أسكتلندا المستقلة يمكنها مواصلة استخدام الجنيه لأنه أسكتلندي
استخدام أسكتلندا المستقلة للجنيه الإنكليزي كعملة لها من دون أي شكل من الوحدة النقدية مع المملكة المتحدة لن يتسم بأي رقابة على السياسة النقدية. وهذا جيد في زمبابوي، لأن آخر ما يريده أي شخص هناك هو وجود أي نوع من الرقابة الحكومية على السياسة النقدية.
يجادل زميلي تيم وورستول محقاً بأن اسكتلندا المستقلة ستظل قادرة على استعمال الجنيه الاسترليني إذا اختارت ذلك. وكما أن الولايات المتحدة لا تملك سلطة لمنع بنما والاكوادور وزمبابوي من استخدام الدولار كعملة لها، فإن بقية المملكة المتحدة لا تملك سلطة منع اسكتلندا المستقلة من استعمال الجنيه كعملة. ولكن بالمثل فإن استخدام اسكتلندا المستقلة للجنيه الإنكليزي على شكل عملة لها من دون أي شكل من الوحدة النقدية مع المملكة المتحدة لن يتسم بأي رقابة على السياسة النقدية. وهذا جيد في زمبابوي، لأن آخر ما يريده أي شخص هناك هو وجود أي نوع من الرقابة الحكومية على السياسة النقدية. ولكن اسكتلندا ليست زمبابوي: فكرة حملة الاستقلال كلها هي ان اسكتلندا يجب أن تتمكن من إدارة اقتصادها، واستعمال عملة دولة اخرى هو اتكال وليس استقلالاً.ولكن تيم أغفل شيئاً ما. ما يعنيه سالموند بكلمة "الجنيه" ليس الجنيه الاسترليني الذي ينتجه بنك إنكلترا. إنه الجنيه الاسكتلندي الذي تنتجه ثلاثة بنوك اسكتلندية هي آر بي سي، واتش بي او اس، وكلايسديل. وفي اسكتلندا تنتج هذه البنوك أوراقها النقدية الخاصة بها. وفئات العملة هي ذاتها كما في انكلترا وويلز، رغم أنها ظلت حتى وقت قريب تنتج الأوراق النقدية من فئة الجنيه الاسترليني الواحد التي استبدلت منذ زمن طويل بنقود معدنية في أماكن اخرى. وهكذا فإن لدى اسكتلندا فعلياً عملتها الخاصة التي تدعى "الجنيه". لهذا السبب يصر سالموند على أنه على اسكتلندا "الاحتفاظ بالجنيه" ولا تستطيع حكومة المملكة المتحدة منعها.
وفي الوقت الراهن تتمتع الأوراق النقدية الاسكتلندية بدعم يبلغ 100 في المئة من قبل احتياطي الاسترليني في بنك انكلترا، وهو ما يعني انها قابلة للتبادل بالسعر الأصلي مع الأوراق النقدية للمملكة المتحدة. وما تريده الحكومة الاسكتلندية هو أن يستمر تبادل الجنيه الاسكتلندي بالسعر الأصلي مع الأوراق النقدية في المملكة المتحدة بعد الاستقلال. وتفضل الحكومة الاسكتلندية بقاء بقية أنحاء المملكة المتحدة ضمن اتحاد نقدي مع اسكتلندا المستقلة. ولكن الحكومة البريطانية ومسؤولي الخزانة وبنك انكلترا وكل الأحزاب السياسية في المملكة المتحدة – التي تدرك المشاكل التي سببتها الوحدة النقدية من دون اتحاد مالي في منطقة اليورو – عارضوا ذلك التوجه.وعلى الرغم من أن العديد من اولئك الذين يحبذون استقلال اسكتلندا يتظاهرون بالتشبث بالاعتقاد بقبول السياسيين البريطانيين في نهاية المطاف بفكرة "منطقة استرليني" على غرار منطقة اليورو، فإن هذه الفكرة ليست مطروحة على الطاولة في الوقت الراهن، وليس من سبب يدفع الى الاعتقاد بأنها ستبحث في الأساس.مشكلة الجنيه الاسكتلنديهذا يطرح مشكلة الجنيه الاسكتلندي. وإذا تعذر على البنوك الاسكتلندية بعد الاستقلال الوصول إلى بنك انكلترا، فإن متطلبات الاحتياط البالغة 100 في المئة للجنيه الاسكتلندي لن تتم المحافظة عليها. وسيتعين على البنوك الاسكتلندية شراء احتياطي الجنيه الاسترليني من الأسواق المفتوحة وبمعدلات تجارية، ويفترض أن يتم ذلك عبر استخدام الجنيه الاسكتلندي الذي لا توجد أسواق له وغير مقبول على نطاق واسع الى الجنوب من الحدود. واحتياطيات تلك البنوك من الجنيه الاسترليني ستكون كافية من أجل دعم الإصدار القائم لأوراق النقد الاسكتلندية، ولكن إصدارات اضافية لن تتمتع بدعم احتياطيات. وفي تلك الحالة إما أن تخفض متطلبات الاحتياطي، أو فرض قيود نقدية حادة مشابهة لمقياس الذهب المشدد.يظن البعض أن ذلك سيكون جيداً. ويقترح داعية "العمليات المصرفية الحرة" لورانس وايت من معهد الشؤون الاقتصادية أن تتم المبادلات بعد الاستقلال بين العملات الاسكتلندية والبريطانية بالتساوي، وأن يفرض ذلك بشكل قانوني لا عبر متطلبات احتياط من 100 في المئة، وإصدار تشريع يرغم البنوك على صرف أوراق النقد من اسكتلندا والمملكة المتحدة بالسعر الأصلي. وهو يجادل في أن "العمليات المصرفية الحرة" التي يرافقها ربط محدد للعملة بالجنيه الاسترليني سيكون أفضل من وجود بنك مركزي اسكتلندي أو مجلس عملة، لأن إخراج العملة من سيطرة الحكومة سيحول دون خفض قيمتها. ولكن الجنيه الاسترليني عملة تصدرها الحكومة من غير تغطية، لذلك كيف يظن وايت أن حكومة المملكة المتحدة ستكون حامية أكثر موثوقية لقيمة عملتها من حكومة اسكتلندية مستقلة؟ولكن الأكثر من ذلك ستكون هناك تداعيات خطيرة محتملة على الاقتصاد الاسكتلندي نتيجة مثل هذه القيود النقدية المشددة. كما أن معدلات الصرف الحقيقية بين العملتين الاسكتلندية والبريطانية ستبتعد على الأرجح عن التساوي، ومن المحتمل ألا يكون ذلك لصالح اسكتلندا.ولهذا السبب سيكون الاقتصاد الاسكتلندي في وضع مشابه لأحوال محيط منطقة اليورو. وتحديد قيمة العملة بالتساوي مع عملة أقوى سيقضي على التنافسية ما لم يتم وضع رقابة على رأس المال أيضاً، كما هو الحال في الصين. والقيود على حركة الرسملة بين اسكتلندا وانكلترا ستحقق معجزات بالنسبة إلى التجارة الاسكتلندية التي يتم معظمها مع انكلترا.إن السماح بتعويم الجنيه الاسكتلندي ضد الاسترليني سيطرح مشاكل يصعب حلها أيضاً. ولا توجد في الوقت الراهن أسواق دولية للجنيه الاسكتلندي، كما أن اسكتلندا– نتيجة عدم وجود استقلال مالي لها طوال ثلاثة قرون– تفتقر الى تاريخ ائتمان. ومن المحتمل أن تنخفض قيمة الجنيه الاسكتلندي بقوة بمجرد تحرره من الاسترليني، ما قد يفضي إلى أخطار تضخم. وقد تتمكن اسكتلندا من ربط عملتها بالنفط، ولكن ذلك قد يفرز عنصر تقلب غير مرغوب بالنسبة الى قيمة العملة، ويترك الاقتصاد الاسكتلندي عرضة بشكل خطير لهزات أسعار النفط صعوداً وهبوطاً، ويبدو أنه من المحتم اقامة نوع من الربط مع الجنيه الاسترليني، أو ربما اليورو أو لدولار الأميركي. وأنا أقترح عملية تثبيت متدرجة أو مجلس عملات بدلاً من تثبيت محدد بحيث تحتفظ اسكتلندا ببعض السيطرة على سياستها النقدية.الأوراق النقدية الاسكتلنديةوتوجد أيضاً مسألة إصدار الأوراق النقدية الاسكتلندية. وليس من واحد من البنوك التي تصدر في الوقت الراهن الأوراق النقدية الاسكتلندية يتمتع بملكية اسكتلندية: تملك حكومة المملكة المتحدة 81 في المئة من آر بي اس، واتش بي او اس مملوك 100 في المئة من بنك لويدز، وكلايدسديل مملوك 100 في المئة من البنك الأسترالي الوطني. كما أن أكثرية عمليات آر بي اس، واتش بي او اس تتم في انكلترا، ويبدو من المرجح بدرجة عالية أن يعيدا الاندماج في انكلترا في حال استقلال اسكتلندا، خصوصا مع عدم وجود وحدة نقدية وضياع الوصول الى بنك انكلترا. ولكن حتى اذا لم يقدما على تلك الخطوة، فهل تحتمل الحكومة الاسكتلندية حقاً إصدار عملتها من قبل بنوك مملوكة لأجانب؟ لا أظن ذلك. وهذا ما صدر عن تصريحات اخرى من جانب سالموند ووزرائه. وهم يدعون الى "جزء من" بنك انكلترا، ومن الواضح أنهم يسعون إلى اقامة بنك مركزي.ليكن لهم ذلك، لأنه لا يوجد أي بنوك "اسكتلندية" من أي حجم، وبالتالي ستكون مؤسسة جديدة بصورة تامة. إقامة "بنك اسكتلندا الوطني" يدعم الأوراق النقدية الاسكتلندية، ولتكن رسملته الأولية حصة اسكتلندا من احتياطي الذهب والعملات الأجنبية في بنك انكلترا. ولندع اسكتلندا ترسم سياستها النقدية، بما في ذلك ربط عملتها بالجنيه الاسترليني أو غيره من العملات اذا أرادت ذلك، وعليها تحمل العواقب اذا أخطأت، فهذا ما يعنيه الاستقلال. - مجلة فوربس