"راقب أبناءك فالمخدرات تبدأ بالتجربة وتنتهي بالموت"، "ابتعادك عن أقران السوء وقاية لك من المخدرات"، تفننت وزارة الداخلية في إرسال مثل هذه الرسائل السخيفة على مدار أيام على هواتفنا النقالة، وبدأنا بتبادلها كنوع من الاستهزاء، فرسائل النصح المباشر انتهى عهدها في الخمسينيات حين يقف يوسف وهبي أمام الكاميرا ويبدأ بإلقاء كمية من النصائح والمثاليات، وبصوت جهوري ونبرة مبالغ فيها، في ذلك الوقت هذه النوعية من النصائح كانت مقبولة، ولكن في 2014 مازالت الكويت تستخدم هذا الأسلوب المباشر للتوعية بشكل صريح لدرجة الضحك، وهو أسلوب فاشل.

Ad

كنت أشاهد برنامج "خواطر" لأحمد الشقيري قبل أيام، وبالمصادفة كان موضوع الحلقة عن آثار المخدرات، وتناول الموضوع بشكل مشوق وجميل، وقابل مدمنين وصوّر مدى عدم تركيزهم، ووضع لنا تجربة عن سلوكيات القط بدون مخدرات، وكيف يهجم على الفأر، وبعد إعطائه جرعة من المخدرات كيف يركض خوفا من الفأر، تناول موضوع المخدرات بشكل ذكي جداً وبعيد عن النصائح المباشرة والأسلوب التحذيري القديم.

تخيل أن تكون مدمناً وتصلك رسالة وزارة الداخلية "مروج المخدرات عدو لك فاحذره" أتوقع أن المدمن يعرف مسبقاً أن المخدر عدو له، ورسالتكم العظيمة لن تغير في الموضوع شيئا، في حين لو شاهد هذا المدمن أو من يرغب في تجربة الإدمان برنامج الشقيري قبل المغامرة في ذلك اليوم لفكر جديا بالابتعاد عن الإدمان.

 وتناول المشكلة بأبعادها يعدّ أحد أهم سبل تفاديها أو تقنينها في المجتمع، ولكن تناول المواضيع بسذاجة مطلقة لن يساهم في حل أي مشكلة، وتلك مشكلتنا في الكويت يتم تناول أي موضوع أو مشكلة بالطريقة الخاطئة سواء عبر الدراما التي مع كل أسف تنتهج نفس الأسلوب المباشر في النصح، أو حتى في أجهزة الدولة الرسمية.

 إذاً لدينا مشكلة في عدم تطور أدوات استخدام الإعلام ووسائل الاتصال بكل أنواعها بالطريقة الصحيحة، حتى في الخليج هناك محاولات جيدة في تناول المشاكل بأسلوب حديث ومتطور ويواكب الحقبة التي نعيش بها، في حين ما زلنا "مكانك راوح"، حيث وقف يوسف بك وهبي أمام الكاميرا يقدم النصائح ورسائل التحذير.

قفلة:

الدراما في هذا العام تعد الأسوأ من وجهة نظري، كنت أتمنى لو يتم تناول مواضيع نعيشها في مجتمعنا الكويتي لم يتم التطرق لها من قبل، كمشاكل القروض، وغلاء العقار، ومشكلة البطالة وعدم استقرار الوضع السياسي والابتعاد عن التركيز على مشاكل المغازل والعلاقات، وكأن المجتمع لا يمتلك هموما حقيقية، رغم وجود محاولات جيدة  في مسلسل ثريا في تناول موضوع زواج الكويتية من غير الكويتي، وما يواجهه أبناؤها من مشاكل، وهو موضوع ممتاز... وأرى باقي المسلسلات دون المستوى مع كل أسف!