في مقدمته، يعرّف لعيبي الكتاب بأنه في مواجهة العنف والحقد والاحتقان والحروب المشتعلة في عالمنا العربي، بدأ، مع مجموعة، نشر شذرات أدبية لكبار مفكري العالم وفنانيه وكتابه ضد الحرب، في أحد وسائط التواصل الاجتماعي. بعد انتهائها، كان من الضروري والمنطقي متابعتها بشذرات أخرى، في الاتجاه الآخر الداعي إلى الحب والجمال والصداقة، وكل ما يتعلق بها من مواضيع، لتذكير العالم بأننا بحاجة مطلقة إلى أن نرفع أصواتنا عالياً، في ما تيسر لنا من منابر، ضد القتل، ونعلن أننا بالأحرى مع الحب والمحبة الروحية والحسية.
يتابع لعيبي أن هذه المقتطفات المختصرة، جلبت انتباه العشرات، إن لم يكن المئات، من المتابعين اليوميين على وسيط التواصل ذاك، في الغالب، بسبب توترها وكثافتها واختصارها وإلماحيتها وعمق غالبيتها وطرافة بعضها، لكن، أيضاً، لأنها تستجيب للحظة متوترة يحتاج الجميع فيها إلى الحب والحنان والرأفة العاطفية والجسدية. هكذا ظهرت الفكرة وتطورت لتصبح مشروعاً.ما هو الحب؟في مفهوم الحب وتعريفه عند العرب، يورد شاكر لعيبي مجموعة تعريفات لعل أبرزها عند ابن حزم في كتابه {طوق الحمامة}، ويقول: {المحبة أنواع، وأفضلها المتحابين في الله، ومحبة القرابة، ومحبة الألفة والاشتراك في المطالب، ومحبة التصاحب والمعرفة، ومحبة البر يضعه المرء عند أخيه، ومحبة الطمع في جاه المحبوب، ومحبة بلوغ اللذة وقضاء الوطر، ومحبة العشق التي لا علة لها إلا اتصال النفوس المقسومة. وكل هذه الأنواع تتغير بتغير أسبابها إلا محبة العشق الصحيح فهي التي لا فناء لها إلا بالموت}.لاحقاً أنتجت الثقافة العربية، خصوصاً الصوفية، تأويلات عدة لمعنى الحب ودرجاته، ومنحت لكل درجة معنى، ومنها الصبابة وهي الشوق، الهوى وهي محبة الإنسان الشيء وغلبته على قلبه، العلاقة وهي الحب والهوى الملازم أبداً للقلب، الجوى وهو تحول الحب إلى داء طويل الأمد، الخلة وهو الخليل المحب الذي ليس في محبته خلل، الكلف وهو الولوع بالشيء مع شغل القلب ومشقته، العشق وهو تجاوز المقدار في الحب، الشغف وهو الحب الشديد الذي يتمكن من سواد القلب، الشعف هو الشفاف داء القلب إذا اتصل بالطحال قتل صاحبه، التتيم هو ذهاب العقل من الهوى، والبتل هو إذا غلب الحب وهيّم، الوله هو ذهاب الفؤاد من هم أو نحوه، والهيام هو وصول الحب إلى مستوى الجنون.مجازي وحقيقييشير لعيبي إلى قضية الحب المجازي والحب الحقيقي. كان بعض العرب القدامى يفضل المجازي على الحقيقي، خصوصاً رفضه للحقيقي كلما تعلق الأمر بالمقدس أو المحرم. كان يفضل بالأحرى حباً مجازياً على حب واقعي، على غرار {هذا جبل يحبنا ونحبه}، في هذا المثل رُفض المعنى الحقيقي للكلمة، وفسره البعض أننا نحب أهل الجبل وهم يحبوننا، أو أننا نحب الجبل لأنه أرض من نحب. فضل بعض الشعراء، أيضاً، الحب الحقيقي، لجبل أو زهرة أو حائط أو امرأة، حتى لو استخدم المجاز والاستعارة في وصفه. وفي التراث العربي، عند الجاحظ مثلاً وابن حزم، يتواتر الحديث عن السقوط في عشق صورة، خصوصاً صورة المحبوب.يضم الكتاب حوالي 1400 عبارة أو شذرة أو مقولة عن الحب، جمعت من مصادر وثقافات عدة، تتناول موضوع الحب بشكل أساسي، وعشرات المواضيع التي تتفرع منه، أو تتعلق به، من الإغراء والخيانة والإخلاص والقُبل، إلى الغيرة والجنس والخجل والغزل والعفة وغيرها الكثير من المواضيع. لكن اللافت في الكتاب، أن كل عبارة منسوبة إلى صاحبها وليست مجهولة المصدر.في ما يلي بعض العبارات الواردة في الكتاب:في نظرة واحدة يمكن أن تقع الكثير من الأشياء. يمكن أن نفهم وأن نكره، ويمكن أن تنطوي على الإغراء... بجزء من الثانية.على المرأة أن تكون مثقفة بما يكفي لإغراء رجال أغبياء، ومبتذلة بما يكفي لإعجاب الرجال المثقفين.ليس صعباً البتة إغراء شابة، لكن من الصعب إيجاد واحدة تستحق عناء الإغراء.كل زهرة تجتذب ذبابتها.الزواج الناجح قد يكون المنسي: في النهار عشاق وفي الليل أزواج.يمكن أن يقضي المرء سنوات طوال مع زوجته ومن ثم يصاب رويداً رويداً بالصمم.النظرة أكبر سلاح للغنج العفيف. نستطيع قول كل شيء بالنظرة ورغم ذلك نستطيع دائماً نفي النظرة.القبلة هي الوسيلة المضمونة للصمت ونحن نقول كل شيء.القبلة تفعل ضجيجاً أقل من المدفع لكن صداها يدوم وقتاً أطول.الحب الأفلاطوني هو الزمن الذي يفصل اللقاء الأول عن القبلة الأولى.يتحقق الإخلاص الزوجي عندما يكون الحب أقوى من الغريزة.المخلصون في الحياة الزوجية لا يعرفون من الحب إلا تفاهته.من الحب تولد الغيرة، لكن من الغيرة يموت الحب.في الغيرة ثمة حب للذات أكبر من الحب.من اللطيف أن يفوز الرجل بزوجة غيورة، سيسمع دوماً حديثاً يحبه.النساء يصقلن جميع الوسائل صقلاً، وهن المدرّسات الحقيقيات للذوق السليم، والمحرضات على جميع أنواع التفاني. من يعتز بهن من النادر أن يكون همجياً.حب المراهق ماء في سلة.حباً بوردة، البستاني يصبح خادماً لألف شوكة.الحب حديقة مزهرة، بينما الزواج حقل قراص.
توابل
«أنطولوجيا الحب» لشاكر لعيبي شذرات الخجل والغزل والعفة
14-04-2014