«جنيف 2»: إجماع على «جنيف 1»... ووفد الأسد خارج السرب

نشر في 23-01-2014 | 00:01
آخر تحديث 23-01-2014 | 00:01
• الجربا يمد يده ويدعو إلى التوقيع الفوري... والمعلم يكيل الاتهامات للمعارضة والسعودية
• كيري يستبعد الرئيس السوري من «الانتقالية»... ولافروف يحذر من استباق نتائج المفاوضات
التقت الحكومة السورية أمس للمرة الأولى مع خصومها من المعارضة وجهاً لوجه، في مؤتمر "جنيف 2"، الذي ترعاه الأمم المتحدة بهدف إنهاء الصراع المستمر منذ ثلاثة أعوام. وظهرت على الفور أدلة على وجود خلافات كبيرة ترجمها إصرار الائتلاف السوري على رحيل الرئيس بشار الأسد، وهو ما أكدته واشنطن انطلاقاً من إعلان "جنيف 1"، قابله تصعيد ورفض من وفد دمشق، وتحذير روسي من التدخل الخارجي في الشؤون السورية.

في محاولة لوضع نهاية للحرب الدائرة في سورية منذ ثلاث سنوات، بدأت وفود نحو 40 دولة وممثلون عن أهم ثلاث كتل سياسية في العالم، تحت مظلة الأمم المتحدة أمس، بحث مصير سورية، وسط إجماع على جعل مؤتمر «جنيف 2»، امتدادا واستكمالا لإعلان «جنيف 1»، الذي صدر في 30 يونيو 2012، ونص على تأليف حكومة انتقالية ذات صلاحيات كاملة كأساس للتفاوض بين النظام السوري ومعارضيه.

وفي جلسة ماراثونية ساخنة، افتتح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أعمال المؤتمر في مدينة مونترو السويسرية، وألقى بيان المنظمة الدولية، الذي دعا نظام دمشق والمعارضة في المنفى إلى انتهاز الفرصة المتاحة لهما من أجل ايجاد حل للنزاع.

وشدد كي مون على أنه «لا بديل عن وضع حد للعنف»، مضيفا: «نواجه تحديات استثنائية وهذا المؤتمر يشكل فرصة ليظهر السوريون وحدتهم»، داعيا الخصمين تحديدا إلى «انطلاقة جديدة»، محذرا من تضييع الفرصة بقوله: «كم من القتلى سيسقطون في سورية بعد إذا أهدرت هذه الفرضة؟».

وأعقب كلمة كي مون بيان روسيا، الذي ألقاه وزير خارجيتها سيرغي لافروف، ثم بيان الولايات المتحدة وألقاه جون كيري، بينما طرحت الحكومة السورية موقفها امام المؤتمر ببيان لوزير خارجيتها وليد المعلم شهد جملة من العبارات التصعيدية، وخروجا عن العملية قيد البحث.

ورد في المقابل رئيس وفد المعارضة أحمد الجربا طالبا من وفد الأسد التوقيع الفوري على وثيقة «جنيف 1»، من أجل «نقل صلاحيات» الأسد إلى حكومة انتقالية، بينما رأى وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل انه «لا مكان للرئيس السوري بأي موقع في مستقبل سورية».

كيري

واكد وزير الخارجية الأميركي، في كلمته، أن الأسد لا يمكن أن يشارك في الحكومة الانتقالية في سورية، مضيفا: «علينا أن نتعامل مع الواقع بأن التوافق المتبادل حول جنيف 1 هو الذي جاء بنا جميعا الى هنا، وهو حكومة انتقالية، يعني أن الحكومة لا يمكن أن يشكلها شخص يعترض عليه أي من الطرفين».

وأوضح كيري أنه «لم يعد بوسع رجل واحد وأولئك الذين دعموه احتجاز بلد بكامله والمنطقة رهينة»، مشددا على أن هناك طريقا الى الامام حددها بيان مؤتمر جنيف 1، الذي اعتبره «خارطة طريق سلمية لعملية انتقالية، والعثرة الوحيدة التي تقف في طريقها هي تمسك رجل واحد، عائلة واحدة بالسلطة».

لافروف

وفي كلمته، حذر وزير الخارجية الروسي «من محاولات استباق نتائج الاتفاق أو تعطيل المحادثات»، داعيا إلى إدراج جماعات المعارضة في سورية، المهتمة بالمشاركة في جنيف 2، في عملية التفاوض، وكذلك إدراج إيران في جهود تنفيذ بيان جنيف 1 دون أي محاولات لتفسير هذه الوثيقة بأي شكل».

وكرر لافروف موقف موسكو بضرورة عدم تدخل «لاعبين خارجيين» في شؤون سورية الداخلية، معتبرا أن المهمة الرئيسية للمؤتمر هي انهاء الصراع، ومنع امتداده لدول أخرى، وتحول سورية إلى مركز للإرهاب الدولي.

المعلم

أما وزير الخارجية السوري فرسم صورة لأعمال وحشية يرتكبها مقاتلو المعارضة الذين وصفهم «بإرهابيين» مدعومين من دول تحضر «جنيف 2»، وأصر على أن الأسد لن يرغمه أجانب على التنحي.

وقال المعلم، مخاطباً كيري، «لا أحد فى العالم سيد كيري له الحق فى إضفاء الشرعية أو عزلها أو منحها لرئيس أو حكومة أو دستور أو قانون أو أي شيء في سورية إلا السوريين أنفسهم، وما سيتم الاتفاق عليه سيخضع للاستفتاء الشعبي».

واعتبر ان من يريد «التحدث باسم الشعب يجب ألا يكون خائنا وعميلاً». وقال، متوجها الى المعارضة، «ماذا فعلتم وأين أفكاركم وبرنامجكم عدا الإرهاب؟».

وشن المعلم هجوما لاذعا على دول الخليج الداعمة للمعارضة السورية وخص السعودية، التي اتهمها بتصدير الإرهاب، ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، مؤكدا أن «كل ما سبق لم يكن ليتحقق لولا حكومة أردوغان التي فرشت أرضها للإرهابيين تدريباً وتسليحاً».

الجربا

في المقابل، دعا أحمد الجربا الوفد الحكومي، المشارك في المؤتمر، الى توقيع وثيقة «جنيف 1» من اجل «نقل صلاحيات» الأسد الى حكومة انتقالية، مضيفا: «نوافق بشكل كامل على مقررات جنيف 1، ونريد أن نتأكد إن كان لدينا شريك سوري في هذه القاعة مستعد لأن يتحول من وفد بشار إلى وفد سوري وطني مثلنا».

وزاد الجربا، في كلمته الافتتاحية، «إنني أدعوه الى التوقيع الفوري على وثيقة جنيف 1 بحضوركم جميعا الآن، لنقم بنقل صلاحيات الأسد كاملة، بما فيها الصلاحيات التنفيذية والأمن والجيش والمخابرات إلى هيئة الحكم الانتقالية التي ستضع اللبنة الأولى في بناء سورية الجديدة».

واردف: «سؤالي واضح ومباشر: هل لدينا هذا الشريك؟»، للتوقيع على الوثيقة، التي تنص على تشكيل حكومة انتقالية من ممثلين للنظام والمعارضة بصلاحيات كاملة تتولى المرحلة الانتقالية.

واستدرك الجربا: «حضرنا إلى جنيف استنادا الى موافقتنا الكاملة على نص الدعوة التي وصلتنا من السيد بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، والتي تنص على تطبيق وثيقة جنيف 1، وإنشاء هيئة الحكم الانتقالية التي هي موضوع مؤتمرنا هذا، وهي موضوعه الوحيد».

وأوضح أن المعارضة تعتبر هاتين النقطتين «مقدمة لتنحية بشار الأسد ومحاكمته مع كل من أجرم من رموز حكمه، وأي حديث عن بقاء الأسد بأي صورة من الصور في السلطة هو خروج بجنيف 2 عن مساره».

الفيصل

بدوره، دعا وزير الخارجية السعودي إلى انسحاب كل القوات الأجنبية من سورية، بما في ذلك حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني، مشددا على أنه لا يمكن أن يكون للأسد ومن لطخت أيديهم بالدماء دور في المرحلة الانتقالية في سورية.

وطالب الفيصل، في كلمته، بـ»تشكيل حكومة انتقالية في سورية تتمتع بالصلاحيات الكاملة»، مشددا على ضرورة فك الحصار عن المدن، وإطلاق سراح المعتقلين من النظام السوري، وإيجاد ممرات آمنة لإيصال المساعدات بإشراف دولي»، معتبرا ان من شأن ذلك أن يساهم في «تقرير الشعب السوري مصيره بعيدا عن التدخلات الخارجية».

ورأى أنه «لابد من الالتزام ببنود مؤتمر جنيف 1 وتنفيذها»، محذرا من «إبعاد جنيف 2 عن أهدافه، وتلميع صورة النظام السوري وإظهاره بأنه يقاتل الإرهاب».

تصعيد ورد

وعلى هامش المؤتمر، شدد وزير الإعلام السوري عمران الزعبي على أن الأسد «لن يرحل». وقال، بعد توقف المؤتمر في استراحة، «بعض الكلمات بدا وكأن المتحدثين هم سفراء لمنظمات إرهابية لا ممثلين لدول».

وأضاف الزعبي: «نحن باقون في المؤتمر، وجئنا الى هنا لكي ينجح المؤتمر»، مبينا ان «المسألة لا تتعلق بأسبوع وجلسة. هذا مسار سياسي وخطوات سياسية تحتاج الى وقت لكنها شيء ومحاربة داعش وجبهة النصرة والمنظمات الارهابية شيء آخر».

وتصدت واشنطن للهجة النظام السوري، وانتقدت بشدة «الخطاب التصعيدي» لوفده خلال افتتاح المؤتمر. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية جين بساكي: «بدلا من تحديد رؤية إيجابية لمستقبل سورية متعددة تضم كل الاطراف وتحترم حقوق الجميع، فضل النظام السوري القاء خطاب تصعيدي».

وذكرت بساكي أن «الظروف المدمرة التي خلقها النظام على الأرض لن تتغير عبر كلمات غير دقيقة، ستتغير فقط عبر تطبيق بيان جنيف بما يشمل تشكيل حكومة انتقالية.

(برن، جنيف - أ ف ب، رويترز، يو بي آي، د ب أ، كونا)

تظاهرات مؤيدة ومعارضة خارج القاعة

على بعد خطوات من مقر اجتماعات مؤتمر جنيف 2 في مدينة مونتيرو السويسرية، الذي يلتقي فيه الفرقاء السوريون، شهدت الشوارع المحيطة بالمقر هي الأخرى أمس انقسام أبناء الجالية السورية في سويسرا بين مؤيد ومعارض لحكم الرئيس بشار الأسد. وفي حين تظاهر العشرات من المؤيدين للنظام حاملين العلم السوري وصور بشار، وساندهم بعض من أبناء الجالية اللبنانية حاملين الأعلام اللبنانية وصور السيد حسن نصرالله، تجمع على بعد أمتار منهم أنصار المعارضة حاملين علم الثورة ومرددين شعارات تطالب برحيل النظام.

back to top