فجر يوم جديد: {روتانا} تُعلن الحرب!
حسناً فعلت شبكة قنوات {روتانا} عندما أعلنت الحرب على {القراصنة}، ووضع حد لجرائم القرصنة، وسعت بقواها كافة إلى تفعيل قوانين الملكية الفكرية، وملاحقة القنوات الفضائية المشبوهة التي اجتاحت الساحة السينمائية في الفترة الأخيرة، ووجدت لنفسها مكاناً عبر ترددات الأقمار الاصطناعية، واستحل أصحابها لأنفسهم السطو على الأفلام واستباحة حقوق الغير من دون حسيب أو رقيب أو خوف من عقاب!في الوقت الذي اختار بعض القنوات العربية حجب الأفلام عن الجمهور، بإصراره على بثها {مشفرة}، وإتاحة فرصة مشاهدتها بنظام {الدفع المقدم}، أخذت {روتانا} على عاتقها استمرار دوران عجلة الإنتاج السينمائي، من خلال دعم الشركات العاملة على الساحة، عبر شراء الأفلام المنتجة حديثاً من منتجيها مباشرة لعرضها على قنواتها المفتوحة، أو تتحمل المسؤولية الكلية في إنتاج الأفلام بواسطة Rotana Studios {استوديوهات روتانا}، التي تأسست في منتصف 2005، أو المساهمة في الإنتاج بشكل غير مباشر، من خلال التعاقد مع أصحاب شركات الإنتاج على تقديم سلفة مالية تُسهم في تخفيف العبء عنها، وتمنحها حقوق عرض الفيلم في السوق المحلي لمدة تصل إلى خمس سنوات يؤول الفيلم بعدها إلى {روتانا} صاحبة الحق في التوزيع الخارجي، ويكفل لها العرض الحصري الأول أي توفير فرصة العرض المجاني لجمهور الشبكة في الدول العربية وكذلك المغتربين الذين باتت قنوات {روتانا} تمثل لهم وسيلة رئيسة لتوثيق صلاتهم بالوطن الأم.
أدت {روتانا}، ولسنوات طويلة، ذلك الدور الحيوي والمهم، ولما تراجعت، نتيجة الظروف الاقتصادية والسياسية المضطربة في مصر، وامتنعت عن الإنتاج المباشر أو الدعم غير المباشر، وتضاءلت العروض المقدمة من جانبها لشراء الأفلام من منتجيها، جأر المنتجون بالشكوى والصراخ، وتراجعت المعدلات الإنتاجية بصورة مخيفة حتى تعثرت العجلة وكادت تتوقف. غير أن الطامة الكبرى وقعت مع تنامي ظاهرة تدشين القنوات الفضائية في مناخ الفوضى غير المسبوقة، التي اختلط فيها الحابل بالنابل، ولجوء ما يقرب من ثلاثين فضائية غير مرخصة؛ ممن أطلق عليها {قنوات بير السلم}، في إيحاء بعدم مشروعيتها، وتعارضها مع القانون، إلى السطو على الأفلام السينمائية في أجرأ {جريمة قرصنة}، وأكثرها تطاولاً ووقاحة في العالم؛ إذ اعتاد أصحاب هذه القنوات شراء الأقراص المدمجة للأفلام، التي تُباع على أرصفة الشوارع، أو نقلها لحظة إذاعتها على شاشتي {روتانا سينما} و{روتانا أفلام} وعلى قنوات شرعية، وإعادة بثها على شاشاتها المشبوهة، وهي الجريمة التي يمكن الاستدلال على وقوعها من اللقطات الأولى للعرض، وتُعلن عن نفسها من خلال الصورة المهترئة التي لا تتوافر فيها معايير الجودة الفنية للفيلم! هذه القرصنة المنظمة التي تضرب المشهد السينمائي بلغت الحد الذي يؤكد تورط جهات مسؤولة، وأشخاص نافذين، في استشراء الظاهرة، والحيلولة دون السيطرة عليها أو ملاحقة مرتكبيها، على عكس ما حدث عندما تعرض الفيلم الأميركي في مصر للقرصنة؛ إذ انتفضت أجهزة الدولة، على رأسها شرطة المصنفات الفنية التي قادت حملة شرسة اقتلعت الباعة الجائلين، واعتقلت القراصنة المتورطين، وقيل في أسباب تبرير هذه {الانتفاضة}، التي استهدفت القضاء على {الفوضى}، إن الولايات المتحدة الأميركية هددت بخصم الأموال، التي تخسرها الأفلام الأميركية نتيجة {القرصنة}، من أموال المعونة التي تمنحها للدولة المصرية!المطالبة (المتأخرة) بتفعيل قوانين الملكية الفكرية، وملاحقة القرصنة والقراصنة، خطوة في مشوار طويل يجب ألا يقع على عاتق شبكة قنوات {روتانا} فحسب، بل ينبغي على الجهات الثقافية المصرية كلها، وليست السينمائية وحدها، تحمل مسؤوليتها في هذا الصدد، وأقترح على غرفة صناعة السينما أو نقابة السينمائيين أن تحذو حذو جمعية الفيلم الأميركي The Motion Picture Association of America MPAA التي تأسست عام 1922 باسم جمعية موزعي ومنتجي الأفلام، بهدف تحسين المصالح التجارية لأعضائها، على رأسها حمايتهم من جرائم النشر، والاعتداء على حقوق الملكية الفكرية، ونجحت في القيام بدور كبير في غلق ومصادرة مواقع تبادل ملفات الأفلام غير المصرح بها للعرض العام، والتي كانت تُحمّل بشكل مجاني، كذلك نجحت في غلق موقعين إلكترونيين شهيرين لتشجيعهما النشر غير الشرعي لمواد محفوظة الحقوق بحكم القانون.ما أحوجنا إلى مثل هذه الجمعية التي تستطيع، في حال مؤازرتها وتسليحها بالقوانين التي تتيح لها حرية الحركة وملاحقة المشبوهين وأباطرة الجريمة، أن تقضي على ظاهرة {القرصنة} في مجال الأفلام، وتضع أصحاب القنوات الفضائية غير الشرعية تحت طائلة القانون، وقتها تستعيد السينما المصرية مصدر دخل كبير أُهدر بفعل فاعل، وبشكل متعمد، وقد جاء إعلان {روتانا} الحرب ليلفت النظر إلى خطورة الأزمة، ويؤكد لنا أن الحلول ليست مستحيلة!