها مع منْ قتله بلقيس زوجة شاعر العروبة الكبير نزار قباني، وهو الذي اغتال معروف سعد والشيخ حسن خالد والشيخ صبحي الصالح والرئيس رينيه معوض، وبالطبع رفيق الحريري، وجورج حاوي وسمير قصير وجبران تويني وبيار أمين الجميّل ووليد عيدو، وهو الذي حاول اغتيال مروان حماده والإعلامية مي شدياق... وهو الذي أنشأ "فتح" الإسلام وافتعل مذبحة مخيمات الشمال اللبناني وتدميرها... وهو الذي قصف نفسه ببعض صواريخ "الكاتيوشا" أمس الأول للتغطية على جريمة تفجير الدكتور محمد شطح قبل دقائق من حضوره اجتماعاً حزبياً.. كان من المتوقع أن يتخذ قرارات في غاية الأهمية!إنَّ الذي فجر الدكتور محمد شطح وقتله بهذه الطريقة البشعة هو الذي تشكّل، ومعه حزبه، طائفياً في بدايات ثمانينيات القرن الماضي على يد فيلق القدس والسفير الإيراني، وكيل الإمام الخميني في دمشق، محمد حسن أختري، وهو الذي أرسل مغاويره لحماية مقام السيدة زينب في جوار العاصمة السورية، وحماية قبر حجر بن عدي، وأرسلهم أيضاً لحماية قريتين شيعيتين بالقرب من حلب، وهو الذي أمر هؤلاء المغاوير خلال مذبحة "القصير" برفع علم الحسين بن علي على مسجد عمر بن الخطاب إمعاناً في الطائفية، وهو الذي لا يوجد، لا في حزبه ولا في ميليشيات هذا الحزب، "مجنَّد" واحد من غير الطائفة الشيعية الكريمة، التي تمكَّن فعلاً من اختطافها، حتى من يد نبيه بري، وحوّلها إلى مجرد صدىً لأفعاله الشائنة، وإلى مجرد تابع لهذا الرئيس السوري والمجموعة المحيطة به التي أوصلت سورية العظيمة إلى كل هذا الدمار والخراب.لقد تمكن حسن نصر الله خلال نحو ثلاثين عاماً وأكثر، بمساندة إيران وأجهزتها وبدعم من هذا النظام السوري، إنْ في عهد الأب وإنْ في عهد الابن، أنْ يجسد الانطباع الذي بات سائداً وهو أنه، أي زعيم حزب الله، هو الطائفة الشيعية، وأن هذه الطائفة هو، والحقيقة أنَّ هذا غير صحيح على الإطلاق، فمعظم الرموز الشيعية في لبنان من معممين وسياسيين يرفضون هذه المعادلة رفضاً قاطعاً ومانعاً، رغم كل ما يواجهونه من إرهاب وتخويف وترويع، كما أن كل المرجعيات والقيادات السياسية الشيعية العراقية الفعلية من علي السيستاني، أدام الله ظله، إلى عمار الحكيم إلى مقتدى الصدر صاحب المواقف العروبية النبيلة إلى إياد علاوي وغيرهم، ترفض الانقياد لكل هذه التوجهات المذهبية السياسية الدنيئة، وترفض الاستجابة لهذه الدعوات الطائفية السياسية السوداء، فهؤلاء الذين يشاركون في ذبح الشعب السوري ليسوا شيعة الحسين وآل بيت رسول الله، رضوان الله عليهم، بل هم الذين يتخذون من هذه الطائفة الكريمة "دريئة" يختبئون وراءها لتنفيذ مشروع قومي فارسي يستهدف كل هذه المنطقة وكل أهلها، وفي مقدمتهم أبناء هذه الطائفة التي يشهد لها تاريخها بالوطنية الصحيحة وبالانتماء القومي الصادق.