تداولات وهمية «كاذبة» مستمرة... والجهات الرقابية «متفرجة»
تعتبر أسباباً رئيسية لعزوف المستثمرين ورغم ذلك لا وجود لتحرك فعلي
هل تلتزم الجهتان الرقابيتان المسؤولتان مباشرةً عن تداولات البورصة، تماماً، بما جاء في موقعيهما الرسميين؟ وهل تداولاتنا التي نقوم بها حالياً شفافة ومنظمة وفعّالة، ومواكبة للأسواق العالمية المتطورة؟
هل تلتزم الجهتان الرقابيتان المسؤولتان مباشرةً عن تداولات البورصة، تماماً، بما جاء في موقعيهما الرسميين؟ وهل تداولاتنا التي نقوم بها حالياً شفافة ومنظمة وفعّالة، ومواكبة للأسواق العالمية المتطورة؟
عندما تم إنشاء هيئة أسواق المال، كانت أهدافها الرئيسية ترتكز على "تنظيم نشاط الأوراق المالية بما يتسم بالعدالة والتنافسية والشفافية، وتوعية الجمهور وتوفير حماية المتعاملين في نشاط الأوراق المالية، وتقليل الأخطار النمطية المتوقع حدوثها في نشاط الأوراق المالية، وتطبيق سياسة الإفصاح الكامل بما يحقق العدالة والشفافية ويمنع تعارض المصالح واستغلال المعلومات الداخلية، والعمل على ضمان الالتزام بالقوانين واللوائح ذات العلاقة بنشاط الأوراق المالية"، هذا ما نصت عليه وما تعلن عنه عبر موقعها الالكتروني الرسمي.أما إدارة سوق الكويت للأوراق المالية، فإن إعلانها في موقع السوق الرسمي ينص على أنه "مدرك لمسؤوليته تجاه دولة الكويت والمستثمرين والشركات المدرجة وسائر الجهات المعنية في أنشطة الأوراق المالية لمواكبة المعايير العالمية وأفضل الممارسات في مجال أسواق المال، وعلى ثقة تامة بقدرته على مواجهة التحديات المستقبلية من أجل تحقيق سوق عادل وشفاف ومنظّم وفعّال".
فهل الجهتان الرقابيتان المسؤولتان مباشرةً عن تداولات البورصة ملتزمتان تماماً بما جاء في موقعيهما الرسميين؟ وهل تداولاتنا حالياً شفافة ومنظمة وفعّالة ومتواكبة مع الأسواق العالمية المتطورة؟فالتلاعبات والتحايل على الجهات الرقابية في التداولات اليومية سببتا انعداماً للثقة في سوق الكويت للأوراق المالية وعزوفاً من المستثمرين - المحليين قبل الاجانب- عن السوق، والتوجه لأسواق أكثر تنظيماً ورقابةً منه، منها "دبي" والسوق السعودي، وحسب آراء مراقبين، فإن أكبر خسارة للسوق بعد الأزمة المالية العالمية هي خسارة الثقة فيه، فلم يعد المستثمرون يثقون بسوق تنقصه الرقابة الفعّالة.انتقاداتوأضاف مراقبون ان الانتقاد هنا يجب أن يُوجّه الى "هيئة السوق" و"إدارة البورصة" وذلك على الرغم من "الاجتهادات" التي دائماً ما نسمع عنها ولا نتلمسها على أرض الواقع، مستندين في ذلك على النقاط التالية:1- قلة الشفافية وضعف الإفصاحات سببان رئيسيان لفقدان الثقة، فكم من شركة ترتفع أسهمها بنسبة أكبر من 50 في المئة وبعد ذلك يتبيّن وجود سبب جوهري للارتفاع؟ فهل كان هناك تنسيق ما بين مضاربين وتنفيذيين بالشركة وبالتالي مخالفتهم للقانون؟2- التلاعبات مازالت حاضرة بقوة في التداولات اليومية، فقرار توقيف بعض المضاربين لم يجدِ نفعاً حيث استمرت ممارسات المضاربين باستعانتهم بأزواجهم أو حسابات أصدقائهم لتنفيذ مآربهم، وما الطلبات اليومية بالملايين وسحبها بثوان معدودة إلا شاهد على ذلك.3- المادة 122 من قانون هيئة الأسواق نصت على مايلي: "يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز 5 سنوات وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف دينار ولا تجاوز 100 ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من:ـ تصرف تصرفا ينطوي على خلق مظهر أو إيحاء زائف أو مضلل بشأن التداول الفعلي لورقة مالية أو لسوق الأوراق المالية عن طريق:أ - الدخول في صفقة بشكل لا يؤدي إلى تغيير فعلي في ملكية الورقة المالية.ب - إدخال أمر شراء أو بيع ورقة مالية وهو على علم أن أمرا مقاربا من حيث الحجم والسعر وزمن البيع أو الشراء لتلك الورقة المالية قد تم أو سيتم إصداره من قبل الشخص نفسه أو أشخاص يعملون باتفاق مع ذلك الشخص. ـ كل من أبرم أو أكثر في ورقة مالية من شأنها:أ - رفع سعر تلك الورقة المالية للمصدر نفسه بهدف حث الآخرين على شرائها.ب - تخفيض سعر تلك الورقة المالية للمصدر نفسه بهدف حث الآخرين على بيعها.ج - خلق تداول فعلي أو وهمي بهدف حث الآخرين على الشراء أو البيع.إذا كانت الطلبات اليومية على بعض الأسهم بالملايين ومن ثم سحبها لا يتم اعتبارها على أنها تصرف سينطوي على خلق مظهر أو إيحاء زائف أو مضلل بشأن التداول الفعلي لورقة مالية أو لسوق الأوراق المالية، فمتى سيتم اعتبارها مخالفة لهذه المادة إذاً؟4 - هل كانت هناك عمليات مبادلة مليونية بين حسابات يديرها شخص واحد عن طريق وسيط واحد أو عدة وسطاء؟ أليس إدخال أمر شراء أو بيع ورقة مالية وهو على علم بأن أمراً مقارباً من حيث الحجم والسعر وزمن البيع أو الشراء لتلك الورقة المالية قد تم أو سيتم إصداره من قبل الشخص نفسه أو أشخاص يعملون باتفاق مع ذلك الشخص، يعتبر جريمة مكتملة الأركان؟5- أليست الطلبات المليونية هي ذاتها من نفس الحسابات خلال عام 2013 ومرت على كثير من الاسهم؟ أليس من السهل للهيئة ادانة ذات الحسابات؟ كيف لنفس الحسابات أن تمارس ذات الاسلوب ولعدد كبير من الاسهم؟ وهل هؤلاء المضاربون يمتلكون تفويضاً عن من يضاربون بالنيابة عنهم؟ وإذا كانوا لا يمتلكون تفويضاً فهل شاركت مكاتب الوساطة بالجريمة؟ وهل هناك تسجيلات للمضاربين أم لا؟6 - بتاريخ ١٢/٦/٢٠١٣ أعلنت هيئة اسواق المال تقديم بلاغ لنيابة سوق المال بتاريخ 13/1/2014 عن شبهة وقوع الجريمة المنصوص عليها في المادة 122 من القانون رقم 7 لسنة 2010، بشأن قيام بعض المتداولين بإجراء صفقات في السوق الرسمي من خلال وسيط واحد، بقصد رفع سعر السهم، وحثّ المتداولين على الشراء، وذلك على سهم الشركة الخليجية للاستثمار البترولي "بتروغلف"، وبتاريخ ١٣/١/٢٠١٤ أعلنت هيئة اسواق المال تقديم بلاغ لنيابة سوق المال عن شبهة وقوع الجريمة المنصوص عليها في المادة 122 من القانون رقم 7 لسنة 2010، بشأن قيام بعض المتداولين باجراء صفقات في السوق الرسمي من خلال وسيط واحد، بقصد رفع سعر السهم، وحثّ المتداولين على الشراء، وذلك على سهم شركة صكوك القابضة، وأيضاً بتاريخ ٨/٩/٢٠١٣ قدم بلاغ آخر على سهم المستثمرون وبيت الاستثمار الخليجي ومازالت البلاغات تتوالى.تلاعب واضحفكيف تريد الهيئة أن تخلق تداولاً صحياً في ضوء التلاعب الواضح بأسهم تمت إحالة بعض تداولاتها للنيابة، أسهم لها نفس طابع التداولات المشبوهة فهل هي صادرة من نفس الشخص؟ألا يخلق هذا الجو تخوّفاً من أن يتخذ صغار المساهمين قراراتهم الاستثثمارية بناء على إشاعات وتداولات "كاذبة" و"غير قانونية" وليست على أرقام فنية صحيحة!بالتأكيد فإن مثل هذه الممارسات تشير إلى أن سوق الكويت للأوراق المالية تنقصه العديد من المبادئ والعوامل الرئيسية التي تعمل على تحويله الى سوق جاذب للمستثمرين الاجانب، بل حتى المستثمرين المحليين بدأوا باللجوء للعديد من الاسواق الخليجية الأخرى المحيطة بحثاً عن العوائد المجزية، والتي تعتبر الشفافية الإيجابية إحدى أهم أسباب تحقيقها بالإضافة إلى الرقابة السليمة والواعية من قبل إدارة السوق و"هيئة السوق"، وبالتالي الخاسر الاكبر في هذه المعادلة هو السيولة المتداولة في السوق الكويتي.