فايق عبدالجليل (2)
![فوزية شويش السالم](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1555928838345230500/1555928850000/1280x960.jpg)
ونأتي إلى شهادتي في أيام المحنة التي عشناها خلال الغزو الصدامي للكويت، ففي تلك الأيام كان فايق يمر علي من وقت إلى آخر حاملا معه بعض المؤونة التي كنا نتبادلها او بمعنى أصح "نتقايضها" أي نتقاسم ما نحصل عليه، ولا أدري كيف استطاع الحصول على آيس كريم في ذاك الوقت العصيب مما أسعد أولادي، وأيضا أحضر في أحد الأيام بلبلا في قفص وكان يجيد التصفير طوال الوقت، وكنا نطلقه بمخبئنا في السرداب حيث يتعايش معنا بكل ألفة، ونعيده إلى القفص حين يتحدث والدي بأمر سري لأنني كنت أخاف أن يكون في رأسه جهاز تجسس، طبعا الأمر مضحك الآن لكن في ذاك الوقت الكابوسي كل شيء كان مرعبا، وآخر مرة رأيته فيها كانت قبل الضربة الجوية ربما بشهر أو أكثر قليلا أو أقل، جاء وكان يحمل معه "كاسيت" كتب كل أغانيه التي لحنها صديقه في الحياة والأسر والشهادة الملحن عبدالله الراشد، واشتكى لي من أن العراقيين يطاردونه وأنه اضطر أن يهرب من بيته عبر سطوح الجيران لأنهم دخلوا منزله، وكان خائفا منهم ومن انطباع الناس عنه، فأخذت "الكاسيت" ودخلنا إلى صالة بيتي حيث كان فيها مجموعة من شباب المقاومة، وكان طبيعا جدا وقتها تبادل الزيارات وأغلبهم أهل أو أقارب وأنساب، ومنهم الشيخ مشعل اليوسف الصباح وأظن أيضا ان الشهيد سعود الدارمي وأخي الشهيد جمال وغيرهم، فأسمعناهم شريط الكاسيت الذي أوجعتنا جدا كلمات فايق التي عكست كل ما نعانيه من مخاوف وأحزان، وحين خرج كان هذا آخر لقاء وتواصل بيننا، فقد انقطعت تماما كل زياراته واختفت أخباره كأن الأرض ابتلعته، وكل من سألتهم عنه لا يعرفون عنه أي شيء، حتى تم التحرير وعرفت أنه قد تم أسره مع صديقه الملحن عبدالله الراشد اضافة الى شخص آخر، وبقيت أنتظر الإفراج عنه مع من عادوا مع الصليب الأحمر، لكنه لم يعد فقد تم إعدامه مع أصدقائه كما تم إعدام أخي جمال وسعود الدارمي.رحمهم الله جميعا شهداء تراب الكويت الغالي.