برامج سير الفنانين الذاتية... توثيق أم تلميع؟
أحدثها {رحلة صعود} لتامر حسني
{رحلة صعود} برنامج جديد للفنان تامر حسني يعرض فيه حبه للفن وأهم إنجازاته خلال عشر سنوات، ويرد على الاتهامات الموجهة إليه بشراء معجبات لحضور حفلاته. هنا ترتسم علامات استفهام عدة حول دوافع النجوم من تقديم برامج تتناول سيرتهم الفنية، وإلى أي مدى يمكن اعتبارها توثيقية ومنصفة، أو قد يسيطر عليها التلميع ليظهر الفنان بصورة مثالية، وما الفائدة التي يجنيها المشاهد من ورائها وهل تحقق جماهيرية؟
{رحلة صعود} برنامج جديد للفنان تامر حسني يعرض فيه حبه للفن وأهم إنجازاته خلال عشر سنوات، ويرد على الاتهامات الموجهة إليه بشراء معجبات لحضور حفلاته. هنا ترتسم علامات استفهام عدة حول دوافع النجوم من تقديم برامج تتناول سيرتهم الفنية، وإلى أي مدى يمكن اعتبارها توثيقية ومنصفة، أو قد يسيطر عليها التلميع ليظهر الفنان بصورة مثالية، وما الفائدة التي يجنيها المشاهد من ورائها وهل تحقق جماهيرية؟
ينضم تامر حسني في برنامج {رحلة صعود} إلى عمرو دياب ومحمد منير اللذين كانا أول من أطلق هذه النوعية من البرامج في العالم العربي، من خلال {الحلم} الذي روى فيه دياب سيرته الذاتية ومراحل وصوله إلى المكانة التي يعتليها وأبرز المشاكل التي واجهها وكيف تغلب عليها، و{الملك} الذي استعرض فيه محمد منير النقاط السابقة نفسها، ولكن مع اختلاف الظروف المحيطة به.
سقوط وبدعةينتقد الموسيقار حلمي بكر هذه البرامج معتبراً أن {التغيير الكبير الذي طرأ على هذا الزمن تسبب في خروج جيل جديد يكتب قصة نجاحه، على أمل أن ينقلها الجمهور إلى الذاكرة}.يضيف أن سقوط الحالة الفنية لبعض الفنانين يدفعهم إلى تقديم هذه النوعية من البرامج، لعلّها تُحدث انتعاشة مهنية لهم، وقد يفكر آخرون في التمثيل أو أي عمل إعلامي يحافظون من خلاله على حضورهم المستمر.يتابع أن برامج قصة حياة النجوم في الوطن العربي {بدعة}، {ففي أنحاء العالم تتوقف صناعة أي عمل وثائقي عن أي شخص على الرصيد الذي يمتلكه، ليكون لدى فريق العمل ما يستحق العرض. لكن هؤلاء الشباب ليس لديهم ما يمكن ذكره سوى أغنيات تموت في اليوم التالي لطرحها، والإطلالة، والوشم الذي يضعه النجم على كتفه... لذا أنصحهم، في حال لم يكن في مشوارهم سوى النقاط السابقة، بعرضها ضمن عمل سينمائي}.يعزو بكر الجماهيرية التي تحققها هذه البرامج إلى جيل الشباب الذي يهوى الاستماع إلى هؤلاء النجوم، كما هي الحال مع الجيل المولع بالأغاني الشعبية، والأدلة على ذلك كثيرة من بينها فيلم {شارع الهرم} والملايين التي حققها، في مقابل فشل أفلام ذات قصص رائعة في منافسته وتحقيق إيرادات تذكر.في المقابل، يرى الموسيقار منير الوسيمي، نقيب الموسيقيين الأسبق، أن هذه البرامج محبوبة وتتمتع بإقبال لرغبة المشاهدين في التعرف إلى تفاصيل حول الفنانين، {وإذا لم تكن كذلك لما حاول نجوم تقليد آخرين في تقديمها، كذلك تعتبر مصدر شهرة لهم، وتساعدهم في إثبات حضورهم، وتلفت النظر إلى إنجازاتهم}.يشير الوسيمي إلى فائدة أخرى من هذه البرامج متعلقة بكون نجمها يمثل قدوة لدى بعض عشّاقه أو الذين يحلمون بالنجومية ويريدون الاستفادة من تجاربه، والمشاكل التي واجهته، وكيف وضع لها حلولا، وكذلك حياته الشخصية.صورة ملاك يوضح الإعلامي وجدي الحكيم أن ثمة فنانين يلجأون إلى هذه البرامج لتأريخ حياتهم من قبيل الحرص، وخوفًا من المغالطات التي قد يقع فيها الموثقون لهم بعد موتهم، معتمدين في ذلك على وجود جمهور ضخم ينتظر أعمالهم.يضيف: {ليس الفنان مجرد ألبومات، إنما تاريخ طربي، أو سينمائي، أو تلفزيوني، وبقدر ما لهذه البرامج من جاذبية، عليها مآخذ لأن الناس تهمهم معرفة خلفيات كل فعل}.وفي الوقت نفسه، يرى الحكيم أن من الأفضل أن يؤرَخ للفنان ولا يؤرِخ لنفسه، فيتابعه المشاهدون والمستمعون ويحددون أعماله ويذكرون سلبياته وإيجابياته، {ولكن عندما يكون مشرفًا على البرنامج بنفسه سيبدو بصورة ملاك ولن يعترف بوجود سلبيات في مسيرته، كونه فناناً ناجحاً. حتى وإن صادفته صعوبات فسيقول إنه تخطاها مستبعداً أن تكون ظروف وعوامل ساعدته على ذلك، ومعتبراً أنه دائمًا على حق، وكل من هاجمه مخطئ}.يلفت الحكيم إلى أن هذه البرامج إحدى سمات العصر، وتهتم بها شركات الإنتاج نظرًا إلى العائد المادي الكبير الذي تحققه؛ إذ تحظى بنسب مشاهدة عالية على شاشات الفضائيات، وبالتالي تجذب الإعلانات، ويحدد هذا الرواج التجاري مدى نجاحها أو فشلها. إشادة ونجاحيؤكد الدكتور صفوت العالم (أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة) أنه {لولا وصول هؤلاء المطربين إلى درجة من الاحتراف والجماهيرية والشعبية واستقطابهم معجبين بنسبة فارقة تميزهم عن غيرهم من نجوم ظهروا خلال العشرين سنة الماضية، لما كان من الممكن إنتاج مثل هذه البرامج التي تحكي سيرتهم الذاتية، مشيرًا إلى العلاقة القوية التي تربط بين سعيهم إلى تقديم هذه البرامج وبين الأداء المختلف لهم والجوائز التي حصلوا عليها، وإنتاجهم الغنائي الذي يتسم بتنوع وثراء وتحقيقهم أعلى نسبة مبيعات.يضيف أن المتابع للأسماء المطروحة يجد أن ثلاثة منهم قدموا أفلاماً غنائية ناجحة على عكس تجارب لفنانين آخرين، ليكونوا بذلك أصحاب أعلى مبيعات في سوق الكاسيت، وأكبر نسبة مشاهدة سينمائية.بدوره يشيد الناقد الفني زين نصار بفكرة هذه البرامج لافتقار الجمهور إلى معلومات موثقة حول كثير من الفنانين، مثل بدايتهم الفنية، ودراساتهم، وخبراتهم السابقة، والجهود المبذولة لنجاح أعمالهم، والنجوم الذين شجعوهم، وجيلهم من النجوم، وأهم محطاتهم الغنائية.يضيف: {هذا البرنامج مهم بالدرجة الأولى للفنان أكثر من جمهوره لأنه عمل تسجيلي لحياته، فعندما يصرح بهذه المعلومات بالصوت والصورة يصبح مسؤولا عنها، ويمكن للإعلاميين اعتمادها كمستند موثوق لدى حديثهم عنه، ما يتطلب أن يكون المعد محترفاً ليُخرج أفضل ما عنده، وليس مجرد هاوٍ يضع أسئلة تافهة}.يرفض نصّار ذكر أي أخطاء في حياة الفنان، وعرضها ضمن البرنامج، مفضلاً خروج الفنان بصورة مشرفة، {حتى إذا كانت حياته فيها سلبيات فهذا لا يخصنا، وكل ما يعنينا هو عمله، لأننا نقدم هذا البرنامج ونشاهده باعتباره نجماً في مجاله، لذا نركز على الجوانب الإيجابية، ونبتعد عن السلبية تحاشياً للفضائح}.ويشدد على الحاجة لتقديم مزيد من هذه البرامج {شرط ألا يتوقف دورها على رصد حياة النجوم وحدهم، بل على الشعراء والملحنين والموزعين الذين لا يعرف عنهم الجمهور أي معلومات، رغم أنهم عنصر أساسي في نجاح هؤلاء المطربين. بالتالي لا يجب انتظار موتهم حتى نعيد ذكراهم، بل علينا الاستفادة من كونهم أحياء، ومناقشتهم حول أسرار الحياة الموسيقية}.يضيف أنه سجل حلقات في الإطار نفسه مع نجوم وملحنين كبار لا يعرف عنهم الجمهور أي معلومات سوى طبيعة عملهم من بينهم: محمد رشدي، محمد العزبي، الشيخ سيد مكاوي، وكمال الطويل.