قال الكاتب والمؤرخ صلاح عيسى، إن ثورات الربيع العربي افتقدت الوعي السياسي، حيث لم تضع بديلاً للأنظمة المستبدة التي كانت تحكم أخيراً، موضحاً في مقابلة مع «الجريدة» أن التوسع في المقاعد الفردية بالبرلمان المصري المقبل سيضعفه بلا شك، مطالباً التيار السلفي بالابتعاد عن الصراع السياسي والعودة إلى الدعوة الإسلامية، وشدد عيسى، رئيس تحرير جريدة «القاهرة»، على ضرورة تطوير التيار السلفي لأفكاره الأيديولوجية والسياسية المتزمتة والفتاوى التي لا تتماشى مع المنطق. وفي ما يلي نص الحوار:

Ad

• بداية كيف تُقيم «ثورات الربيع العربي»؟

- مشكلة ثورات الربيع، أنها افتقدت الوعي السياسي، فهي ثورات اتفقت على تغيير وإزاحة الأنظمة المستبدة، ولكنها لم تتفق على وضع بديل لتلك الأنظمة الاستبدادية، ما نتج عنه حالة الفوضى التي تعيش فيها الأمة العربية، خلال تلك السنوات، وصلت إلى حد الحروب الأهلية، كما يحدث في سورية الآن.

• وكيف ترى الإجراءات الأمنية التي تتخذها وزارة «الداخلية» حالياً في رقابة مواقع التواصل الاجتماعي؟

- لاشك أن فرض النظام في أي دولة يحتاج إلى المزيد من الإجراءات الاحترازية، وما دام الإرهاب يستخدم الإنترنت في ممارسة نشاطه الإجرامي، فكان من الطبيعي إذن تتبع أساليب التكنولوجيا الحديثة، من أجل التصدي للجريمة التي يتم التخطيط لها عبر هذه الشبكات، وهناك فرق بين الدفاع عن الديمقراطية والحريات العامة وبين الدعوة للفوضوية والسماح بانتشار الجريمة، ومن الطبيعي التلصص على مرتكبي الجرائم الإرهابية، ومن يتاجرون بالأعراض، ويسبون الآخرين ويشهرون بهم عبر هذه الوسائل.

• وبرأيك كيف تُقيم الانتخابات الرئاسية؟

- انتخابات قوية، ولا يمكن التشكيك فيها، ومن يصفها بالمسرحية، تيار فقد السلطة بعدما حاول احتكارها، وكل من راقب الانتخابات شهد بنزاهتها، ولا شك أن الرئيس السيسي لديه شعبية وضعته في مصاف الزعامة، لأنه اتخذ مواقف تحقق الإرادة الشعبية.

• وماذا عن أولوية الملفات التي تحتاج إلى معالجة فورية من قبل الرئيس الجديد؟

- ملف الأمن ومقاومة الإرهاب، وإعادة آلة الإنتاج للعمل، ووقف التدهور في مستوى معيشة الطبقات الكادحة والأكثر فقراً، واستعادة دور مصر في أمتها، وإعادة إحياء نظرية الأمن القومي العربي التي انهارت منذ اتفاقية كامب ديفيد، مع ضرورة الحفاظ على استقلال الإرادة الوطنية والدفاع عنها.

• كيف ترى مستقبل التيار السلفي وحزب «النور» خلال الفترة المقبلة؟

- الشعب استعاد وعيه ولم يعد يقبل أي خلط بين الدين والسياسة، فعلى هذه الجماعات أن تصير أحزابا سياسية خالصة تفصل بين ما هو ديني وما هو سياسي، أو أن تعود كجماعات دعوية، وفي هذه الحالة سيكون مطلوباً منها تطوير أفكارها السياسية والأيديولوجية المتزمتة، والتخلي عن سياسة إهمال العقل واعتماد النقل، والفقه الإسلامي لا يجعل أي تناقض بين الدولة الديمقراطية والشريعة، إلا إذا كان من يفسر هذه الشريعة يقرأها بعقل متزمت ومتشدد في الأصل، وأنصح السلفيين بأن يعودوا إلى الدعوة لأن دخولهم الساحة السياسية تم بشكل مفاجئ.

• وماذا عن شكل البرلمان المقبل؟

- في الحقيقة أنا متخوّف من تحول البرلمان المقبل إلى برلمان غير حزبي، نتيجة الدوائر الفردية وتشرذم القوى والأحزاب المدنية، ولا أتوقع في الوقت ذاته أن تكون هناك كتلة مؤثرة لأحزاب تيار الإسلام السياسي.