استبق المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية انطلاق جولة المفاوضات المصيرية بين إيران ومجموعة «5+1»، وأطلق سيلاً من التصريحات رسم قسم منها خطوطاً حمراء للمفاوضين الإيرانيين، وتودد في آخر للولايات المتحدة وشعبها، وتهكم في النهاية على مواقف فرنسا كما هاجم إسرائيل.

Ad

فاجأ المرشد الأعلى للثورة الإيرانية السيد آية الله علي خامنئي المجتمع الدولي بخطاب حازم جداً بمثابة تنبيه لمفاوضيه الذين بدأوا أمس في جنيف مباحثات مع مجموعة "5+1"، رفض فيه أي تراجع في "الحقوق النووية" لإيران أو عن "الخطوط الحمراء" التي أملاها.

وقال خامنئي، في خطاب ألقاه أمس أمام خمسين ألفاً من عناصر الميليشيا الإسلامية (الباسيج)، "أشدد على ترسيخ حقوق إيران النووية"، مضيفاً: "أنا لا أتدخل في تفاصيل المفاوضات، لكن هناك خطوطاً حمراء يجب على المسؤولين احترامها دون التخوف من ردود الأعداء وقد قلتها للمسؤولين".

وأوضح المرشد، صاحب القرار في القضايا الاستراتيجية في البلاد بما فيها الملف النووي، أن من بين تلك "الخطوط الحمراء"، حق إيران في تخصيب اليورانيوم على أراضيها ورفض إغلاق موقع فوردو تحت الأرض ومفاعل الماء الثقيل في آراك.

وخلال خطابه المتلفز، ورغم سرده لسلسلة طويلة مما قال إنها جرائم تاريخية اقترفتها الولايات المتحدة والغرب ومحاولتهما السيطرة على الشرق الأوسط، حاول خامنئي التودد إلى واشنطن قائلاً: "نريد علاقات ودية مع كل الأمم حتى مع الولايات المتحدة. لا نضمر العداء للأمة الأميركية. هم مثل غيرهم من أمم العالم". لكن أفراد الباسيج قابلوا مقولة المرشد غير المسبوقة بهتاف: "الموت لأميركا" مرددين احدى العبارات الرئيسية في مثل هذه التجمعات.

 

هجوم ورد

 

وهاجم خامنئي مجدداً إسرائيل، التي وصل رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو أمس إلى روسيا حيث سيلتقي الرئيس فلاديمير بوتين للقيام بحملة ضد الاتفاق حول الملف النووي الإيراني، مؤكداً أنها "كلب مسعور في المنطقة". وقال إن "أسس النظام الصهيوني ضعفت كثيراً وأن مصيره الزوال".

وانتقد أيضاً فرنسا، التي أكد رئيسها فرانسوا هولاند يوم الأحد أنها ستواصل معارضة تخفيف العقوبات الاقتصادية على ايران حتى تقتنع بتخليها عن السعي لامتلاك أسلحة نووية. وقال خامنئي إن المسؤولين الفرنسيين: "لا يرضخون للولايات المتحدة وحسب وإنما يركعون أمام النظام الصهيوني".

وعلى الفور ردت الحكومة الفرنسية على خطاب خامنئي، وقالت المتحدثة باسمها نجاة فالو بلقاسم إن المواقف الاخيرة للمرشد الإيراني "من شأنها تعقيد المفاوضات لأنها مرفوضة"، مضيفة أن موقف فرنسا في جنيف "حازم ولكنه غير مقفل والكرة في ملعب إيران الآن".

 

بدء المفاوضات

 

ووسط هذا الصخب الكبير، تحاول مجموعة "5+1" ومفاوضي إيران في جنيف وضع اللمسات الاخيرة على أول اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، وذلك بعد عشرة أيام من مباحثات مكثفة لم تؤد إلى أي نتيجة.

وينص مشروع الاتفاق، الذي اقترحته الدول الكبرى بهدف التحكم في النشاطات النووية الإيرانية، خصوصاً على وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة وخفض مخزون اليورانيوم المخصب بهذه النسبة ووقف بناء محطة الماء الثقيل في اراك (وسط). في مقابل ذلك، تقترح الدول الكبرى تخفيف العقوبات الدولية التي تخنق الاقتصاد الايراني.

وقبل ظهر أمس جرت محادثات ثنائية خصوصاً مع لقاء بين وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون التي تترأس المفاوضات، ثم عقدت في الفترة المسائية جلسة مناقشات موسعة بين ايران ومجموعة الدول الست التي تضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن: الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا وبريطانيا إضافة الى ألمانيا.

أوباما وهيغ

 

وقبل ساعات من سلسلة هذه الاجتماعات، التي عقدت للمرة الثالثة خلال خمسة أسابيع، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما رغبته في منح فكرة الحل الدبلوماسي حول برنامج إيران النووي فرصة خلال الشهور الستة المقبلة، متشككاً في التوصل إلى حل في هذه القضية خلال هذا الاسبوع أو الأسبوع المقبل.

وقال أوباما، في مقابلة أجرتها معه صحيفة "وول ستريت" أمس الأول إن واشنطن كانت حازمة مع ايران "للتوصل الى اتفاق مؤقت حول ما نتوقعه إلا أن بعض التقارير كانت غير دقيقة الى حد ما بسبب ابقاء مجموعة الدول "5 + 1" المفاوضات محكمة وضيقة".

وشدد على ضرورة أن يشمل الاتفاق مع ايران "وقف تقدمها في برنامجها النووي ووقف بعض العناصر التي تساعد في رفع قدرة الايرانيين على اختراق الاسلحة النووية وإخضاع بلدهم لعمليات تفتيش أكثر صرامة "وعمليات التفتيش اليومية في بعض الحالات".

وأضاف أوباما: "علينا بالمقابل التخفيف قليلا من العقوبات وإعادتها في حال أي انتهاك لأي جزء من هذا الاتفاق المبكر"، موضحاً أن "ذلك يمهلنا قليلاً من الوقت أي ستة شهور لنرى إذا كان بإمكانهم التوصل الى حل نهائي لنقول بكل ثقة أن إيران لا تسعى لسلاح نووي".

إلى ذلك، اعتبر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أمس أن الخلافات المتبقية بين ايران والقوى العالمية ليست كبيرة وان اتفاقاً مهما في المتناول. وقال، في مؤتمر صحفي في اسطنبول، "إنها أفضل فرصة منذ فترة طويلة لإحراز تقدم في واحدة من أخطر مشاكل السياسة الخارجية".

(طهران، جنيف، واشنطن- رويترز، أ ف ب، يو بي آي)