ردّد وليد المعلم في خطابه "المطول"، الذي ألقاه في اجتماع "مونترو" في سويسرا أمس الأول، كلمة الإرهاب ثلاثين مرة، وسط "غمزات ولمزات" الحاضرين، وكان الواضح لكل من استمعوا إلى هذا الخطاب، الذي اغتصب عشرين دقيقة من مدته التي استغرقت 34 دقيقة اغتصاباً من الأمين العام للأمم المتحدة، أنه أراد بذلك التكرار الممل حرف مؤتمر "جنيف2" عن مساره، وإبعاد الاستحقاق الدولي عن بشار الأسد الذي أكد مؤتمر "جنيف1" بوضوح لا يحتمل التأويل أنه لم يعد له أيّ مكان لا في حاضر سورية ولا في مستقبلها.

Ad

 وكل هذا ووفد بشار الأسد إلى هذا المؤتمر يعرف تمام المعرفة أن الروس هم الذين يلقنونه ماذا عليه أن يقول، وماذا عليه ألا يقول، ويعرفون أيضاً أنَّ هذه التنظيمات الإرهابية، أي "داعش" وأخواتها، هي صناعة مشتركة للمخابرات السورية، والمخابرات الروسية، والمخابرات الإيرانية، وأن المقصود هو إقناع العالم أن الصراع المحتدم في سورية هو مواجهة بين الإرهاب وبين "نظام علماني"!، وأنَّ المعادلة التي يجب أن تبحث في "جنيف2" وفي غيره هي أن الخيار يجب أن يكون إمَّا بقاء هذا النظام وإما استشراء هذه التنظيمات الإرهابية!.

هناك ملفات كبيرة يجب أنْ تُفتح في هذا المؤتمر، إذا أصر الروس على أن الأولوية للإرهاب لا لتغيير بشار الأسد، ولا لإنشاء هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة، تمهيداً لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية حرة وديمقراطية، يقرر فيها الشعب السوري الذي عانى كثيراً ودفع أثماناً باهظة مصيره بنفسه، ويختار نظام الحكم الذي يريده، وهذه الملفات هي:

* لقد ثبت بالصور الموثقة أنَّ جلاوزة هذا النظام، الذي يسعى بتخطيط وأوامر روسية إلى حرف "جنيف2" عن مساره، قد ارتكبوا جريمة، لم يرتكبها حتى بول بوت على دمويته وإجرامه، بتصفية أحد عشر ألفاً من أبناء الشعب السوري من نزلاء السجون والزنازين، سواء تحت التعذيب أو التجويع حتى الموت... والواضح أنَّ هذه هي مجرد "وجبة" من عشرات الوجبات التي قام بها نظام استبدادي بدأ مسيرته بمذابح حماة الشهيرة، التي يمكن اعتبارها وصمة عار في جبين الذين سكتوا عليها كلهم، فهل هناك إرهابٌ أكثر من هذا الإرهاب المنهجي الذي جرى التخطيط له مسبقاً من قبل أجهزة استخبارية غدت الأكثر شهرة في العالم كله في هذا المجال بالقتل والتصفيات والوحشية؟!.

*ثم هل يوجد إرهاب أكثر من تشريد نحو سبعة ملايين سوري ودفعهم تحت القصف والعنف الأهوج إلى ترك قراهم ومدنهم ومنازلهم والفرار بأرواحهم وأطفالهم إلى ملاذات داخلية وخارجية لا تتوافر فيها حتى الحدود الدنيا من مستلزمات الحياة؟ وهل يوجد إرهاب أكثر من كل هذا الدمار الذي ألحقته المدافع وراجمات الصواريخ والبراميل المتفجرة البدائية في حلب، وحماة، وإدلب، ودير الزور، والرقة، وحمص، ودمشق، وغوطتيهما، وفي درعا وكل البلدات والقرى الحورانية؟ وهل يوجد إرهاب أكثر من قتل نحو مئة وثلاثين ألف سوري، وفق تقارير الأمم المتحدة، من بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء؟ وهل هناك إرهاب أكثر من أن أعداد المعتقلين السوريين في سجون هذا النظام تجاوزت الـ200 ألف؟ وهل هناك إرهاب أكثر من أن يستخدم نظام بشار الأسد الأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً ضد أطفال أبرياء من المفترض أنهم أطفال شعبه؟.

وهذا غيض من فيض، وإن أي فَتْحٍ للملفات الإرهابية سيثبت أنه لا إرهابي إلا هذا النظام، وأنه لا أكثر إرهابية، على مدى حقب التاريخ القديم والجديد، أكثر من هذه الأجهزة الاستخبارية والمخابراتية التي لم يعرف أعدادها، والتي أُنشئت لقمع الشعب السوري وتركيعه وإيصاله إلى هذه الأحوال التي وصل إليها، ولابد أن يُحال كل هؤلاء المجرمين إلى محكمة جنايات دولية ليحاكموا كقتلة ومجرمين مثلهم مثل النازيين والفاشيين، ومثلهم مثل الذين ارتكبوا المذابح الشهيرة في "سيربنيتسا" التي كانت يوغوسلافية!!