أعلن في الأيام القليلة الماضية إعفاء رئيس الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان من منصبه مع احتفاظه بمنصبه الآخر كرئيس لجهاز الأمن الوطني، ولم يذكر القرار سبباً للإعفاء سوى أنه "بناء على طلبه"!

Ad

خروج الأمير بندر لا بد له أن تأثيراً سياسياً وعسكرياً على الوضع القائم في سورية، والمتابع يدرك المعركة الاستخبارية والصراع الشديد بينه من جهة، وقاسم سليماني قائد فيلق القدس، الذي يعتبره كثيرون القائد الفعلي للقوات العسكرية الموالية لنظام الأسد في سورية الآن من جهة أخرى.

ومنذ استلام بندر الملف السوري وأوراق اللعب تتقلب بينه وبين سليماني، فكلاهما يحشد ضد الآخر، فكان بندر يلملم أوراقه إقليمياً ودولياً، وحاول شق الحلف الروسي الإيراني المساند للأسد، وقابل فلاديمير بوتين وتفاوض معه في مفاوضات لم يكتب لها النجاح، وحاول الضغط على سليماني لكن الدعم الهائل والسخي لسليماني من حلفائه كان كبيراً، ورغم الوضع الصحي لبندر بعد إجرائه عملية جراحية فإنه استمر في دعم الثورة في سورية وهو في فترة النقاهة التي يقضيها في المغرب.

كان واضحا الفارق الكبير في الإمكانات بين معسكر بندر ومعسكر سليماني، حيث تم دعم الأخير بميليشيات طائفية من العراق وحزب الله بلبنان وقوات من الحرس الثوري الإيراني غير قوات فيلق القدس التابعة مباشرة له، ولن ننسى عناصر باكستانية شيعية أيضاً دخلت مساندة بانضوائها تحت راية سليماني أو فيلق القدس. كان التحدي قوياً، وكانت حربا إقليمية يقودها اثنان من أذكى قادة المخابرات وأدهاهم، لكن بعد سقوط معلولا في قبضة الأسد والتقدم الذي حصل لقواته كان الوقع شديدا على الثوار، نظراً لما تمثله هذه المنطقة من أهمية رمزية للطائفة المسيحية، إذ سرعان ما استغل الإعلام الأسدي هذه الرمزية باللعب على الأوتار الحساسة والعواطف لهذه الطائفة.

وقيل إن المرض هو سبب إعفاء بندر، وقيل إن الفشل في معلولا هو السبب، وإن سليماني هزمه في معلولا، والحقيقة أن المتابع لما جرى سيدرك فرق الإمكانات في الأدوات بين الاثنين.

لا أظن أن الإعفاء جاء بسبب المرض لأنه لو كان كذلك لتم إعفاؤه أيضاً من جهاز الأمن الوطني، أظن أن ما حدث في معلولا، له دور وربما وهذه لا أستغربها أن الإعفاء بسبب ترتيب معين لمناصب السلطة والحكم في المملكة الشقيقة.

أتذكر أن الأمير مقرن بن عبدالعزيز تم إعفاؤه من رئاسة الاستخبارات، وبعد أن ظن كثيرون أنه انتهى سياسياً عاد في منصب أعلى نائباً لرئيس مجلس الوزراء، ومن ثم المنصب الأخير وليا لولي العهد... فهل يعود الأمير بندر؟

أقول هذا الشيء وهو لم يخرج ليعود، هو لا يزال رئيس جهاز الأمن الوطني، إنما الذي أقصده هل يعود بمنصب أعلى؟ أو أنه فعلاً غادر بناء على طلبه؟ كل شيء جائز.