القروض المتعثرة... تعود إلى ما قبل الأزمة المالية

نشر في 13-07-2014 | 00:11
آخر تحديث 13-07-2014 | 00:11
No Image Caption
قرارات «المركزي» وشطب الديون والتسويات خفضتها ملياري دينار في 4 سنوات

عانت البنوك الكويتية، في أعقاب اندلاع الأزمة المالية العالمية، مشكلة الديون المتعثرة، الأمر الذي دفع البنك المركزي إلى فرض مخصصات احترازية لكل الديون المشكوك في تحصيلها، وهو ما أثقل كاهل هذه البنوك، وأثر سلباً على أرباحها بدرجة كبيرة.
نجحت السياسية التي انتهجها بنك الكويت المركزي في تحقيق أهدافها بخفض نسبة القروض المتعثرة لدى البنوك المحلية من 11.5 في المئة في عام 2009 إلى 3.2 في المئة نهاية 2013، لتعود إلى مستويات ما قبل الازمة والتي بلغت في 2007 نحو 3.1 في المئة، وذلك بفضل الإجراءات والضوابط التي وضعها "المركزي" لتقليص هذه النسبة للوصول بها إلى 2 في المئة حتى 2016.

ويرى مصرفيون أن "المركزي" قادر على تحقيق النسبة المستهدفة قبل التاريخ المخطط لها، مشيرين إلى ان القروض المتعثرة، حسب البيانات الاخيرة لـ"المركزي" انخفضت من 2.99 مليار دينار في 2009 إلى 2.5 مليار دينار في 2010 ثم انخفضت مرة أخرى إلى 1.7 مليار دينار في 2011، و1.45 مليار دينار في 2012 لتصل إلى 948 مليون دينار في نهاية 2013، وبذلك تكون قد فقدت نحو ملياري دينار خلال أربع سنوات.

إجراءات "المركزي"

وكانت البنوك الكويتية قد عانت في أعقاب اندلاع الازمة المالية العالمية في منتصف عام 2008 مشكلة الديون المتعثرة، الامر الذي دفع بنك الكويت المركزي إلى فرض مخصصات احترازية لكل الديون المشكوك في تحصيلها وهو ما أثقل كاهل هذه البنوك وأثر سلبا بدرجة كبيرة على أرباحها، ولكنه في الوقت نفسه نجح في تقليص نسبة القروض غير المنتظمة لدى القطاع المصرفي وهي النسبة التي تعد أكبر نسبة مؤثرة على تقييم المركز المالي لأي بنك، وبالتالي تقييم الموقف المالي للقطاع البنكي والدولة التي ينتمي اليها.

المخصصات الاحترازية

ومع الانخفاض الكبير الذي شهدته نسبة القروض المتعثرة، تراجعت بالتبعية نسبة المخصصات الاحترازية التي يتم تجنيبها مقابل هذه القروض، كما أصبحت المحافظ الائتمانية لدى البنوك في وضع صحي أفضل.

وأكدوا أن وضع أغلب الشركات الكويتية أصبح الآن في وضع أفضل بكثير من السنوات التي تلت 2009 ووصلت الى مرحلة قريبة من التعافي من الازمة، ولكن الامر يختلف من شركة الى أخرى، فهناك شركات لديها علامات استفهم على مستقبلها وهناك شركات اخرى نجحت في العودة إلى أداء جيد يقارب أداءها قبل الازمة، وهناك شركات ستعود ولكن بشكل جديد بعد إعادة هيكلة انشطتها ونموذجها الاستثماري.

وحسب بيانات "المركزي" واصلت البنوك تخفيض التسهيلات التي تقدمها إلى شركات الاستثمار خلال الشهور الاربعة الاولى من 2014، حيث بلغ الانخفاض منذ بداية العام حتي نهاية ابريل الماضي نسبة 7.53 في المئة وبقيمة 117.6 مليون دينار لتنخفض من 1.612 مليار دينار إلى 1.494 مليار دينار.

أسباب الانخفاض

عزا الخبراء هذا التراجع الكبير في نسبة القروض المتعثرة إلى عدد من الخطوات الهامة التي تم اتخاذها خلال الفترة الماضية، ومن أهمها:

- قرارات "المركزي": نجح البنك المركزي في وضع ضوابط وإجراءات قلصت من هذه النسبة كان اهمها اجباره البنوك على وضع مخصصات احترازية عن هذه الديون، بالاضافة الى قيامه بالتفتيش عن عقود التمويلات المخالفة وتغريم البنوك عن المخالفات التي وجدها، ووضع ضوابط مشددة للضمانات مقابل القروض، اضافة الى وضع ضمنات لقروض الافراد.

- شطب الديون: قدرت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني ان تكون البنوك قد شطبت نحو ملياري دينار، أي نحو 70 في المئة من إجمالي القروض المتعثرة التي سجلت في دفاترها في ذروة الأزمة.

- تسويات: نجحت كثير من الشركات في  توقيع اتفاقيات إعادة الهيكلة والتي جعلتها تستطيع سداد التزاماتها وتخرجها من الازمة التي عصفت بها.

- نمو الأصول: حققت مؤشرات جودة الأصول تحسنا ملحوظا خلال السنوات الاربع الماضية، كما شهد سوق الاسهم تحسنا نسبيا في عدد من الفترات وهو ما ساعد الكثير من الشركات على الخروج من كبوتها خلال الازمة المالية عبر بيع بعض هذه الاصول لسداد التزاماتها.

- طرح المشاريع الحكومية: قامت الحكومة خلال العام الماضي بطرح العديد من المشروعات والتي بدأ العمل في بعضها بالفعل مما انعكس ايجابا على وضع الشركات الكويتية لتعود إلى تحقيق ارباح مرة اخرة والوفاء بالتزاماتها.

قانون الإفلاس

وأكدت مصادر أن اصدار قانون الافلاس أو "الاعسار المالي" التي تنوي وزارة التجارة اطلاقه سيؤدي إلى مرونة وشفافية أكثر في العديد من الشركات المتعثرة لتمكينها من التعامل مع دائنيها وكفالة حقوقهم في الوقت نفسه بطريقة قانونية، كما سيرفع عدد الشركات التي ستتجه إلى الافلاس أو التصفية خلال العام الحالي، ويخفض من نسبة القروض المتعثرة.

ويتضمن قانون الاعسار المقترح اربعة محاور رئيسية هي: وضع آلية مستعجلة لايجاد حلول خارج اطار المحاكم للديون المتعثرة لمعالجة مشاكل السداد القائمة بين شركات الاستثمار والشركات المتعثرة ودائنيها، واقرار قانون لاعادة تأهيل وتصفية الشركات المتعثرة ووضع دليل قضائي مفصل لشرح الاجراء الجديد، كما ينص الاقتراح على قانون "المعاملات المضمونة للأصول المنقولة" يتماشى مع المبادئ الدولية للممارسات الجيدة من جهة وخصوصيات البيئة المالية والاقتصادية لدولة الكويت من جهة أخرى، أما المحور الرابع فيهدف إلى انشاء سجل الكتروني للمعاملات المضمونة ومكتب ائتمان وذلك بناء على متطلبات القطاع المصرفي في الكويت وانطلاقا من الآليات والنظم الموجودة والجاري العمل بها.

صيرفة الظل

وحذر مصرفيون من تفاقم مشكلة جديدة تتمثل بانتشار ظاهرة التمويلات من خارج القطاع المصرفي (صيرفة الظل)، والتي تكون فيها الجهات المانحة لهذه التمويلات عبارة عن شركات مقاولات او شركات استيراد وتصدير، ليست تحت رقابة "المركزي"، وتقوم بنشر اعلانات في الصحف ووسائل الاعلام حول إمكانية تقديم قروض وتمويلات، مبينة أن تشدد البنوك في تقديم التسهيلات إلا بضمانات قد تكون صعبة بالنسبة للكثير من الشركات أو الافراد المتعثرين مما يجعلهم يلجأون إلى الحصول عليها من خارج الجهاز المصرفي.

وأكدوا أن هذه الظاهرة قد تؤدي إلى حدوث فقاعة جديدة للديون والقروض المتعثرة، خاصة وأن عدم خضوعها للرقابة قد يؤدي إلى حدوث مشاكل كبيرة أغلبها سيصل إلى النزاع القضائي، كما تساهم هذه التمويلات في نمو عدد من الجرائم المالية أهمها غسل الاموال.

back to top