لماذا أصبحت المساءلة السياسية مشكلة بحد ذاتها؟ ولماذا يغرق مشروع المحاسبة والمساءلة في بحر التفسيرات الدستورية ليتحول إلى منتدى قانوني ودستوري تدفن فيه قضايا الفساد والتراجع التنموي؟
أول العمود:كيف يتم تأليف كتب وزارة التربية والتعليم؟ أظن أن إجابة هذا السؤال تكشف عن مستوى التعليم ذاته؟***تبدو "مشكلة" استجواب رئيس مجلس الوزراء عصيّة على الفهم، إن لم يكن هناك تعريف واضح لمعني مسؤولية الرئيس عن "السياسة العامة للحكومة". وهناك جانب آخر لـ"المشكلة"، وهو ضرورة تصويب أي انحراف دستوري ولائحي لأدوات المساءلة كافة، وليس الاستجواب فقط.في ظني أن سبب الأزمات المتلاحقة لإشكالية المساءلة السياسية ينبع أساساً من الاختلال الحاصل في مجلس الوزراء، لجهة ضعف أدائه المزمن وقلة إنتاجه.وأمام هذه المعضلة لم يعد نواب كثيرون يثقون بأن استجواباتهم للوزراء سوف تأتي بنتيجة، فهناك انطباع عام بأن الوزراء مسلوبو الإرادة ويسمون بـ"الموظفين الكبار"، وأنه يجب الذهاب إلى رأس جهاز مجلس الوزراء. وهذه مشكلة بحد ذاتها لأنها في المحصلة تقضي على وجوبية الاستقرار الوزاري الذي هو حجر الأساس في استكمال برامج الوزارة.في الاستجواب الأخير، الذي قرر مقدموه الاستقالة من المجلس، محاور ترقى إلى أن تكون ضمن السياسة العامة للحكومة، فمثلاً هناك بند يخص الإضرار بسمعة الكويت الخارجية في ما يتعلق بالتضييق على الحريات عقب إغلاق صحيفتي "الوطن" و"عالم اليوم"، وهو عنوان كبير يمكن أن يكون محور محاسبة يتصدى له رئيس الوزراء. وكذا بالنسبة لتأخر تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري، فهو عنوان كبير وشامل أيضاً.لكنّ هناك، من الجانب الآخر، محاور تخص وزراء بعينهم كمشروع محطة الزور، ما يعني أن خلطَ ما هو متعلق بالسياسة العامة للحكومة مع ما يخص الوزير يعد عيباً في الأداء النيابي أيضاً.على كل حال كان يجب إحالة الاستجواب لفحصه دستورياً لا رفعه من جدول الأعمال.الحاصل أن هناك احتقاناً مزمناً في الحالة السياسية عنوانه: ضعف مجلس الوزراء، ورغبة نيابية للمحاسبة يشوبها التشويه أحياناً، وهيمنة حكومية شبه مطلقة على النواب، والنتيجة أزمات متلاحقة تنادي الشارع متى ما اشتد اليأس من وقف الفساد.
مقالات
تداعيات جلسة الاستجواب
04-05-2014