نائبة رئيسة مجلس المسلمات العالمات بإندونيسيا أماني لوبيس لـ الجريدة.: المرأة المسلمة تتحمل عبء الدعوة في بلادي
«انتهينا من وضع ميثاق إسلامي للمرأة يراعي خصوصية مجتمعنا»
طالبت نائبة رئيسة مجلس المسلمات العالمات بإندونيسيا أستاذة الحضارة الإسلامية بجامعة شريف هداية الله الإسلامية د. أماني لوبيس بضرورة وضع ميثاق إسلامي للمرأة يراعي خصوصية المجتمعات الإسلامية، حتى نفرق بين نظرة الإسلام المنبثقة من الإيمان بالله، ومراعاة الضوابط العقائدية، وبين النظرة الغربية للمرأة المسلمة، وبالأخص في مجتمعات الأقليات بصفة عامة.وشددت د. لوبيس، في حوار مع "الجريدة" أثناء زيارتها الأخيرة للقاهرة، على ضرورة أن "نقترب عملياً من الخطاب الديني للأمة وأن ننفتح على خطاب المرأة الذي تنتجه هي، وتختزل فيه تصورها لنفسها في الوقت الذي يواجه الخطاب الديني أسئلة كثيرة بخصوص موقفه من المرأة، وهي فرصة لتوضيح أي لبس أو إشكال يُثار"، مؤكدة أن حقوق المرأة المسلمة التي يطالب بها الغرب للمرأة محض أكذوبة وجدت من يصدقها.
• ما أبرز مهام مجلس المسلمات العالمات في إندونيسيا؟- رغم العوائق والمشاكل التي تواجه مجلس العالمات المسلمات من قلة الموارد الداعمة لمشاريعها، يحدونا الأمل بعد توكلنا على الله وإيمانا بسلامة هدفنا إلى الطموح لبناء مجتمع مسلم متمسك بشريعته، وهويته الإسلامية، ومجتمع قادر على مواجهة التحديات، وضغوطات العصر المتمثلة في الغزو الفكري والإعلامي، والذي يعتبر أكبر تحدٍ لنا جميعاً، هذه هي النقاط العامة للمجلس، إلى جانب مضمون أهم أننا نطمح إلى بناء شخصية المرأة المسلمة، وبناء شخصية الأم القادرة على تنشئة جيل يحمل لواء هذا الدين بكفاءة متميزة، وكذلك التنديد بخطر عمالة المرأة الإندونيسية خاصة اللواتي يعملن خادمات خارج الوطن، عبر مكاتب مشبوهة أحيانا، لأن هذا الأمر يزلزل كيان الوطن، وتتفشى فيه كل الأمراض الاجتماعية التي تؤدي إلى تمرد المرأة الإندونيسية، وبعون الله استطعنا أن نعمل جاهدين لتقليل نسبة عملهن خارج إندونيسيا من خلال التوعية الإسلامية الصحيحة.• ما الشرائح التي يستهدفها المجلس؟- خطاب المجلس يشغل جميع شرائح المجتمع، رجالاً ونساءً، وبالأخص فئة النساء على اختلاف المستويات الثقافية، فنحن نخاطب المرأة كربة بيت، لأننا نؤمن بهذا الدور الذي تؤديه في صناعة الأجيال وبناء المجتمعات، حيث تقوم بالتأثير المباشر على شخصية أبنائها، ونخاطب الطبيبة والمحامية والمعلمة، لأن هذه الشخصيات من خلال موقعها لها دورها البارز والمؤثر على من حولها. كما نخاطب طالبة الجامعة لأنها تملك سلاحا قويا، من خلالها سيكون لها التأثير الفعال على مجتمعنا، ألا وهو سلاح العلم، فنحن نعيش مرحلة تتسم "بديناميكية" تغيير سريع، وهذا يتطلب منا جميعا صحوة ويقظة، ما يحتم علينا المشاركة بجدية، والعمل على توثيق العلاقة والتواصل الدائم مع مؤسسات نسوية وإسلامية عالمية تعمل في هذا المجال. • ناديتم من خلال مجلس العالمات بوضع ميثاق للمرأة المسلمة يراعي خصوصية المجتمعات الإسلامية فما هو هذا الميثاق؟- انتهينا بالفعل من وضع ميثاق إسلامي للمرأة بحيث يراعي خصوصية مجتمعنا الإسلامي، وحتى الآن لم نعلن عنه، لأننا مازلنا ندرس من خلال المجلس إمكانية إصدار هذا الميثاق للمرأة المسلمة في العالم، حتى نفرق بين نظرة الإسلام المنبثقة من الإيمان بالله ومراعاة الضوابط العقائدية والأخلاقية، وبين النظرة الغربية للمرأة والتي لا تكترث بهذه الأمور، حتى يمكن أن نضع أيدينا أولاً على المشكلة ثم نضع الحلول لها بما يتناسب مع مجتمعات الأقليات المسلمة في العالم أجمع بصفة خاصة، والإسلامية عموماً، حيث إن الجميع لديهم مشاكل تتباين حسب المكان الذي تحدث فيه، ففي فرنسا وبلجيكا يواجه المسلمون مشاكل حرية المسلمة في ارتداء الحجاب، حيث يصعب على المرأة المسلمة هناك مواصلة تعليمها في المدارس والجامعات، رغم أن الغرب يملأ الدنيا ضجيجا بالديمقراطية وحقوق الإنسان.• من هم المفكرون الجدد وما الحرب التي يشنها مجلس العالمات ضدهم؟- هم فئة دخلوا عالم الشريعة بطريقة ملتوية، وطالبوا بإعادة تفسير الأحاديث النبوية والنصوص القرآنية بحيث تتماشى مع الوقت الحاضر، وإخضاعها لصالحهم على حساب النص خاصة في إندونيسيا، لأنه مجتمع متعدد السلالات والأديان، فابتدع هؤلاء قوانين جديدة بالاحتيال والتستر وراء الدين وحصلوا على موافقة وزير الشؤون الدينية ضمن قانون الأحوال الشخصية والتي تتيح زواج المسلمة من غير المسلم، وكذلك وجوب العدة على الرجل كما هي واجبة على المرأة.كما أباحوا ميراث المسلم من غير المسلمة، والزواج المؤقت وزواج المتعة، وطالبوا بمنع تعدد الزوجات بحجة أنه يسيء لمشاعر المرأة، فهؤلاء المدعون فتحوا الأبواب أمام الفتيات ممن يرغبن في هذا النوع من الزواج بسبب قلة معرفتهن بالدين من ناحية، ومن ناحية أخرى أنها فتوى صادرة من شخصيات موثوق بها.لكننا من خلال المجلس أعربنا عن رفضنا التام لهذا المشروع، وهذه المحاولات التي بدأت في مجتمعنا، كما دعونا العلماء الثقاة في إندونيسيا والمعروف عنهم الورع إلى أخذ موقف حازم وقوي ضد هذه الفتاوى والتعبير عن رأيهم في هذه القوانين وضرورة العودة إلى المصادر الرئيسية في استنباط الأحكام.• هل تشعرين بأن الإسلام دين محاط بمثل هؤلاء المدعين؟- أشعر بالمرارة عندما أرى الإسلام والمسلمين في قفص الاتهام، ولا مدافع عنهم، لكننا مسؤولون أمام الله أن نتخذ موقفا حاسما من هذه القضية، وأن نطبق حديث رسول الله (ص): "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان".ويجب علينا تغيير المنكر بلساننا وبأقلامنا وبكل ما أوتينا من قوة حتى نقوم بالواجب تجاه حماية العقيدة من العبث بها، وهذا واجب على كل مسلم ومسلمة، وقد شاهدت بنفسي في دول أخرى أمثال هؤلاء من أصحاب الأفكار الشاذة والذين تبرأ منهم رجال الدين وطاردتهم تلك الدول بسبب أفكارهم السامة التي ينشرونها، بينما في إندونيسيا يجدون الحماية والتأييد والاحترام على اجتهادهم، معللين بأن الدين الإسلامي العصري يستوعب كل الثقافات ولم يستوعبه أحد.